كتبت إيلده الغصين في صحيفة “الأخبار”:
افتتحت المحكمة العسكريّة، باكراً، موسم استدعاءات العام 2021. وبدأت تبليغ عددٍ من ناشطي الحراك، أخيراً، بمذكرات جلب، طالبةً منهم الحضور إليها في تواريخ متفاوتة من نيسان من العام المقبل! المذكّرات صدرت على خلفيّة دعاوى مقامة من طرف الحقّ العام، بالمادتين 381 و733 من قانون العقوبات، بجرمي «معاملة العناصر بالشدّة وإحداث تخريب». ونبّهت المحكمة المدعى عليهم، في حال تخلّفهم عن الحضور، بأنهم سيحاكمون غيابياّ وفقاً لأحكام المادة 165 من أصول المحاكمات الجزائيّة.
بالنظر إلى «سوابق» المستدعين، فإنهم ممن تُركوا بسندات إقامة، بعد توقيفهم على خلفيّة التحرّكات أمام ثكنة الحلو، ليل الأربعاء 15 كانون الثاني الماضي، التي تحوّلت حينها، إلى «ساحة معركة» مارست خلالها عناصر مكافحة الشغب مخالفات مسلكيّة وتعرّضت للمتظاهرين والصحافيين… ونتج عنها عشرات الجرحى من المدنيّين. وللتذكير أيضاً، فإن تحرّكات الأربعاء، جاءت حينها، لتحرير 59 اعتقلوا بشكل عشوائي ليل الثلثاء.
تحريك المحكمة العسكريّة ملفات من تُركوا بسندات إقامة حينها، وتحديدها تواريخ محاكمتهم في العام المقبل، رغم كلّ ما تمرّ به البلاد، يعني أن «الحقّ العام» للعسكريّين لا يضيع لدى القضاء العسكري. لكنّ أين حقّ المواطنين والمحتجّين والمتظاهرين ممن اعتدت عليهم العناصر بالشدّة المُفرطة؟ وأين هي نتائج التحقيقَين الداخليَّين الوحيدين اللذين فتحتهما كلّ من المديريّة العامة لقوى الأمن الداخلي وفرع التحقيق في مخابرات الجيش؟ أضف أنّ «طبيعة عمل المحكمة العسكريّة، تمنع المدّعى عليه من الادعاء شخصياً على العناصر في حال كانوا قد اعتدوا عليه»، وفق المحامي مازن حطيط. كما أنّ «المحاكمات في المحكمة العسكريّة ليست علنيّة ولا وجاهيّة، بل ثمة فريق واحد يحكم لصالح العسكري وليس المدنيّ… فيما يُطرح السؤال حيال حياديّة هذه المحكمة واختصاصها وعدم مخالفتها قواعد القانون العام».
«يا مين يعيش!»، يعلّق أحد المبلّغين. أولئك «بلغ عددهم نحو 20 شخصاً»، ممن علمت بهم لجنة المحامين للدفاع عن المتظاهرين، فيما يتضح من تحريك الملفات بأنّ التبليغات «ستطاول العشرات ممن تبلّغوا ولم يتواصلوا مع اللجنة أو ممن سيتمّ تبليغهم في الأيام المقبلة». في حين أكّدت مصادر المحامين أن «تحريك الملفات بهذا التوقيت، والاستعجال بالتبليغ قبل سنة من تاريخه، هدفه تخويف المدعى عليهم وبث الرعب في نفوسهم، وإيهامهم بأنهم ملاحقون ومراقبون، وأن أي نشاط في الشارع محسوب عليهم».
الاستعجال بالتبليغ قبل سنة هدفه تخويف المدعى عليهم
ومن بين المستدعين، مسؤول بيروت في قطاع الشباب والطلاب في الحزب الشيوعي اللبناني محمد بزيع الذي – للمفارقة – لم يكن من بين معتقلي احتجاجات ثكنة الحلو. بل اعتقل في 11 شباط الماضي، خلال الاحتجاجات الشعبيّة على انعقاد جلسة التصويت على الثقة لحكومة حسان دياب. اعتقاله تمّ، من دون مبرّر واضح، في محيط مبنى الإسكوا في وسط بيروت، بعدما كان يتحدّث للعسكريين عبر مكبر الصوت. وبعكس ما نُسب إليه في الاستدعاء (التعرّض بالشدّة للعناصر وإحداث تخريب)، فإنّه هو من تلقّى، حينها، الضرب من عناصر مكافحة الشغب خلال اقتياده بشكل علنيّ وخلف الآليّة العسكريّة.