Site icon IMLebanon

رسالة من رئيس الـ”LAU” كي لا “نخسر شبابنا”

تحمل الجامعة اللبنانية- الأميركية (LAU) على كاهلها رسالة خدمة المجتمع، من خلال النهوض بمسؤولية التعليم الجامعي للشباب والشابات بعزم وشجاعة ومحبة. ورغم كل التوترات السياسية والأزمات الاقتصادية وتفشّي فيروس «كورونا»، أصرّت الجامعة على رفع راية الأمل في قلوب طلابها وأساتذتها واداريّيها، واستطراداً، في قلب ووجدان كل مواطن لبناني، انطلاقاً من فكرة أنّ الحياة لا بدّ ان تستمر اياً كانت الصعاب، وأنّ صمود المؤسسات التعليمية الجامعية في لبنان، هو من صمود الوطن وتأمين مستقبل أجياله ونجاحهم.

يحمل رئيس الجامعة اللبنانية- الأميركية LAU الدكتور جوزف جبرا راية الأمل، مع ادراك عميق لحجم التحدّيات التي تواجه مؤسسات التعليم الجامعي العريقة في رسالتها، وهو يكرّر في حوار مفتوح وهادئ مع «الجمهورية»، أنّ «الجامعة وُجدت لخدمة المجتمع، ولن تتراجع عن اداء هذه الرسالة اياً كانت الظروف الاستثنائية التي يمرّ بها لبنان، لذلك كان الإصرار على تأمين التعليم للطلاب بهدف عدم اضاعة الوقت الثمين في مسار حياتهم الجامعية».

انكبّت الجامعة على تحقيق رسالتها على مسارين، الاول اكاديمي علمي رفيع، من خلال الحرص على التعليم عن بُعد. والمسار الثاني من خلال دعم الطلاب ومساندتهم في تجاوز الاوضاع الاقتصادية الضاغطة، وبادرت الى تخصيص 50 مليون دولار من ميزانية الجامعة العام الفائت لمساعدة الطلاب على تحمّل اعباء المرحلة الضاغطة. كذلك أطلقت «صندوق الطوارئ»، الذي يختصر فكرته الدكتور جبرا بكلمات معبّرة: «اطلقنا فكرة الصندوق كي لا نخسر جيلاً كاملاً من الطاقات والقدرات العلمية الشابة التي يعوّل عليها في بناء الحاضر والمستقبل». واضاف: «خاطبنا اصحاب الهمم والضمائر، وناشدنا كل من يعنيه الامر، ان يعي اهمية مساندة الطلاب الجامعيين ودعم هؤلاء الشباب والشابات الجامعيين الذين يمثلون شعلة الأمل للبنان».

 

من كل انحاء العالم

تلقّى ويتلقّى «صندوق الطوارئ» المساعدات من كل أنحاء العالم، ويؤكّد الدكتور جبرا في هذا الإطار، «أنّ عدد المحسنين كبير، وبعضهم غير معروف من قِبلنا، لكنهم يتبرعون، إيماناً منهم بأهمية العلم اولاً، ونظراً لثقتهم بجامعة LAU ولأنّهم يعرفون جيداً أنّ كل قرش يدفعونه يذهب لمساعدة الطلاب المحتاجين دون شك. فالجامعة تتبع مبادئ الشفافية وتُصدر تقريراً سنوياً بأسماء المتبرعين وأرقام مساهمتهم، إضافة الى أعداد المستفيدين من الطلاب، ما يعزّز ثقة المتبرعين ويتجلّى في الزيادة في المساعدات للطلاب». وخلص جبرا الى شكر كلّ المساهمين، «سواء تبرّع بدولار أو بـ100 ألف دولار»، مع الاشارة إلى أنّ حجم التبرعات الى «الصندوق» وصلت حتى الآن الى مبلغ 450 ألف دولار، والرقم مرشح للارتفاع حتماً، نظراً الى الرسالة الانسانية التي يهدف اليها.

صندوق رئيس الجامعة

 

اضافة إلى «صندوق الطوارئ» بادرت LAU الى تأسيس «صندوق رئيس الجامعة»، لمن يرغبون بالتبرّع دون ذكر أسمائهم. مع الاشارة الى انّ هذا «الصندوق» يُستخدم للتجاوب مع أكبر عدد من الطلاب المحتاجين، الذين ارتفعت نسبتهم الى 35 في المئة واكثر. ويوضح رئيس الجامعة، «أنّ بعض الطلاب قد يحتاجون احياناً الى مبلغ صغير، يتراوح بين 500 أو 1000 دولار على سبيل المثال، لتسديد كامل قسطهم الجامعي، وهذا ما يهتم بمعالجته «صندوق رئيس الجامعة»، حيث نطلب من الطالب في المقابل أن يفكّر بمن أحسن إليه، وأن يُعطي ويُحسن بدوره للآخرين، بعد أن يتخرّج وينجح في الحياة». ويضيف جبرا: «تتولّى لجنة مختصة متابعة طلبات المساعدة المقدّمة للتأكّد من حقيقة احتياجات طالب المساعدة، من خلال معاينة اوضاعه المالية الشخصية والعائلية والمجتمعية. وتجدر الاشارة الى انّ الجامعة تقدّم مساعدات بنسبة 30 في المئة، وفي حال لم يتمكن الطالب من تسديد كامل المبلغ فعندها تتمّ مساعدته من «صندوق الرئيس».

الصمود

يشدّد الدكتور جبرا على أنّ «الجامعة اللبنانية- الاميركية LAU مستمرة اياً كانت الصعاب والتحدّيات، والاقفال غير وارد أبداً أبداً»، ويقول بكثير من الاصرار: «حتى أننا لا نحاول أن نصرف أحداً من موظفينا أو أساتذتنا». ويوضح أنّ «قدرة الجامعة على الصمود حالياً تعود إلى الوعي المالي الذي تمتّعت به الإدارة منذ تأسيسها، حيث عملنا دائماً بالمثل اللبناني «على قد بساطك مد رجليك»، وادخرنا القرش الأبيض لليوم الأسود، وها قد وصلنا الى اليوم الأسود، وكنا مستعدين له».

اما الخبر الجيد الذي يكشف عنه جبرا، فيتمثل في اعداد الطلاب والطالبات الذين تقدّموا بإستمارات للدخول الى الجامعة وتجاوز عددهم الـ 4500 بعدما تبيّن لهم وعلى ما يقول جبرا « أنّ LAU تهتم بهم فعلاً وترعى شؤونهم وتعمل بكل طاقاتها ليتمكنوا من إكمال تعليمهم الجامعي والعالي».

تسهيلات

ويُذكَر أنّ التفاعل مع الطلاب في LAU لا يتمّ فقط من خلال منحهم مساعدات مالية على مستويات عدة، بل أيضاً عبر تسهيلات في الدفع، إذ يمكنهم أن يدفعوا بالدولار أو بالليرة اللبنانية. ورغم تراجع سعر صرف الليرة اللبنانية مقارنة مع الدولار إلّا انّ الجامعة لا تزال تعتمد سعر الصرف الرسمي 1515 ل.ل، ولم تُعلن عن أي زيادة على الأقساط حتى تاريخه. ويؤكّد رئيس الجامعة أنّ التسجيل للعام المقبل يتمّ وفق سعر الصرف الرسمي الذي سيُعتمد خلال الفصل الأول من العام المقبل.

كما تعتمد الجامعة تقسيط الأقساط، فمن لا يمكنه أن يدفع حالياً يمكن أن يدفع في المستقبل، مع العلم أنّ الجامعة تتحمّل عبء نفقات كثيرة وكبيرة تتوزع بين رواتب الأساتذة والموظفين وصيانة الحرم الجامعي، وتجهيز المختبرات والمؤسسات البحثية المختلفة. ويقول الدكتور جبرا: «نعتمد كل هذه التسهيلات لطلابنا ونخدمهم برموش أعيننا».

اثمرت الجهود التى قامت بها الجامعة لتقديم أكبر قدر من التسهيلات للطلاب بالتوازي مع الحرص على نوعية التعليم الجامعي المميز، تجاوباً كبيراً تجلّى في الاقبال الكثيف على تقديم طلبات التسجيل. ويشير الدكتور جبرا الى إنشاء صفوف في فترة الصيف للتعليم عن بُعد، دفع بالمزيد من الطلاب الى الانضمام مقارنة مع الصيف الفائت قبل انتشار فيروس كورونا، إذ تراوحت نسبة التسجيل من 80 إلى 90 في المئة.

تأمين فرص العمل

وبالانتقال الى موضوع فرص العمل، حيث اعتاد لبنان تعليم أبنائه وخسارتهم عبر الهجرة، فإنّ الجامعة اللبنانية- الأميركية LAU تسعى جاهدة إلى كبح جماح الهجرة، عبر السعي إلى تأمين فرص العمل لخرّيجيها وخرّيجاتها في لبنان، وخارج الحدود ايضاً لمن يرغب.

ويشرح الدكتور جبرا، أنّ «الجامعة خرّجت ما بين 40 إلى 45 ألف طالب وطالبة، توزعوا بين لبنان والعالم، ونعمل حالياً مع أرباب العمل الراغبين بالتوظيف لدرس امكانات العمل، رغم كل التحدّيات. كما أسسنا شبكة من فروع الخريجين والخريجات في انحاء العالم لإستيعاب كل الخريجين الجدد، وعندما تتخرّج دفعة من طلابنا نرسل لائحة بأسمائهم وكفاءاتهم إلى القدامى لاستيعابهم». ويلفت إلى أنّ «خريجينا يفخرون بجامعتهم، ويتفوقون ويجدون عملاً».

 

أزمة «كورونا» وتفاعلاتها الجامعية

وفي خضم حديثنا مع رئيس الجامعة اللبنانية- الأميركية، كان لا بدّ من التطرق إلى أزمة فيروس «كورونا» التي دفعت الجامعات والمدارس الى اختبار التعليم عن بُعد. وفي هذا الإطار يوضح جبرا، أنّ الجامعة كانت حاضرة لهذا التحدّي، أولاً لأنّ تقنيات التدريس الجامعي المعتمدة في مختلف الكليات متقدّمة جداً ولاسلكية، وتكاد ان تكون الاولى في لبنان لجهة اعتماد هذه التكولوجيا المتقدّمة، وثانياً لأنّها اطلقت مركزاً لتدريب الأساتذة على التعليم عن بُعد. هذا دون ان ننسى انّ الجامعة لم تنسَ الطلاب غير القادرين على اقتناء حاسوب أو الوصول إلى الانترنت، فقدّمت لكل الطلاب 35GB لتأمين فرص الوصول الى التعليم للجميع دون اي استثناء.

ويوضح جبرا، أنّ الجامعة تتحضّر لثلاثة احتمالات على أبواب موسم الخريف، وهي عودة الطلاب إلى حرم الجامعة إذا اختفى الفيروس، إعطاء الدروس «أونلاين» إذا تفاقم المرض، أو اعتماد التعليم المختلط بتدريس نصف البرنامج «أونلاين» والنصف الثاني في الصفوف، مع الأخذ في الاعتبار كل الاحتياطات الصحية اللازمة، وأبرزها التباعد الاجتماعي.

 

العيادة النقّالة

وفي إطار مواجهة فيروس «كورونا»، لا بدّ من الاشارة الى الدور الكبير الذي قامت به LAU على المستوى الوطني، للتعامل مع الآثار المترتبة على هذا الوباء، حيث بادرت الى إطلاق عيادة نقّالة جالت في كل لبنان، بدعم سخي من مجموعة من المحسنين، وصلت تقديمات شخصين منهم إلى حوالى مليار ليرة تقريباً لتأمين فحوصات الـpcr. وتساعد هذه العيادة المناطق النائية في اجراء الفحوص ومواجهة تبعات الفيروس. كما وخصّصت الجامعة خطاً ساخناً «أونلاين» يقدّم من خلاله اطباء المركز الطبي – مستشفى رزق، معلومات مهمة عن «كورونا» وعوارضه وكيفية التعامل معه، من دون أي مقابل.

ويلفت رئيس الجامعة، إلى أنّ LAU في صدد تأسيس مستشفى آخر في جونية لمساعدة المجتمع، مشيراً إلى أنّ أحد أبرز الأهداف من جهودنا أن نوصل رسالة لشبابنا وشاباتنا مفادها: «لا تيأسوا فإعمار لبنان سيكون على يدكم».

رسالة جامعة LAU

يعي الدكتور جوزف جبرا مدى حب اللبنانيين لتعليم ابنائهم وبناتهم، ويلفت إلى حجم التضحيات التي يبذلها الاهالي، ويقول: «قد يبيع اللبناني ارضه أو يحرم نفسه من لقمة الخبز لتعليم اولاده، ونحن بدورنا عندما نرى حجم هذه التضحيات فإننا لن نتوانى عن القيام بالمستحيل لمساعدة الطلاب، وهذا ما يدخل في صلب رسالة جامعتنا منذ تأسيسها، وهذا ما سنستمر في القيام به، وهذا ما يميّزنا عن الجامعات الأخرى». ويضيف: «لن نقبل بضرب التعليم، لأنّه أفضل ما يمكن أن نقدّمه للحضارة الانسانية، ونحن منارة للشرق ويجب أن يفهم كل زعمائنا في لبنان أنّ ضرب التعليم يعني ضرب لبنان، وضرب الشرق، لأنّ لبنان كان وسيبقى شعلة لكل الشرق».

ويختم جبرا بتوجيه رسالة إلى المحسنين، ويدعوهم إلى الاستثمار في هذا الجيل لكي لا نخسره، ويعتبر أنّ «المحافظة على بلادنا مسؤوليتنا جميعاً، وهي فرض علينا أينما كنا في العالم. فإذا كنا نحب لبنان ونريده أن يتقدّم علينا أن نستثمر فيه، وهذه المرة ليس عبر الاقتصاد أو المشاريع انما بإعداد وتعليم جيل جديد يستلم زمام الأمور بعدنا».