لا شكّ أن ثورة 17 تشرين فقدت زخم انطلاقتها، وهي مسألة لا يمكن أن تنكرها حتى المجموعات المنضوية فيها، إذ أن التحرّكات الميدانية الخجولة خير دليل الى ذلك. فاقفال طريق هنا وتنفيذ وقفة احتجاجية هناك تبقى غير كافية، في مواجهة الانهيار الواسع للدولة على مختلف المستويات، علما أن الثورة لا تختزل بالنزول إلى الشارع، وفق ما تؤكّد المجموعات التي لا تزال على تواصل مستمر في ما بينها وتسعى إلى توحيد الجهود في ظلّ الاتفاق على الأهداف.
في الواقع، من يتابع التطوّرات المحلية والمصائب اليومية في الساحة اللبنانية يتوقّع، منطقياً، أن يكون العكس هو الحاصل. فالأسباب الموجبة والدافعة للانتفاض تتفاقم يومياً وبالجملة مع تردي الأوضاع الاقتصادية ومعها كلّ الصعد الأخرى، إلى حد بات فيه لبنان يسير عكس التيار فيتراجع بخطوات سريعة إلى الخلف تقرّبه أكثر فأكثر من العيش في “العصر الحجري” مجدداً.
وفي ظلّ تأكيد مكوّنات 17 تشرين مراراً وتكراراً أنهم لن يتركوا الشارع ويعملون على حشد أكبر عدد ممكن من المعتصمين، تبقى رغبة المواطنين بذلك هي الأساس بعد أن قضى اليأس على آمال الغالبية باستعادة وطنهم.
وفي السياق، كشفت المصادر لـ “المركزية” أن الأسبوع المقبل سيشهد حركةً لافتةً للثوار في أكثر من اتجاه، وذلك على وقع تفاقم الأوضاع المعيشية سوءاً، وغرق مزيد من اللبنانيين في الفقر والعوز والجوع، بحيث بات همّ المواطن الوحيد تأمين لقمة العيش، اضافة الى سوء الاداء السياسي الذي يحجب عن لبنان اي مساعدة دولية بعدما حرفه الى محور الممانعة الذي يتعرض للعقوبات الدولية.
ومع مصادفة ذكرى الثورة الفرنسية في 14 الجاري، تنظّم مجموعة من الثوار اللبنانيين تظاهرة أمام السفارة الفرنسية، دائماً وفق المصادر، للغاية التي نفّذت من أجلها تحرّكاً في المكان نفسه الأسبوع الفائت (4 تموز) امام السفارة الاميركية في عوكر ألا وهي مطالبة الولايات المتحدة بالمساعدة في تطبيق القرارات الدولية لا سيما القرار 1559، معتبرةً أن “لا خلاص للبنان إلا بتطبيق هذه القرارات وحل الميليشيات ونزع سلاحها وحصره بيد الجيش، وحصر قرار الحرب والسلم بيد الدولة”، إلى جانب المطالبة بـ “إلغاء معادلة جيش شعب مقاومة، وتحويلها إلى وطن شعب جيش، ومساعدة لبنان على الخروج من الوضع الاقتصادي الذي يتخبط فيه، واستكمال ترسيم الحدود مع سوريا وإقفال المعابر غير الشرعية”.
اما الحراك المعيشي، فأعلنت المصادر أنه على موعد مع موجة تحركات واسعة في 17 تموز، سيكون زخمها قويا اذ تشارك فيها مجموعات كثيرة في الثورة.
دعم برلماني: وفي سياق متّصل، كان لافتا إعلان النواب بولا يعقوبيان ونعمة افرام وشامل روكز وجان طالوزيان وفؤاد مخزومي اتفاقهم على “تنسيق الجهود فيالمجلس النيابي، وتقديم كل الدعم للضغط باتجاه إقرار القوانين التي يطالب بها الشعب، مثل استقلالية القضاءوتعديل قانون الإثراء غير المشروع، وصولاً إلى تحقيقمطالب ثورة 17 تشرين”.
وأشاروا في بيان بعد اجتماع في دارة مخزومي أمس الاول إلى أن “هذا الاجتماع يعد مناسبة للتأكيد على الثوابت المتوافق عليها بين النواب، ومقدمة للبحث في سبل دعمالثورةمن داخل الندوة البرلمانية، ليكون النواب على قدر المسؤولية لا سيما أن المنظومة السياسية عاجزة ومسؤولة عن الإنهيار”، مؤكدين إدراكهم بأن “الأمور تحتاج إلى الوحدة وتكاتف الجهود لجمع أكبر عدد من النواب المستقلين والأحرار لتحقيق مطالب الثورة”.