IMLebanon

وليد وضع أدويته قرب الصحف التي يبيعها.. “كيف سأعيش؟”

كتب محمد دهشة في صحيفة “نداء الوطن”:

لم يجد وليد اسكندراني، بائع الجرائد الوحيد في صيدا، طريقة للتعبير عن الضائقة المعيشية التي يئنّ تحت وطأتها كآلاف الصيداويين، إلا أن يضع قرب الجرائد التي يبيعها يومياً عند مستديرة “شركة كهرباء لبنان الجنوبي”، كمّية من الأدوية التي يعجز عن تأمينها شهرياً، بسبب الغلاء وارتفاع الأسعار وتراجع حركة الإقبال على الجرائد مع عصر “النت” ومواقع التواصل الاجتماعي والإلكترونية الإخبارية.

يقول وليد لـ”نداء الوطن”: “الأزمة المعيشية خانقة، والوضع لم يعد يُطاق، بعد 45 عاماً من العمل في هذه المهنة لم أدّخر مالاً، بل أصبحت عاجزاً عن تأمين الأدوية الشهرية، ثمنها يبلغ نحو 670 الف ليرة لبنانية، ومدخولي اليومي لا يتجاوز عشرين الف ليرة، وهو لا يكفي أصلاً لتأمين لقمة عيش عائلتي”، ويتساءل بمرارة: “كيف سأعيش”؟

مُعاناة وليد، مع تأمين الدواء ليست المشكلة الوحيدة، فسيارته قديمة العهد تعطّلت، خرب محركها ويحتاج الى محرك آخر جديد، ما اضطرّه الى دفع أجرة تنقّل إضافية من منزله في حي “البستان الكبير” الى مستديرة شركة الكهرباء، ذهاباً وإياباً. ويوضح: “أحيانا أعود سيراً على الأقدام كي أوفّر أجرة التاكسي، والأنكى من ذلك، أنّ بعض الناس الذين يشترون من عندي الجرائد يضربونني بحجر كبير، يقولون “أنت البائع الوحيد في صيدا وبتطلّع كثير”، مُضيفاً: “أربح قليلاً في الجريدة الواحدة 200 ليرة فقط وأبيع يومياً نحو 80 جريدة، انها لا تكفي ولكن لا مفرّ، تبقى أفضل من الحاجة ومد يد العوز وذلّ السؤال”.

في عز جائحة “كورونا”، لم يتخلّف وليد عن بيع الجرائد يوماً، بقي في مكانه صامداً كمقاوم، مع اتّخاذه كافة الإجراءات الوقائية اللازمة، كما كان يفعل في كل الحروب والأحداث التي عصفت بلبنان على مدى نصف قرن. يقول: “كنت مضطرّاً كي أؤمّن لقمة عيشي، واذا توقّفت عن العمل أعجز عن تأمين قوت عائلتي المؤلّفة من زوجة وأربعة اولاد، إضافة الى والدتي التي تُقيم معي في المنزل، اليوم بدأت اشعر باليأس والإحباط، الى اين سنصل، المستقبل القادم مخيف”!

مُعاناة واعتصام

مُعاناة وليد ليست الوحيدة في المدينة، كل يوم يتناقل أبناؤها مأساة واحد منهم متروكاً ليواجه مصيره على قاعدة “العين بصيرة واليد قصيرة”. بالأمس القريب حاول اثنان اضرام النار بنفسيهما احتجاجاً على تردّي الأوضاع المعيشية، وقبل أيام وضع سامر مصطفى حبلي حدّاً لحياته ليُنهي مُعاناته، مع الضائقة وتأمين ثمن علاج زوجته وحليب طفلته، فيما تتقدّم الهواجس من استفحال التقنين القاسي في التيار الكهربائي وصولاً الى العتمة، شحّ المياه، المازوت، البنزين والغاز وسواها.

ويقول أحمد أبو زيد: “نعيش في كابوس، كل يوم نسمع عن روايات كأنهّا من نسج الخيال، نصحو ويتبيّن انها حقيقية، انها الأزمة المعيشية الخانقة التي تفترس الناس، نزلوا الى الساحات والشوارع، تراجعوا وظلّ الفساد مُستشرياً في أرجاء الدولة”، مُضيفاً: “المطلوب استمرار الإحتجاجات الشعبية السلمية حتى تحقيق مطالب انتفاضة تشرين، وعدا ذلك سيزداد الأمر سوءاً”.

إعتصامان ومطالبة

نبض الإحتجاج ترجمه أهالي وطلاب مدرسة الفنون الإنجيلية في صيدا، فنظّموا اعتصاماً رمزياً امام مدخلها لمطالبة إدارتها بتخفيض الأقساط المدرسية عن العام 2019 – 2020، او إلغائها، كما فعلت في مدارس أخرى تابعة للكنيسة الإنجيلية، وفق ما أكّد احد أهالي الطلاب.

في المُقابل، أصدرت إدارة المدرسة بياناً توضيحياً استغربت فيه الدعوة إلى الوقفة الإحتجاجية التي دعت إليها لجنة الأهل، في ظل هذه الظروف الصعبة التي يمرّ بها لبنان، في الوقت الذي كانت فيه المدرسة قد دعت إلى تنظيم حوار بينها وبين الأهل عبر تطبيق زووم، قبل الإعلان عن الوقفة الإحتجاجية، حيث ان إدارة المدرسة ستناقش مع الأهل مسألة الخصومات على القسط المدرسي وتُقدّم المعلومات اللازمة والأرقام بشفافية عالية، وتتساءل عن الهدف المرجو من هذا الإحتجاج.

ونبض الإحتجاج نفسه، ترجمه سائقو السيارات العمومية والباصات بإقفال البوابة الرئيسية لمركز المعاينة الميكانيكية الوحيد في الجنوب في منطقة الزهراني، للمطالبة باستردادها إلى كنف الدولة، ومنعوا العمّال والموظفين من الدخول وممارسة أعمالهم، وسط انتشار الجيش والقوى الامنية.

وأكّد المعتصمون أنها “صرخة مواطن موجوع ومقهور”، مُحذّرين “السياسيين من الغضب القادم”، مُطالبين “بإعادة المعاينة الى كنف الدولة مع موظفيها حيث تفرض أعباء إضافية على جيوب المواطنين لصالح بعض النافذين من دون ان يكون للدولة وخزينتها اي مردود”، مُعتبرين أنّ “هذا القطاع يعمل منذ العام 2015 بطريقة غير قانونية”، ثم عادوا وفتحوا بوابة المركز بعدما أمهلوا حتى 22 الجاري.