لا زالت المواقف التي أطلقها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في عظته الشهيرة، تلقى اصداء ايجابية في الاوساط السياسية والشعبية لا سيما المعارضة منها لجر لبنان الى المحاور وابعاده عن حياده التاريخي.
والى المواقف المؤيدة، استقطبت بكركي شخصيات داعمة ومثنية على الموقف البطريركي.
الوزير السابق سليم الصايغ المنضوي في جبهة الداعمين، اعتبر “ان موقف البطريرك ليس الاول، فمنذ انطلاق ثورة 17 تشرين، أطلقت بكركي سلسلة من المواقف ووضعت خطاً واضحاً دعماً للتغيير في لبنان وطالبت الجميع باعتماد مقاربة تربط بين مطالب الثورة وبين ضرورة المحافظة على الدستور والمؤسسات الدستورية انقاذا للسلم الاهلي وحفاظاً على النظام الديمقراطي ودعماً للخصوصية اللبنانية التي تتمثل بالنظام الاقتصادي الحر الفريد من نوعه في المنطقة العربية”.
واوضح عبر “المركزية” “أن مواقف البطريرك جاءت تصاعدية، وكان يزور رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ويطلعه على مواقفه وهي نفسها التي يطلقها في عظاته، حفاظا على ما تبقى من لبنان، داعياً اياه لاتخاذ الخطوات الضرورية باتجاه الاصلاح الجذري المطلوب لاستعادة الثقة الدولية. وهو كما الكثيرين احب اعطاء الحكومة فترة سماح، لكنها لم تغيّر في أدائها وظلّت تهدر الوقت، لا بل اصبحت اقسى في مواجهة الحريات العامة ومنع المتظاهرين السلميين من التعبير عن رأيهم، ولم تأت بأي اصلاحات تطمئن الشعب والمجتمع الدولي، وهنا رأى البطريرك اننا اصبحنا قاصرين عن حكم انفسنا، وراح يطالب على طريقته بتدويل المسألة اللبنانية، إذ لا يمكن ان يبقى لبنان رهينة”.
أضاف: “هذا الموقف الذي تحدث عنه الراعي ينقذ ماء وجه رئيس الجمهورية ويحمّله مسؤولية في الوقت نفسه عندما يقول له “فك أسرك”، ويقول من جهة أخرى للمجتمع الدولي “اذا اردتم ان تحرروا لبنان من اسر الرهائن، انتبهوا الا تقتلوا الرهينة معكم اي الشعب اللبناني”، وهو بذلك يطالب بحماية لبنان وشعبه في آنٍ معاً. إضافة الى مطالبته الحفاظ على السيادة وتنفيذ القرارات الدولية وحياد لبنان، إذ لا استمرارية للبنان، وسط منظومة اقليمية متفجرة ومشتعلة ومفروزة على سياسة المحاور، من دون اعتماد الحياد”.
وتابع: “اليوم يمكننا تطبيق الحياد، لأن موازين القوى لم تعد لصالح أحد، لا اقليميا ولا داخليا، حتى حزب الله الذي يهدد ويستقوي ويحاول ان يصرف فائض القوة في المعادلة السياسية اللبنانية، هذا اقصى ما يمكنه القيام به، لأن التغيرات الحاصلة وانهيار لبنان يفقده قضيته ومشروعيته امام الجميع، حتى امام البيئة الحاضنة له، واي ترتيبات ستحصل في المنطقة سيدفع ثمنها اولا، وهذه فرصته الذهبية كي يطالب هو ايضا بالحياد قبل البطريرك او اي فريق آخر، لأن هذا ما سيمنع من تدخل الدول الكبرى او الصغرى او الاقليمية في لبنان، وهذا التدخل لن يكون الا على حسابه”.
وطالب الصايغ “الدول الصديقة للبنان ومنها الدول الخمس الكبرى في مجلس الامن ان تتخذ القرار بحماية لبنان، وتدويل الوضع اللبناني وسحب كل التدخلات تمهيدا لدعم ركائز الدولة. وهذا هو الموقف التاريخي الذي اتخذته البطريركية.
ورأى “ان الحركة السياسية باتجاه بكركي، تعزز البطريركية المارونية مجددا كنقطة استقطاب وطني، وهي ابعد من تموضع معارضة وموالاة. نحن امام عملية انقاذ لركائز ومقومات ومكونات الدولة، ولا يجوز وضع بكركي في خانة اللعبة السياسية الداخلية، وعلى من هم في الحكومة وخارجها ان يتلقفوا موقف بكركي لأنها تؤمن للجميع الخروج من مأزقهم السياسي، وافضل من يمكن ان تقوم به بكركي هو ان تدعو لعقد مؤتمر لانقاذ لبنان وليس مؤتمراً لتشكيل معارضة، يجعلها تنغمس، من دون نتيجة، في الرمال المتحركة اللبنانية”.
وختم: “الجميع في مأزق معارضة وموالاة وثورة وشعب… من هنا ضرورة تواضع الجميع والارتقاء حول مرجعية وطنية كبكركي، اكان اللقاء في الصرح البطريركي او في اي من الساحات اللبنانية المهم ان يشكل الكلام الذي صدر عن بكركي الارضية الصالحة للتلاقي ويعطى البطريرك نوعا من تفويض في علاقاته الدولية، كي يتحدث باسم لبنان تماما كما حصل مع البطريرك الحويك الذي أتى بلبنان الكبير، فلربما استطاع الراعي ان يثبت في المئوية الثانية للبنان، المشروع والفكرة اللبنانية امام المجتمع الدولي، انطلاقا من تضافر وتقاطع كل الآراء حول الافكار التي قدمتها بكركي في الوعظة الاخيرة التي ألقاها البطريرك الاحد الماضي”.