Site icon IMLebanon

بعد ارتفاع أسعار اللحم… إلى الصيد درّ!

كتبت جنى جبّور في “نداء الوطن”:

“المشاوي” كل يوم أحد، عادة غيّبتها الظروف الصعبة التي نمرّ بها. فبالكاد بات متوسط الحال قادراً على تذوق طعم اللحمة “المفرومة” في طبخة الكوسا، ما حوّل غالبيتنا الى “نباتيين”، نحمد ربنا على أكل “القاطع”. وتفرض الأزمة الحالية تغييراً جذرياً في نظامنا الغذائي، وتطبيق مقولة “لا تعطني سمكة ولكن علّمني كيف أصطادها”، قد تساعدنا كثيراً وتوفر على جيوبنا، شراء بعض ما كنا نحتاجه من قوتنا اليومي.

خمسون في المئة من الملاحم متجهة اليوم الى اغلاق ابوابها لعدم قدرة أصحابها على شراء الذبائح من التجار والمسالخ، بحسب تسعيرة سوق الدولار التي لامست العشرة آلاف ليرة، ما انعكس على نسبة “أكلة اللحوم” ومن تبقى منهم يسأل عن سعر الكيلو ويشتري بالأوقية. هذا الواقع أجبر اللبنانيين على تغيير نظامهم الغذائي، واعتماد نظم أقل كلفة ولا سيما مع الارتفاع الجنوني في اسعار جميع السلع والمأكولات. فما هو بديل لحم الغنم والبقر والماعز؟ وهل يمكن الاستغناء عنه ؟

بدائل لحم الغنم والبقر

تحذر اختصاصية التغذية ساندرا واكيم من اعتماد نظام غذائي يرتكز على قدر كبير من الخضار والحبوب والقليل من اللحوم، لما في ذلك من انعكاسات جدّية على المدى الطويل. فاللحوم هي المصدر الاساس للبروتين واليود والزنك وفيتامين “ب 9” و”ب 12″، وعدم تناولها يسبب انخفاضاً في ضغط الدم وفقراً في الدم، بالاضافة الى عوارض منها الإرهاق، الاسهال، الاضرار في الجهاز العصبي، خسارة البروتين وكتلة العضل من الجسم واحتباس الماء. أمّا البدائل التي يُنصح بها فهي عديدة، مثل العدس والقمح الكامل والبيض والدجاج والروكا والبقلة وضلوع السلق والهندبة والسبانخ. وبالنسبة للحوم، فكل أنواع السمك مفيدة جدّاً أكثر من اللحم الأحمر لاحتوائها على “الأوميغا 3”.

كذلك، تعتبر العصافير مصدراً ممتازاً للكالسيوم والمعادن والبروتينات المفيدة للجسم البشري. مع العلم أنها تحتوي على نسبة دهون لا بأس بها. أمّا لحم الخنزير، فيحتوي على نسبة عالية من البروتينات، التي تساهم في بناء الكتلة العضليّة في الجسم، بالاضافة الى الكيراتين، المهم في إنتاج الطّاقة في العضلات، والتورين والجلوتاثيون، أحد مضادات الأكسدة. ويمكن اضافة لحم الارانب، الذي يحتوي على نسبة عالية من الكالسيوم المفيد في تغذية وتقوية العظام والمفاصل، ويمنع الإصابة بأمراض المفاصل مثل هشاشة العظام، ويساعد على توازن ضغط الدم، لاحتوائه على نسبة عالية من الصوديوم. ومن المفيد أيضاً تناول لحم الغرير، المتوافرة في تكوينه كل الفيتامينات من المجموعة “ب”، ويساعد على تفعيل عمل الدماغ والنبضات العصبية.

وتجدر الإشارة إلى أن الفائدة الرئيسية في لحم الغرير هي الحفاظ على فيتامين “K” المهم جداً في عملية تخثر الدم. من هذا المنطلق، يمكن للبنانيين الحفاظ على نظام غذائي غني باللحوم المختلفة، بأقل كلفة ممكنة، من خلال صيد ما تم ذكره آنفاً. وبما أنّ نسبة البطالة لامست الـ50 في المئة، فممارسة أنشطة الصيد، قد تخفف من ضغوطات اللبناني النفسية، الناتجة عن الاوضاع السيئة، هذا إن حالفه الحظ بخنزير بري أو بغرير أو بأرنب فار من قفص أو كان البحر كريماً معه.

صيد السمك… بالصنارة والقفف

نبدأ بصيد السمك. نشاط يمكن أن يمارسه “أبناء البحر”، أو كل من يقصده للسباحة والاستجمام. كل ما نحتاجه هو صنارة أو “قفف”. لنبدأ بالصنارة، بالنسبة للاشخاص الذين لا يتقنون جيّداً رياضة السباحة. يمكن شراء الصنارة بدءاً من 20$ (بحسب سعر صرف الدولار)، وترتفع كلفتها بحسب نوعيتها وطولها. يقول الصياد ماريو وهو يرمي صنارته واقفاً على صخور البربارة: “تعد طريقة الصيد بالطعم من أقدم طرق الصيد وأكثرها استخداماً عالميّاً، ويتم اتباع هذه الطريقة عن طريق وضع الطعم وضبطه من قبل الصياد على صنارة الصيد، ورفع طرفها عندما تبتلع السمكة الطعم. وبالتالي، العملية سهلة وممتعة، ولكنها تتطلب الصبر. وأنصح من يريد الصيد بالصنارة، التوجه صباحاً أو ليلاً الى البحر، لان السمك لا يأكل في منتصف النهار. أمّا الطعم فهو عبارة عن عجين (خبز وماء)، ويمكن الاصطياد من خلاله سمك “العقيص” و”المنوري”. أمّا لصيد سمكة “السرغوس” فيجب الاستعانة بنوع مختلف من الطعوم، الا وهي “السلاطعين” التي يمكن جمعها من الصخور وشكها في الصنارة. والأهم ما في الموضوع، الانتباه عند رفع الصنارة ألا تصيب وجه الصياد وتسبب له الأذى. وبالطبع، لا يؤمن الصيد بهذه الطريقة كميات كبيرة من السمك، وأحياناً لا تتعدى الغلة الكيلو الواحد حيث يبلغ سعر كيلو “العقيص”، مثلاً، من المسامك وتعاونيات الصيادين حوالى الـ 30 ألف ليرة، بعد أن كان سعره لا يتعدى الـ14 ألف ليرة سابقاً”.

من الصنارة، الى “القفف”. لا يمكن الصيد بواسطة هذه الطريقة سوى من قبل الأشخاص الذين يعرفون كيفية السباحة والغوص. وهذه الوسيلة كفيلة بتأمين ما يقارب الـ 10 كيلوغرامات من السمك في اليوم الواحد “بحسب الرزقة”، على حد قول أنطوني، وهو صياد سمك في “عمشيت”. ويقول: “يمكن شراء “القفة” بدءاً من 50 الف ليرة، ويرتفع سعرها بحسب حجمها ونوعيتها ومتانتها. ويحتاج الصياد، الى زعانف السباحة ( Palmes ) وقناع التنفس تحت الماء”. مضيفاً: “تعتبر أشهر حزيران وتموز وآب مواسم “العقيص”. أمّا طريقة الصيد بواسطة القفف، فتتمثل بوضع الطعم (العجين) داخل القفة ومن ثم جمع عشب “القرام” عن صخور البحر وتثبيتها فوق العجين. بعدها يجب الغوص لعمق 3 الى 5 أمتار كحد أقصى، وتثبيت القفة في المساحة البيضاء الموجودة بين الصخور والمعروفة بالـ”بياضة”. أمّا بالنسبة للتوقيت المناسب، فأنصح من يريد الصيد، بوضع “القفة” في خلال النهار، وتركها في ساعات الليل، ومن ثم رفعها في الصباح الباكر، لان السمك يأكل في ساعات الفجر وبالتالي يدخل الى القفة”.

صيد العصافير… عملية مكلفة

من الساحل الى الجبل، حيث يعشق أولاد الجرود كل أنواع الصيد من عصافير وقنافذ وخنازير وغيرها. ويبدو أنّ هذا العام، سيكون صعباً على عشاق صيد العصافير، بسبب ارتفاع ثمن بندقية الصيد العادية جداً (100$ بحسب سعر الصرف في السوق السوداء) والخرطوش على أنواعه، فتحولت هذه الهواية الى هواية مكلفة تصعب ممارستها في اوضاع كهذه. يقول سامي، ابن العاقورة: “وداعاً لصيد العصافير، فسعر العصفور سيتخطى سعر لحم الغنم، وأتحدى أن يباع العصفور الواحد بأقل من 10 آلاف ليرة لبنانية، مشيراً الى أنّ “الموسم سيبدأ في ايلول، ولكني لست متحمساً هذه السنة، فكل عصفور بحاجة الى طلقة واحدة اقله، وسعر علبة “الخرطوش” تخطت الـ60 الف ليرة لبنانية وبالتالي العملية معقدة و”ما بتشبّع”.

الافخاخ… للخنزير والغرير

وإذا كان صيد العصافير، عملية مستحيلة هذه السنة، فقد يكون صيد الخنازير والغرير والأرانب، أقل كلفة. يقول روي هاوي صيد في الجرود: “بدأ موسم صيد الخنازير اليوم، في الجرود المتوسطة مثل عنايا وميفوق والضنية وجزين. نحتاج لصيد الخنزير علبة ذخائر واحدة، ويمكن صيده من خلال طلقة واحدة مباشرة في الرأس. ويعتبر الخنزير البري، الطريدة المفضلة لدى عشاق الصيد البري ومحبي صيد الحيوانات. ولعملية صيد ناجحة، على الصياد التوجه الى الجرود عندما يكون القمر بدراً. وبعد رصد الطريدة نقوم بتصويب السلاح وإطلاق النار عليها، وينصح بتصويب الرصاص على الرأس أو الخاصرة بسبب قربها من القلب، فباقي جسم الخنزير عبارة عن دهون أو جدار دهني قادر على استيعاب أي طلقة نارية. أمّا الطريقة الثانية لصيد الخنزير، فلا تحتاج الى بندقية أو ذخائر، وترتكز على نصب الأفخاخ الحديدية، وهي عبارة عن مصيدة على شكل مشنقة يتم تثبيتها بين شجرتين وفي ممرات ضيقة، وعندما يضع الخنزير رأسه فيها سيعلق في الفتحة ولن يستطيع التخلص منها. والطريقة نفسها تتّبع في عملية صيد الغرير في الجرود ليلاً. أمّا بالنسبة لصيد الأرانب، فيلفت روي الى “الحاجة الى آلية رباعية الدفع مجهزة بثلاثة مقاعد على سقفها، يستقر عليها الصيادون. وعند رصد الارنب تتم ملاحقته، وتوزع المهام بين الصيادين الثلاثة، فيقوم أحدهم بتسليط الضوء على الطريدة، ويهتم الآخران بالتصويب واطلاق النار. مع الاشارة، الى ضرورة الابتعاد عن صيد الارانب عندما يكون القمر بدراً، فلكل صيد شروطه الطبيعية”.

ومن المفيد التذكير أن موسم الصيد البري يبدأ في الأول أو الخامس عشر من أيلول وينتهي منتصف شباط، أما موسم الـ 2020 فلا أحد يعرف متى بدأ ولا أحد يعرف متى ينتهي. وفي كل الأحوال فوزير البيئة سيكون هذا العام متسامحاً على الأرجح.