Site icon IMLebanon

أزمة إنسانية… وهلع بعد انقطاع أدوية

كتبت أنديرا مطر في “القبس”:

تتوالى التحذيرات الغربية من مخاطر تدهور الأوضاع في لبنان إلى انهيار شامل على كل المستويات، لا سيما الأمنية منها. وتنقل وسائل إعلام عالمية مشاهد وتقارير صادمة عن أحوال اللبنانيين الذين باتوا يقايضون أغراضهم مقابل الحصول على سلعة غذائية أو دواء يحتاجونه. فمشاهد الانهيار الاقتصادي تتواصل إلى حد بات يمكن معه القول إن البلاد دخلت في أزمة إنسانية حقيقية، في ظل عجز أكثر من 50 في المئة من اللبنانيين من سد احتياجاتهم الأساسية من الغذاء ولم يعد بإمكانهم الحصول على الصحة والتعليم.

وكانت الأمم المتحدة دقت ناقوس الخطر، محذرة أن الوضع في لبنان «يخرج بسرعة عن السيطرة». فبيروت التي كانت لوقت طويل تلقّب بـ «باريس الشرق الأوسط»، لم تعد اليوم سوى عاصمة دولة على حافة الهاوية. وقد وصلت تداعيات التأزّم الاقتصادي إلى قطاع الدواء مع إعلان نقيب مستوردي الأدوية كريم جبارة أن «انقطاع بعض الأدوية قد يدوم أسابيع، وقد يصل إلى شهر في بعض الأحيان»، لافتاً إلى أن «ما بين 4 و10 في المئة من الأدوية غير متوافرة حالياً. وانقطاع الأدوية الذي بدأ مع فقدان أدوية ذرّ البول لمعالجة مرضى القلب من الأسواق، خلق هلعاً لدى الناس فتهافتوا على الصيدليات في الأسبوعين الأخيرين بشكل غير طبيعي ليشتري الميسورون منهم كميات تفوق بأضعاف حاجتهم ويخزّنوها في منازلهم تحسّباً للأسوأ.

وبينما بات أكثر من نصف اللبنانيين يعيشون تحت خط الفقر، يستمر مسلسل إقفال الشركات والمطاعم والمتاجر. ووفق استطلاع أجرته «إنفو برو» على عينة من 500 شركة، فإن 18 في المئة من الشركات اللبنانية أوقفت أو علّقت نشاطها منذ بداية 2019 وارتفع معدل البطالة إلى 30 في المئة. وهذا يعني أن 550 ألف شخص باتوا عاطلين عن العمل. هذه التحذيرات الغربية من الانهيار المتسارع إلى حد الوصول إلى «الجحيم» لم تُترجم حتى الآن بمبادرات أو بتحرّك دولي واضح المعالم، على الرغم من الحراكَين الدبلوماسيين العربي والأجنبي اللذين تشهدهما بيروت في الأيام الأخيرة.

ورغم الإطار العريض لهذا التحرّك الدولي، وهو أن أي حل للأزمة اللبنانية المتفاقمة «مرهون بتنفيذ الطبقة الحاكمة في لبنان الإصلاحات الصحيحة وعدم خضوعه لسيطرة إيران»، فإن بعض الدول ـــــ مثل فرنسا والكويت ـــــ تعمل على مبادرات إنسانية، ستتضح معالمها في الأيام المقبلة، مع زيارة مرتقبة لوزير الخارجية الفرنسي إلى بيروت خلال أيام، في حين يزور المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الكويت اليوم، مبعوثاً خاصّاً من الرئيس ميشال عون، حاملاً رسالة منه إلى سمو الأمير تتعلق بـ «العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين». وحول زيارة اللواء عباس إبراهيم الكويت، كشف مصدر مقرّب من الأخير لـ القبس أن مردودها سوف يظهر سريعاً لى المشهد اللبناني، حيث سيلمس المواطنون حجم المساعدة الكويتية المباشرة للاقتصاد ما بعد هذه الزيارة.

واعتبر المصدر أن الزيارة تستند إلى أمرين: أولا المظلة الكبيرة للعلاقات اللبنانية ـــــ الكويتية والتي تترجم بمحبة سمو الأمير والكويتيين عموماً للشعب اللبناني وعطائهم المستمر منذ ما قبل الحرب الأهلية حتى اليوم. وهذه المحبة هي العامل الأساس للزيارة في هذا التوقيت الدقيق. أما العامل الثاني ـــــ وفق المصدر ـــــ فهو جهد اللواء إبراهيم المتواصل مع دولة الكويت؛ فالمطلع على أجندة إبراهيم والشخصيات التي سيلتقيها يدرك الأهمية البالغة لهذه الزيارة، فهو لا يحضر بصفته مديراً عاماً للأمن العام، بل بصفته مبعوثاً للرئيس عون. أما حول زيارة لودريان إلى بيروت، فقد اعتبرت مصادر سياسية أن الوزير الفرنسي لا يحمل أي مبادرة، لأن ما تريده فرنسا من لبنان سبق أن أعلنته مراراً منذ مؤتمر سيدر، وكرره السفير بيار دوكان، الذي وضع خريطة طريق للإصلاحات المطلوبة منذ نحو عام. وهذا ما سيفعله لودريان، الذي كاد يتوسّل المسؤولين اللبنانيين حين قال: «ساعدونا لننساعدكم»، ووفق المصادر، فلن تحمل زيارة لودريان سوى رسالة شديدة اللهجة حول تبعات فشل الحكومة في إنجاز أي تقدّم على صعيد الإصلاحات. دياب والمفتي في الأثناء، تواصل الحكومة، التي لم تتقدم في أي ملف من الملفات التي تعالجها، سياستها في إلقاء تبعات فشلها على التركة الثقيلة التي تسلمتها من الحكومات السابقة، والتي عبّر عنها بالأمس وزير الصناعة عماد حب الله، حين توجه لمن يحملون المسؤولية للحكومة بالقول: «إن حكومتنا عم تحاول تقحط وسخ حكومات كنتم فيها ودعمتموها». في حين كان رئيس الحكومة حسان دياب يعلن في لهجة تحدٍّ أن لبنان لن يكون تحت السيطرة (الأميركية) طالما أنا في السلطة»، مؤكداً أن «الحكومة تعمل بزخم لتخفيف العبء عن المواطنين» وأن «الأخبار عن استقالة الحكومة لا صحة لها». وباستثناء زيارة دياب إلى دار الفتوى أمس، بحثا عن دعم محلي يقيه شرور الحصار المفروض عليه من كل حدب وصوب وتأكيد بقاء حكومته، بدت البلاد في إجازة سياسية، تخرقها المتابعات الصحية لعداد «كورونا» المرتفع باطراد. صندوق النقد في الأثناء، استؤنفت المفاوضات بين لبنان و«صندوق النقد الدولي»، لكن مطلعين على أجواء المفاوضات وصفوها بغير المشجعة؛ نظرا إلى أداء الجانب اللبناني في التفاوض، والتي تثير استياء وفد الصندوق. في ظل تساؤلات جدية بدأت تطرح عن مصير لبنان في حال تعثرت المفاوضات مع صندوق النقد في غياب أي مساعدات دولية أخرى.و

كان المستشار السابق لوزير المالية هنري شاوول اعتبر في حديث إعلامي أن السجال الدائر حول أرقام الخسائر ليس سوى ذريعة لذر الرماد في العيون، معتبراً أن الطبقة السياسية لا تريد إجراء الإصلاحات اللازمة، وتسعى لإخراج قطار صندوق النقد الدولي عن مساره. بدوره، وصف رئيس الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور فضلو خوري الحكومة بأنها «الأسوأ في تاريخ لبنان لجهة إدراكها وفهمها ملف التعليم العالي». وقال: «هذه ليست حكومة تكنوقراط، لكي تكون تكنوقراطياً، يجب أن يكون لديك الكفاءة». وأضاف: «لم أر أي ذرة كفاءة مع هذه الحكومة منذ تشكيلها؛ أي منذ ٦ أشهر». باسيل يزرع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل بدأ بالزراعة، معتبراً أنّ «العلاقة مع الأرض فعل انتماء، والزراعة قرار بالاكتفاء الذاتي». وأضاف، ناشراً صورة له عبر إنستغرام وهو يزرع الأرض: «أمنك الغذائي أمّنو، مبادرة أطلقتها جمعية الطاقة الوطنية الزراعية منذ ثلاثة أشهر ووزّعت عشرين ألف كيس بذور وهيدا واحد منهم. حتى ما نضل مرتهنين للخارج بلقمة عيشنا». بدوره، شدد الوزير النائب السابق محمد فنيش المنتمي لـ «حزب الله» على أن «قرار الحزب أن يلتصق بالأرض، من أجل أن تكون الزراعة هي بوابة حل المشاكل الاجتماعية»، وجاء كلامه خلال فطور قروي أقامه الاتحاد التعاوني الإقليمي في الجنوب. وأشاد فنيش بالقيمين على المعرض، مؤكداً أنه «عبارة عن مفردة من مفردات الجهاد الزراعي، الذي أعلن عنه أمين عام حزب الله حسن نصر الله».