منذ مشاركة الرئيس ميشال سليمان في اللقاء الحواري الموسع في بعبدا في 25 حزيران الفائت، طغت المطالبات بتكريس حياد لبنان وتطبيق مندرجات إعلان بعبدا على كثير من الموضوعات السياسية، خصوصا بعد دخول البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي على الخط، ملاقيا المطالبين بالحياد، ومستعدا لنقل هذه الرغببة إلى الفاتيكان، عله يمنح بذلك غطاء خارجيا لهذا “التيار”، ويعطي بعدا آخر للمواجهة المفتوحة مع حزب الله الذي لا يجد ضيرا في دفع لبنان إلى “التوجه شرقا”، مع كل ما يرتبه هذا الخيار من انعكاسات سلبية على لبنان، وسط صمت سياسي رسمي مريب يدفع البعض إلى الكلام عن رضى أفرقاء الحكم والحكومة على مواقف حزب الله في هذا المجال، وإن كان شأنها المضي في عزل لبنان عن محيطه. بدليل أن الحراك الديبلوماسي الكثيف الذي استقطبه سليمان أخيرا يصب في خانة تأييد الغرب إعلان بعبدا وحياد لبنان عن صراعات المحاور، وهو ما أكدته السفيرة الأميركية دوروثي شيا أمام سليمان في خلال لقائهما اليوم.
وعما يمكن أن يخلص إليه هذا المخاض الديبلوماسي، أوضح سليمان لـ “المركزية” أن “الفترة الأخيرة سجلت حركة ايجابية، خصوصا أن السياسة المتبعة في الوقت الراهن قلصت الثقة بلبنان”، مرجحا أن تكون مداخلته في طاولة الحوار، معطوفة على إطلاق الراعي نداءه الشهير إلى انقاذ لبنان والشرعية “أعادت بعض الأمل إلى الناس، مع العلم أن فكرة سادت في الفترة الأخيرة عن أن لبنان يتبع المحور الايراني”.
واعتبر سليمان أن “البطريرك الراعي رفع الصوت ورسم خريطة طريق، لذلك كان من الواجب أن نلتقي بعيد حوار بعبدا، لنواكب الراعي في مواقفه”، مذكرا أن “بكركي لطالما لعبت أدوارا كبيرة عند المفاصل التاريخية الكبيرة في لبنان”.
وإذ أعرب عن تأييده فكرة قيام ما سماها “جبهة (سياسية) في موازاة ما قد يبادر إليه البطريرك الماروني”، لفت إلى ان من شأن ذلك أن يخلق توازنا مع الخط الذي يجر البلاد إلى محور معين، في غياب الصوت الرسمي الذي لا يبدو معارضا لهذه التوجهات.
وكشف سليمان أن سفيرة الولايات المتحدة كررت على مسمعه موقف بلادها والمجموعة الدولية لدعم لبنان لجهة تأييد خيار حياد لبنان، مشددا على ضرورة ممارسة الضغط السياسي اللازم إلى جانب الدول الصديقة لتعزيز فكرة الحياد”.
وعما إذا كان الوقت مناسبا لفتح مواجهة مع العهد وحزب الله حول الحياد، أكد سليمان أن من غير المفترض أن يمتعض رئيس الجمهورية من هذه المساعي، بل أن يستفيد منها لإقناع حليفه بـأن الأمور لا يمكن أن تستمر على هذا النحو، مشددا على “ضرورة ان يقتنع حزب الله بأن هذا المسار، في حال استمراره سيودي بنا إلى الخراب”.