كتب عمر الراسي في وكالة “أخبار اليوم”:
ما يحصل في لبنان، لا يتوقف فقط عند الاستهتار بمعاناة الناس بل بحياتهم! فعلى غرار ملف الفيول – الذي اصطلح على تسميته مغشوشا، وبغض النظر عن احقية التحقيق واهميته – فان المواطن هو من دفع الثمن قبل اي جهة مسؤولة او متورطة، فحل التقنين الحاد، لان الخيار كان نحو وقف وحجز باخرتين، قبل ايجاد اي حل بديل.
وهذا ما ينطبق ايضا، على اشارات السير الضوئية التي تعطلت تباعا في الاسابيع الاخيرة، حيث على بعض التقاطعات هناك احتملات كبيرة لحوادث سير مروعة، التي قد يسقط ضحايا نتيجتها… وجيمعنا يعلم لوعة مسلسل حوادث السير المميتة لا سيما على التقاطعات… في حين ان حياة الانسان هي الاثمن والاغلى ، البعض يقدّم المصالح الخاصة والصفقات على اي اعتبارات اخرى!
الاعطال بسيطة
وتعليقا على واقع اشارات السير، يبدو ان هذا التعطيل مقصود، اذ فجأة وخلال ايام معدودة تعطل معظمها، مع العلم بحسب احد الخبراء في هذا المجال- ان الاعطال تكون عادة بسيطة يمكن معالجتها سريعا كأحتراق ديجونتور او توقف سنسير عن العمل؟!
هذا ما يدعو الى التساؤل: هل هناك قطبة مخفية؟ خصوصا وان القضية مفتوحة منذ نحو 10 اشهر! بعدما تبين ان عقد بلدية بيروت انتهى منذ 2010، فيما البلدية لم تقبض من شركة Duncan/Nead المستثمرة للـ park meter او هيئة إدارة السير مستحقاتها الصحيحة طوال 15 سنة.
قرار مجلس الشورى
وبناء على ذلك، وبعد طلب من محافظ بيروت السابق زياد شبيب ، صدر عن مجلس شورى الدولة في تشرين الثاني الفائت قرارا كلف مكتب تدقيق ولجنة خبراء بضبط حسابات ومداخيل الباركميتر.
وقد أحال شبيب إلى رئيس دائرة المناقصات، دفتر شروط تلزيم عمليات صيانة وتشغيل وإدارة عدادات الوقوف المدفوع على جوانب الطرق الذي نظمته هيئة إدارة السير والآليات والمركبات في وزارة الداخلية والبلديات، على أن يتم تحصيل وارداتها لصالح بلدية بيروت…. لكن بدل الاستعجال في بت الامر، الموضوع توقف هنا، الامر الذي ادى الى “الاعطال” في عدد كبير من الاشارات الضوئية، لان Duncan/Nead تنفذ عقدين في آن استثمار الـ park meter وصيانة الاشارات.
وفي هذا الاطار علمت وكالة “أخبار اليوم” ان الملف تحرك مجددا، حيث وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي الذي زار مقر بلدية بيروت يوم الجمعة الفائت، طرح صيانة الاشارات من ضمن المواضيح التي تم بحثها.
ما لا يجوز
وفي هذا السياق، سأل مصدر متابع للقضية، هل تعطل الاشارات فجأة يأتي في سياق الضغط من اجل تشريع عمل الشركة التي كانت تتولى الصيانة من مداخيل البارك ميتر، معتبرا انه يحق للشركة ان تتقدم الى المناقصة، وقد تكون الاوفر حظا كونها تتمتع بالخبرة لكن وفق شروط محددة، من ابرزها لا يجوز لشركة تلتزم الـ park meter في كافة المناطق.
باي حق!
واذ رفض المصدر ان تدفع البلدية من ميزانيتها لهيئة ادارة السير العاجزة عن صيانة الاشارات الضوئية، شدد على ان تنظيم هذا الموضوع ضروري، سائلا: كيف وباي حق وباي منطق يمكن ان يحصل الاهمال بحق اهل بيروت وميزانية البلدية؟ قائلا: هناك مؤسسة عامة، على غرار مؤسسة كهرباء لبنان او مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان، تقع على عاتقها مهمة صيانة الاشارات، فهل يجوز لبلدية ان تقوم بدور المرافق العامة؟!
وردا على سؤال، حذر المصدر من الذهاب في اتجاه استعمال ازمة تعطل اشارات السير لتبرير اعادة تمويل الشركة الملتزمة ونشاط هيئة ادارة السير من المال العام البلدي وان كان هذا امر مخالف للقانون.