في عطلة نهاية الاسبوع، حطّ رئيس الحكومة حسّان دياب ومعه وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي في دار الفتوى للقاء مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، مطلقاً سلسلة مواقف في اتجاهات عدة ابرزها “ان احداً لن يسيطر على لبنان طالما هو موجود في السلطة، وان كل الاخبار المتداولة عن استقالة الحكومة Fake News”.
وفتحت الزيارة “اللافتة” بتوقيتها باب التساؤلات عن دوافعها وابعادها في وقت تحوّلت المقار الدينية الرسمية اخيراً “محجاً” للقوى السياسية للتعبير عن تأييدها للمواقف الوطنية التي تُطلقها المراجع الدينية.
وتأتي في السياق زحمة الشخصيات السياسية على طريق بكركي – الديمان دعماً لمواقف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذي ناشد رئيس الجمهورية ميشال عون فكّ الحصار عن الشرعية وضرورة إعلان حياد لبنان الايجابي-وهو المشروع الذي يحمله البطريرك في جعبته ليسوّقه دولياً من بوّابة الفاتيكان التي يزورها قريباً للقاء البابا فرنسيس.
كذلك شهدت الطريق المؤدّية الى دار الفتوى في اليومين الاخيرين حركة سياسية دعماً لنداء الراعي وللمطالبة بعقد لقاء وطني يخرج بمواقف موحّدة تجاه حياد لبنان وتثبيت سيادته وتطبيق القرارات الدولية.
ولم تكن دار الطائفة الدرزية بعيدة من هذه الاجواء، حيث شارك رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط في اجتماع الهيئة العامة للمجلس المذهبي برئاسة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن، والذي حذّر في بيانه من ان لبنان مهدد في صيغته، داعياً المسؤولين إلى توفير مناخ وطني قائم على النأي بلبنان عن أتون الصراعات الدولية المدمّرة التي تفوق طاقته، بما يحمي وجوده ورسالته وميزته كموطنٍ للديموقراطية والحريات والتنوع.
هذه الحركة السياسية – الدينية التي يعوّل اللبنانيون الذين ينشدون دولة القانون والمؤسسات ان تأتي “ببركة” الحياد ونأي لبنان عن صراعات المنطقة التي لا ناقة له فيها ولا جمل، اراد بعض من شارك فيها ان يستثمرها سياسياً للتصويب على من يُصنّفهم في خانة الخصوم.
وفي الاطار، اعتبرت اوساط سياسية مراقبة عبر “المركزية” “ان زيارة رئيس الحكومة الى دار الفتوى تختلف اهدافها تماماً عن حركة الزيارات واللقاءات التي تشهدها مقار دينية رسمية اخيراً، اذ اراد الردّ من خلالها على زيارة الرئيس سعد الحريري الى بكركي منذ ايام وتأييده مبادرة البطريرك الراعي بحياد لبنان، وهي الخطوة التي لا يرغب فيها الرئيس دياب تجاوباً مع اعتراض الفريق الذي اوصله الى السراي على المبادرة الحيادية، وكلام النائب في تكتل “لبنان القوي” ماريو عون اليوم بان “الحياد صعب واقصى ما يُمكن القيام به النأي بالنفس” دليل الى ان نداءات الراعي في وادٍ واهداف الفريق الحاكم في وادٍ اخر”.
وفي معرض مراقبتها لحركة اللقاءات، تسأءلت الاوساط السياسية “عن غياب الرئيس دياب عن جدول زوّار بكركي حتى الان؟ ولماذا يتجاهل هذا الصرح خلافاً لمن سبقه من رؤساء حكومات عندما كانوا يزورن بكركي عند التكليف وبعد تشكيل الحكومة؟
وقالت “مرّت اشهر على تشكيل الحكومة ولم يزر الرئيس دياب الصرح البطريركي حتى في المناسبات الدينية في عيد الميلاد ورأس السنة وعيد الفصح وغيرها على رغم مواقف الراعي الداعمة للحكومة، واعلن ذلك اكثر من مرة في عظات الاحد ومناسبات عديدة”.