أثارت خطوة الحكومة في اتجاه التعاقد مع شركات دولية للتدقيق المحاسبي، تحفظات كثيرة حيالها من الناحية القانونية أولاً ثم الاقتصادية.. إذ أنها تشكّل مخالفة قانونية وفق النظام المعمول به في نقابة خبراء المحاسبة المجازين في لبنان، والذي لا يجيز لأي شركة دولية القيام بالتدقيق المحاسبي داخل الدولة اللبنانية، بل للشركات اللبنانية فقط.
أما من الناحية الاقتصادية، تتساءل أوساط سياسية عبر “المركزية” كيف يمكن للحكومة الإقدام على التعاقد مع شركات دولية فيما وضعها المالي متعثرٌ، كون العملية تكلّف الدولة اللبنانية مبالغ طائلة بالعملة الصعبة من أجل التدقيق في حسابات وزارة المال ومصرف لبنان؟!
ولفتت إلى أن “المبالغ تُقدَّر بملايين الدولارات، على رغم وجود شركات لبنانية معروفة عالمياً وكفوءة تعمل في عدد من الدول الغربية الكبرى، تدقق في حسابات مؤسسات وشركات ذات نشاط على المستوى الدولي”.
وإذ سألت لماذا لا تتعاقد الحكومة مع هذه الشركات اللبنانية، وتوفّر بالتالي على خزيتها المقفرة أموالاً هي في أمسّ الحاجة إليها حيث شعبها يئنّ من الفقر والعوَز؟! ذكّرت بأن هناك شركتين دوليتين تدققان في حسابات مصرف لبنان منذ العام 1993 هما “ديلويت” و”إرنست يونغ” وتصدران بياناتهما سنوياً، وترفعان تقريراً بنتائج التدقيق إلى وزارة المال”، وتابعت “لماذا إذاً هدر المال العام في عمليات يمكن توفيره لأمور أخرى، كتأمين مواد غذائية بأسعار مدعومة على سبيل المثال؟
صقر يحذّر استباقياً.. “هناك نقابة في لبنان ترعى هذه المهنة وتحميها” بهذه العبارة نبّه نقيب خبراء المحاسبة المجازين سركيس صقر في حديث لـ”المركزية”، إلى أن “أحداً لا يحق له ممارسة هذه المهنة في لبنان إلا من خلال النقابة”، وتابع: الدولة بما لها من صلاحيات، تلجأ إلى شركات تدقيق عالمية.. إنما حتى اليوم لم يأتِ أيٌ من هذه الشركات إلى لبنان لنعرف نوعية مهامها، وإذا كانت محصورة فقط بالدور الاستشاري بعيداً من التدقيق، فذلك لا يمسّ بمهنتنا ولا ينافسها.
لكنه حذّر “في حال كانت مهام تلك الشركات الدولية تتعارض مع مهمتنا كخبراء محاسبة مجازين في لبنان وتنافسها، فعندئذٍ سنتدخل في الموضوع وسيكون لنا موقف منه”.
وعن نوعية هذا الموقف، قال صقر: هناك توجّهات عديدة قد نلجأ إليها، على سبيل المثال:
سنطالب شركة التدقيق الدولية بالعطل والضرر، والتعويض على خبراء المحاسبة اللبنانيين الذين خسروا عملاً هو من حقهم.
سنطلب الاطلاع على تقاريرها لمعرفة ما إذا كان عملها صحيحاً، لأن مهنة التدقيق مصانة ولها قواعدها ومعايير محدّدة يتم العمل على أساسها.
سننبّه الدولة إلى أنها تخالف قانوناً هي مَن وضعه، وعليها حمايته.. لا السماح للشركات الدولية بمنافسة النقابة.
وختم صقر موضحاً: لن نستبق الأمور، طالما أن الشركات لم تأتِ إلى لبنان حتى الآن، والموضوع لا يزال ضمن الكلام فقط.