وضع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الإصبع على جرح لبنان النازف من خلال دعوته الى تحييد البلد الصغير عن صراعات الكبار. وهو يستعدّ لتسويق هذا “العلاج” إذا جاز التعبير دولياً من بوابة الفاتيكان التي يحطّ فيها قريباً للقاء الحبر الاعظم.
ولاقت “وصفة” الراعي ترحيباً من قوى وشخصيات سياسية عديدة أمّت المقرّ الصيفي للبطريركية المارونية في الديمان وبكركي قابلتها حركة حجّ سياسي في اتّجاه مرجعيات دينية من طوائف اخرى من اجل حشد الدعم “لنداء الحياد” عبر الدعوة الى عقد لقاء وطني جامع يضمّ مختلف الاطياف والمكوّنات السياسية والطائفية للخروج بصوت واحد يطالب بتحييد لبنان عن صراعات المنطقة وتثبيت سيادة الدولة.
ولأن الدعم السياسي لمواقف “بطريرك الحياد” تبقى غير كافية من دون التأييد الشعبي، ستشهد الطريق المؤدية الى الديمان إعتباراً من الاحد المقبل زحمة مواطنين من مختلف المناطق والأطياف الدينية لدعم نداء الراعي من الحياد في تكرار لمشاهد العام 2001 عندما اطلق البطريرك الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير نداء بكركي الشهير الذي دعا فيه الى إنسحاب الجيش السوري من لبنان وتحوّل بعده الصرح البطريركي الى محجّ سياسي وشعبي من مختلف المناطق.
وفي الاطار، علمت “المركزية” “ان وفوداً من مختلف المناطق والطوائف ستتقاطر الى الديمان الاحد المقبل لإعلان تأييدها لمواقف الراعي من الحياد والتي سيُعيد تأكيدها في عظة الاحد.
وإنتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي دعوات للتوجّه الى الديمان تحت عناوين: “بكركي بتحكي صح”، “نحنا حدّك”، “لا لإغتصاب شرعية الدولة”، وهي عناوين تتماهي مع اعلان الحياد ومناشدة البطريرك الراعي رئيس الجمهورية ميشال عون بفكّ الحصار عن الشرعية.
وكما في نداء العام 2001 كذلك في نداء 2020 حيث تعتزم بكركي تشكيل مجموعة عمل تضمّ شخصيات واكاديميين من مختلف الطوائف والمذاهب ليس لديهم اي طموح سياسي من اجل تحويل “اعلان الحياد” الى إطار عام يحمله سيّدها في جولاته الدولية، تحديداً على عواصم القرار المعنية بالشأن اللبناني من اجل تسويقه وحشد الدعم الدولي له وتحويله وثيقة دولية معترف بها تماماً كإعلان بعبدا.
ومع ان رقعة التأييد لاعلان الحياد تتوسّع سياسياً وشعبياً برزت في المقابل حملة مُنظّمة عبر مواقع التواصل الاجتماعي ضد مواقف الراعي تحت عنوان “راعي العملاء” متّهمة إيّاه بالترويج لحياد لبنان عن الصراع العربي-الاسرائيلي مع انه حرص في مناسبات عدة على تأكيد إلتزام لبنان بالقضية العربية المركزية.
واعتبرت اوساط سياسية مطّلعة عبر “المركزية” “ان هذه الحملة التي تتزامن للمفارقة مع وجود سفير ايران محمد جلال فيروزنيا طبيعية، خصوصاً وان نداء الراعي يفعل فعله داخلياً وخارجياً وأصداءه تتردد في عواصم القرار الكبرى”.
ولفتت الى “ان لا خلاص للبنان الا بتحييد نفسه عن صراعات المنطقة والاهتمام بشؤونه الداخلية التي تحتاج الى عناية خاصة ودقيقة من اجل إنتشال لبنان من ازمته الاقتصادية والمعيشية الخانقة”.