كتب محمد شقير في صحيفة الشرق الأوسط:
ما إن أعاد رئيس الحكومة حسان دياب تواصله مع السفيرة الأميركية دوروثي شيا بعد أن اتهمها بالتدخل في الشؤون الداخلية، من دون أن ينسحب على من اتهمهم من السفراء العرب بالتهمة نفسها من دون أن يسميهم، حتى أقحم نفسه في مشكلة جديدة باتهامه شخصية حزبية مجهولة الهوية والانتماء، بتحريض دول عربية لمنع مساعدتها للبنان.
ومع أن الرئيس تجنب في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء إقران اتهامه بالأدلة والبراهين لتثبيت ضلوع تلك الشخصية في «الخيانة الوطنية» كما نقلت عنه وزيرة الإعلام منال عبد الصمد، فإن مصادر في المعارضة سألت عن الدوافع التي أملت عليه تكرار توجيهه الاتهامات لخصومه، وهذه المرة بالتلازم مع عودة الموفد الرئاسي إلى الكويت، المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم. وفي معلومات خاصة بـ«الشرق الأوسط» فإن إبراهيم أجرى محادثات مع كبار المسؤولين في دولة الكويت باستثناء أميرها الشيخ صباح الأحمد الصباح، الذي كان يُفترض أن يستقبله لتسليمه الرسالة التي حملها إليه من رئيس الجمهورية ميشال عون.
وبحسب المعلومات فقد أبدت الكويت استعدادها لإرسال مساعدات عينية للبنان، من أدوية ومستلزمات طبية ومواد غذائية، ووعدت بأن يدرس مجلس الوزراء الكويتي طلب لبنان تزويده بالمشتقات النفطية، استناداً إلى الاتفاقية المعقودة بين البلدين، والتي ينتهي مفعولها في نهاية العام الحالي، على أن يصار إلى تمديدها لسنة أو سنتين، مع تمني لبنان تقديم تسهيلات لتسديد فاتورة الاستيراد، نظراً للظروف الصعبة التي يمر بها. ولفتت مصادر مواكبة للأجواء التي سادت محادثات اللواء إبراهيم في الكويت، إلى أنها تطرقت إلى علاقات لبنان بعدد من الدول العربية التي تمر حالياً بحالة من الفتور، وقالت إن المسؤولين في الكويت رأوا أن مهمة تطبيع العلاقات اللبنانية – العربية تقع على عاتق الحكومة اللبنانية، شرط أن تلتزم سياسة النأي بالنفس عن الصراعات الدائرة في المنطقة، وألا تقحم نفسها في التجاذبات الإقليمية والدولية، وألا تسمح باستخدام لبنان ساحة لتصفية الحسابات ومنصة لتوجيه الاتهامات إلى عدد من الدول العربية، في إشارة مباشرة إلى «حزب الله».
واعتبرت المصادر نفسها أن رئيس الحكومة ليس مضطراً لاتهام شخصية حزبية بتحريض بعض الدول العربية لقطع الطريق على مساعدة لبنان، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إنه كان في غنى عن توجيه مثل هذه الاتهامات التي يراد منها صرف الأنظار عن إخفاق الحكومة في توفير الحد الأدنى من الحلول لوقف الانهيار الاقتصادي والمالي، ورأت أن هناك جهات لا تنتمي إلى المعارضة أبدت استغرابها لما نُسب إلى دياب في جلسة مجلس الوزراء. ونقلت عن قطب نيابي بارز قوله إن دياب أخطأ في التوقيت، وألا مبرر لهذه الاتهامات التي لا تخدم معاودة الانفتاح على الدول العربية؛ خصوصاً أنه لم يقرن أقواله ببراهين ملموسة.
وفي هذا السياق قال مصدر دبلوماسي عربي بارز في بيروت، فضل عدم الكشف عن اسمه، بأنه لا يصدق أن يعاود الرئيس دياب توزيع اتهاماته غامزاً في قنوات بعض الدول العربية، وعزا السبب إلى أنه لا يعقل لرئيس حكومة لبنان أن يتهم شخصية حزبية لبنانية بمواصلة التحريض على حكومته، وسأل: «من قال له بأن الدول العربية أو تلك التي يشير إليها مواربة تتلقى أوامرها وتوجيهاتها من بيروت وتلتزم بما يملى عليها؛ خصوصاً أن ما ينسب لدياب يشكل إساءة لعلاقات لبنان العربية التي تحرص على استقراره وعودته للانضمام ضمن المجموعة العربية؟». وتمنى المصدر الدبلوماسي على دياب أن يبادر إلى تصويب موقفه؛ لأن ما نقل عنه لا يمت إلى الحقيقة بصلة، والدول العربية صاحبة قرار سيادي، وبالتالي عليه الاعتذار من هذه الدول كما اعتذر سابقاً من السفيرة الأميركية.
وقال المصدر إن بعض الدول العربية ليست مسؤولة عن تعثر المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وعن ترحيل البحث في الاستراتيجية الدفاعية، وإلحاق لبنان بهذا المحور أو ذاك، وإعاقة الإفادة من مؤتمر «سيدر» للنهوض بلبنان من أزماته المالية والاقتصادية، إضافة إلى جر لبنان لاشتباك سياسي مع المجتمع الدولي لا مبرر له، وكان يمكن الإفادة من دعمه.