كتب محمد دهشة في صحيفة “نداء الوطن”:
صرخة الوجع اليومي وتردّي الأوضاع الإقتصادية والمعيشية، في ظلّ ارتفاع أعداد المُصابين بـ”كورونا” والمخاوف من انتشاره، وسّع دائرة الإحتجاج رفضاً للتمييز، واعتراضاً على سياسة الحكومة بدعم قطاعات دون أخرى، فشملت للمرّة الأولى أطباء الأسنان والجزّارين، الذين عبّروا عن مُعاناتهم في ظلّ الغلاء وارتفاع الأسعار وتفلّت سعر صرف الدولار الأميركي.
أطبّاء الأسنان ارتدوا لباسهم الأبيض وتشابكت أيديهم، وتوحّدت كلمتهم في مُطالبة الحكومة بالقيام بواجباتها في دعم المُستلزمات الطبّية أسوة بنقابات أخرى. وأمام مدخل بلدية صيدا وقفوا مُعتصمين، تلبية لدعوة “الهيئة الإدارية” لـ”لرابطة أطباء الأسنان” في صيدا والجنوب، ودعماً لجهود نقيبهم في تحقيق مطلبهم، مُتسائلين: “كيف سنتعامل بدولار السوق السوداء في شراء أغراضنا، وكيف سنُخفّف الأعباء عن المريض؟!”.
ودعا الدكتور وليد قصب السلطات المُختصّة في وزارة الإقتصاد والصحّة وحاكم المركزي، الى التعاون مع النقابة لتأمين كلفة المستلزمات والأدوية الطبية بسعر مدعوم، قائلاً: “إنّنا كأطبّاء، وإحساساً بالمسؤولية لم نرفع الأسعار بل خُفّضت كثيراً، والمعاينة وعلاج الحالات الطارئة في معظم الأحيان مجّاناً، واننا كرابطة، ندعم كلّ التحرّكات في كلّ المناطق الداعمة لنا والتي تصبّ في مصلحة المريض، شاكراً “كل الجهود المبذولة مع النقيب للوصول الى برّ الأمان في مهنتنا”.
لحوم مدعومة
وأطبّاء الأسنان لم يكونوا وحدهم في ميدان الإعتراض، فقد رفع أصحاب الملاحم في المدينة صوتهم عالياً، احتجاجاً على دعم بعض الملاحم من شركات الصيرفة فئة (أ) والتي يُقدّم من خلالها مصرف لبنان الدعم لمحال اللحوم والجزّارة، بعدما يتقدّم صاحب كل منها بورقة صادرة عن مختار المحلة تُثبت انّه يملك محلاً لبيع اللحوم ويُبرِز بطاقة هويته، وقد استفاد منها عدد قليل، قِياساً على أعداد جزّاري الجملة في المدينة.
أصحاب الملاحم الذين نظّموا اعتصاماً أمام بلدية صيدا، طالبوا بتوحيد سعر صرف الدولار مُقابل الليرة اللبنانية، كي يتسنّى لهم شراء وبيع اللحوم بسعر موحّد في كافة الملاحم، مُناشدين رئيس البلدية محمد السعودي التدخّل الفوري لإنصافهم، فبادر الى عقد لقاء شارك فيه مُمثّل النائبة بهية الحريري رئيس جمعية تجّار صيدا وضواحيها علي الشريف، ممثل النائب أسامة سعد مدير مكتبه طلال أرقدان، وخلص الى تأكيد السعودي سعي البلدية وفاعليات المدينة لإيجاد حلّ مُنصف لهذه القضية، بينما قال الشريف: “اتّفقنا على آلية بأن يكون الدعم بأسماء تجّار الجملة وعددهم تسعة اشخاص، وسنتواصل مع السيد عمر القطب لنعرف السقف المُمكِن لشراء كمّية اللحم بسعر مدعوم، وعلى ضوء ذلك سيتمّ توزيع وتحديد عدد الذبائح والآلية والحصص المُعتمدة”.إقبال مدعوم
مُقابل الإعتراض، شهدت محال بيع اللحوم المدعومة إقبالاً من المواطنين على شراء لحم العجل بسعر أقلّ، وحصلوا على الكيلو منه بسعر لا يتجاوز الـ30 الف ليرة، بعدما كان تجاوز الـ 60 الفاً قبل الدعم بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء.
وأحدثت هذه الخطوة شرخاً بين الجزّارين أنفسهم، ومع المواطنين، لجهة كيفية التعامل بين الزبائن القدامى والجدد، ما دفع بالمواطنين الى المطالبة بشمول الدعم كافة المحال التي تبيع اللحوم، بينما فضّل لحّامون آخرون التوّقف عن البيع، بانتظار الحصول على الدعم، أو انخفاض سعر صرف الدولار بشكل يمكنهم من استئناف العمل!.وقال حسين بعاصيري لـ”نداء الوطن”: “لقد انتظرت دوري واشتريت كيلو لحم مدعوم لم استطع شراءه من قبل، ولم يدخل الى منزلي منذ أسابيع عدّة. الخطوة في الاتّجاه الصحيح، ولكن يجب أن تُستكمل لباقي الجزّارين، حتى لا يقع تمييز بينهم ومع الزبائن ايضاً”.
وأكّدت الحاجة وفيقة حسنة أن “اللحمة غذاء أساسي، قد يستطيع الإنسان التخلّي عنه لفترة من الوقت بسبب الغلاء، ولكنّ الفقر يمنع الفقراء من شرائه، لذلك دعمه يجب أن يكون أولوية لدى الدولة، لأنّ البعض بات حلمه الحصول على لحم وإدخاله الى المنزل لإسعاد أولاده”.
نادر الأسطة، أحد الجزّارين في صيدا الذين نالوا دعماً، يستقبل في محلّه لبيع اللحوم في حيّ البرّاد، الزبائن بلافتة كبيرة رفعها على واجهة المحل “كيلو لحمة العجل 30 ألف ليرة… مدعوم من شركة القطب على سعر الصرف الرسمي”، ويقول: “بالرغم من أنّ بعض الزبائن يطلبون شراء كمّيات من اللحوم تصل الى 5 و6 كيلوغرامات، الا أنّ الكمّية المُحدّدة لكلّ زبون من لحم العجل المدعوم هي كيلوغرام واحد فقط، كي يستفيد أكبر عدد من الناس من هذا السعر”، موضِحاً أنّه “يُمكن لكلّ مؤسسة او محلّ لبيع اللحوم الحصول على دعم مِقداره 500 دولار من مصرف لبنان عبر شركة صيرفة من (فئة أ).