كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”:
كل المؤشرات سلبية. لا شيء مطمئناً في ما خصّ قطاع الخلوي. لا بل صدقت تحذيرات القوى الممسكة بمفاتيح النفوذ في مغارة الذهب (قبل تدهور أوضاعها)، في أنّ استرداد الدولة لن يكون مشواراً مفروشاً بالورد. وبالفعل، لم تتمكن الحكومة إلى الآن من الاحتفال بانجاز الاسترداد الذي لا يزال حبراً على ورق. أما الأسباب فترميها الجهات الرسمية على الشركتين المشغلتين، فيما المعنيون يخشون من قطب مخفية تخفي مماطلة مشبوهة وغير بريئة، يراد منها تمديد الوضع القائم إلى أن يخلق الله أمراً كان مفعولاً!
يبلّغ وزير الاتصالات طلال حواط سائليه حول أسباب عدم استلام مجلسي الادارة الجديدين اللذين تمّت تسميتهما من جانب الوزير خلال مؤتمر صحافي كان الأول والأخير له، أنّ الشركتين وعدتا بالدعوة الى عقد جمعيات عمومية فور الانتهاء من التدقيق المحاسباتي الذي تقوم به شركة PWC ويفترض أن يحصل ذلك نهاية الشهر الحالي. ولهذا تسود حالة الانتظار، كما سادت منذ اعلان رئيس الحكومة حسان دياب عن قرار استرداد ادارة القطاع.
كان يُفترض أن تعقد شركة “أوراسكوم” جمعية عمومية، جدول أعمالها مؤلف من بندين: تعيين مجلس إدارة جديد وإعطاء براءة ذمة للشركتين خصوصاً وأن الوزير يبلغ سائليه إنه يستحيل منح براءة ذمة لأعضاء مجلسي الإدارة السابقين. لكن الجلسة لم تُعقد بسبب رفض المساهم الأكبر، أي الدولة ممثلة بـ”فرنسبنك”، إعطاء براءة الذمة لأعضاء مجلس ادارة “أوراسكوم” المشغلة لشركة “ألفا” قبل إنجاز التدقيق.
أما “زين” فقد عقدت جمعية عمومية استثنائية استمرت من الواحدة ظهراً حتى الواحدة بعد منتصف الليل، فيما ممثل بنك عوده لم يصلها إلا عند الخامسة بعد الظهر بسبب انتظار قرار مجلس الوزراء بالموافقة على الآلية المالية المشتركة بين وزارة الاتصالات ووزارة المال. وبعد نقاش مستفيض تبين أنّ الآلية مخالفة للقانون. وقد حصل هرج ومرج ورفضت زين المصادقة على بند الدفع للموردين كونه مخالفاً لقانون موازنة العام 2020، ولكنها عادت ووافقت على الدفع. أما الجمعية العمومية للمصادقة على تعيين مجلس الادارة الجديد، فكان يفترض توجيه الدعوات في السابع من تموز الجاري لعقد الجلسة في 27 تموز. ولكن الدعوة لم توجه إلى الآن.
يعني عملياً، تمارس الشركتان نوعاً من الابتزاز بحق الدولة اللبنانية لتأمين براءة ذمة، مع العلم أنّ المعنيين بهذا الملف يؤكدون أنّ التدقيق الذي تقوم به شركة PWC لا يعني أبداً براءة ذمة، لا بل هو تدقيق محاسباتي ينتج مخالصة سنوية، في حين أن براءة الذمة تشمل كامل العمليات المشتركة بين الدولة اللبنانية والشركتين أي التأكد من تسليم المعدات والمحطات ونقل الموظفين من ملاك إلى آخر وغيرها من المسائل التي كانت تتولى الشركتان ادارتها. وبالتالي لا يقوم التدقيق المحاسباتي مقام براءة الذمة المطلوبة فقط لكي تتمكن الشركتان من استرداد الكفالات المالية، والتقدم من جديد الى المناقصة المنتظرة، مع العلم أنّ دفتر الشروط الذي وعد وزير الاتصالات بوضعه سريعاً بعد اعلانه أنه قطع شوطاً في تحضيره، لا يزال “غائباً عن السمع”!
نظرياً، قد تحصل بعض المماطلة خصوصاً وأنّ البلاد تمر في ظروف استثنائية نسفت سلّم الأولويات وعدلت في مراتبه. ولكن فعلياً، كثيرة هي العوامل التي تزيد من حالة الشكوك في أذهان كبار موظفي “ألفا” و”تاتش”، أهمها:
– أبلغت اوراسكوم وزين أنهما ستلتزمان بالمهل القانونية للدعوة لانعقاد الجمعيات العمومية، أي ستوجهان الدعوات قبل عشرين يوماً من انعقاد الجلسة. حتى الآن لم يبلغ أعضاء الجمعية بأي موعد، ما يعني أنّ نهاية الشهر الحالي لن تشهد انعقاد الجمعيات العمومية. وبالتالي “زين” و”اوراسكوم” باقيتان أقله حتى الشهر المقبل.
– لم يشهد الوضع القانوني للموظفين في “ألفا” و”تاتش” أي تعديل في عقود التوظيف وبالتالي لا يزال هؤلاء موظفين بإدارة “زين” و”أوراسكوم” بينما يفترض نقل عقودهم إلى “ميك1″ و”ميك2”.
– يمكن لوزير الاتصالات الاستناد إلى الكثير من الفتاوى القانونية التي تتيح له دعوة الجمعيات العمومية من دون العودة إلى “زين” و”أوراسكوم” خصوصاً وأنّ المساهم الأكبر في “ميك1” و”ميك2″، أي فرنسبنك وبنك عوده يمثلان الدولة اللبنانية. وهو سبق له أنّ هدد بأنه سيطلب من المصرفين الدعوة مباشرة الى عقد الجمعيات العمومية، في حال تلكأت “زين” و”أوراسكوم”، لكنه لم يفعلها.
أما جديد تطورات “فوضى” القطاع فهو استقالة المحامي الياس شديد الذي سماه وزير الاتصالات ضمن لجنة الاستلام، وقد تمّ استبداله بالوزير السابق ناجي البستاني. فيما يطل آخر الشهر وتعود قضية رواتب الموظفين لتفرض نفسها على جدول الأعمال.