كتبت سمر فضول في “الجمهورية”:
ترحيل 850 موظفاً من مستشفى الجامعة الأميركية، أقلّ ما يُقال فيه إنه يدل الى حجم الأزمة التي تضرب الجسم الطبي والتمريضي وقضية المخصصات للمستشفيات وإهمال الدولة في هذا الإطار، إلى الكارثة التي تعصف بلبنان، حيث يتأكّد يوماً بعد يوم اننا أوشكنا على الارتطام الكبير.
«نحن الآن في ظلّ جائحة كورونا، أي في ظلّ حرب صحيّة، وهي كما الحرب العسكرية، فهل من جيش في العالم يسرّح ويطرد عسكره خلال المعركة؟ فكيف يتمّ إذاً طرد الممرّضين والممرّضات اليوم؟». الكلام لنقيبة الممرّضين والممرّضات في لبنان ميرنا أبي عبدالله ضومط، التي سألت عبر «الجمهورية»: «إذا كانت مستشفى كـ«الأميركية»، وهي الرائدة بين المؤسسات، تقوم بطرد موظّفيها بهذه الظروف، فماذا ننتظر من المستشفيات الأخرى؟ فحتّى لو كانت تعاني من ضائقة مالية، كم تبلغ قيمة رواتب هؤلاء الممرضين والممرّضات الذين تمّ طردهم، والتي تُدفع في بالأساس بالليرة اللبنانية؟»، مشيرةً الى أنّهم «عندما كانوا يجنون الملايين لم نكن نشاركهم أرباحهم، فلماذا علينا دفع ثمن فشل القيادات والإدارات؟».
وطالبت ضومط «الدولة بأن تدقّ ناقوس الخطر، وبأن تمنع المستشفيات من طرد الممرضين والممرضات. فصحيح أنّ المستشفيات هي مستشفيات خاصة، ولكن حين يتمّ المسّ بالأمن الوطني، والأمن الصحيّ يجب على الدولة أن تتحرّك وتضع يدها على الملف».
وفي حين ذكّرت ضومط، «بوقوف الممرضين والممرضات كخطّ دفاع أوّل في ظلّ جائحة كورونا، رغم كلّ المعاناة والإجحاف الذي يتعرّضون له»، أشارت الى أنّ النقابة اليوم في صدد «دعوة الممرضين والممرضات الى تحرّك قريب»، داعية كلّ «الزملاء العاملين الى الوقوف الى جانب من طُرد من عمله، ودعمه بالإضراب عن العمل»، متمّنية عليهم أن يلبّوا النداء».
هارون
وفي السياق، قال نقيب المستشفيات الخاصة سليمان هارون، الذي أطلق الصرخة قبل حوالى الشهرين والنصف، منبّهاً من أن هناك مستشفيات كثيرة ستغلق ابوابها، لـ «الجمهورية»: «إنّ الآتي أعظم، والسبحة ستكرّ، لاسيما أننا نشهد على تسريح موظفين من أهم وأقوى واعرق المستشفيات في لبنان والشرق الاوسط».
وكشف هارون أنّ عدد «الموظفين المسرّحين من عملهم في مستشفيات لبنان الخاصة وصل الى 2500 موظف، أي 10 في المئة من عدد العاملين في القطاع وهو 25000 عامل»، سائلاً: «من يتحمّل المشهد المؤسف والمبكي من رجال ونساء فقدوا وظيفتهم؟».
وعن الحلول التي يمكن أن تجنّب المستشفيات مصير الاقفال، أوضح هارون أنّه «اقترح منذ بداية الازمة على رئيس الحكومة حسان دياب تشكيل لجنة تضمّ الى نقابة المستشفيات الجهات الضامنة برئاسة وزير الصحة حمد حسن للبحث عن الحلول، الّا أنّه لم يلق جواباً، وكأنّ الدولة تعيش حالة انكار للمشاكل التي يعاني منها القطاع الاستشفائي»، لافتاً الى انّه «عقد اجتماعين مع البنك الدولي الذي أبدى حماسة بمساعدة القطاع، اضافة الى منظمات عالمية ومغتربين لبناننين، الّا أنّ الدولة لم تساعد في ذلك من خلال خطوات اجرائية كاللجنة التي تمّ اقتراحها على الرئيس دياب».
وشدّد هارون بالختام على «أنّ صحة المواطن لا يمكن تعويضها».
وكانت ادارة مستشفى الجامعة الاميركية قد قرّرت أمس تسريح نحو 850 موظفاً.
وأعرب المصروفون عن «أسفهم للواقع الصعب الذي وصلت اليه البلاد بسبب سوء الإدارة وقلّة مسؤولية الطبقة الحاكمة التي تعاقبت على السلطة على مرّ العقود الماضية».
يُذكر أنّه بين المصروفين، آباء فقدوا باب رزقهم، وشباب يعيلون عائلاتهم، بعضهم متقدّم في السن ويعاني من امراض مزمنة، وقد أمضى أكثر من ربع قرن من حياته في خدمة المستشفى.
وسيطرت أجواء الحزن ممزوجة بدموع الأسى على الوقفة الإحتجاجية التي نفّذها المسرّحون امام المستشفى، فور تلقيّهم الخبر.
وبالتزامن، غرّد وزير الصحة حمد حسن عبر حسابه على «تويتر» كاتباً: «حقوق الإنسان، احترام القوانين والأنظمة، القيم والأخلاق، الديمقراطية المثالية، ضمان الشيخوخة، العدالة الإجتماعية، العقد المدني.. قناع خادع مزيف يليق بحضارتكم»، وارفق تغريدته بهاشتاغ: #انصاف _الممرض_ رسالة.
كذلك، أشارت نقابة الممرضات والممرضين في بيان، الى أنّه «رغم التحذيرات المتتالية من الخطر المحدق بالقطاع التمريضي ومدى تأثيره وخطره على صحة الناس، لم تتحرك ضمائر المعنيين لمحاولة إنقاذ العاملين في المهنة من الواقع الأليم وإيجاد الحلول الإنقاذية المناسبة». داعيةً جميع المسؤولين إلى «تحمّل مسؤولياتهم، والإدارة للرجوع فوراً عن قرارها».