كتبت مريم سيف الدين في “نداء الوطن”:
فيما يشهد الشارع هموداً، وحركات احتجاجية محدودة، ينشط العديد من المجموعات التي شاركت في انتفاضة 17 تشرين للعمل على الإعلان عن أوراق وطروحات سياسية. وتهدف الطروحات لاستكمال المواجهة وفقاً لمبادئ وقيم واضحة، وفي محاولة لتوحيد ما أمكن من المجموعات تحت هذه المبادئ، لإعادة الإنطلاق من أرضيّة مشتركة، لعلّها بذلك تستمرّ في مواجهة السلطة من دون تكرار أخطاء الماضي والوقوع في فخّ التشرذم والإختلاف. ضمن هذا الإطار، أطلق عدد من الناشطين “شرعة الإنقاذ الوطني”، والتي ترافقت مع حملة لجمع التواقيع عليها، تمهيداً للبحث في آلية عملها خلال المؤتمر الذي سيعقد في 23 تموز المقبل وسيستكمل بجلسات حوار.
حتى اليوم تمكنت العريضة من جمع ما يقارب الـ 5000 توقيع، وتؤكد إحدى المشاركات في إطلاق المشروع أنهم على تواصل مع جميع المجموعات، وترى أنه بإمكان مبادئ الشرعة خلق أرضية مشتركة بين مجموعات مختلفة. “ويمكن للشرعة أن تشكل خطة إنقاذية إذ تتضمن مبادئ لإنقاذ ما تبقى وبناء دولة في هذه المرحلة الإنتقالية”. وتتحدث المشاركة في وضع الشرعة عن أنها أنجزت بعد بذل جهد فكري مهم، “سيدعو الموقعون الأوائل على الشرعة الى اجتماع في 23 تموز من أجل تنظيم أنفسهم وتفعيل المبادئ وخلق آلية عمل تضم جميع المناطق، وتشكيل منصة تكوِّن الرأي العام خلال مدة قصيرة، فالإنهيار حصل، ويجب التحرك بشكل سريع”. ومن المتوقع أن تنبثق من الإجتماع لجنة متابعة وتنسيق تواكب المستجدات وتصدر المواقف منها. ويطمح مطلقو المبادرة أن تؤدي جلسات الحوار لعقد مؤتمر إنقاذي شامل تصدر عنه ورقة نهائية. وانطلقت الشرعة الإنقاذية ممن تصفه بـ “قصور” أهل السلطة عن التصدي المطلوب لمواجهة الأزمة المالية والإقتصادية والإجتماعية العميقة، “ما يؤكد ان التغيير السياسي أصبح ضرورة أكثر من أي وقت مضى”. وهو ما تعتبره ممكناً بفضل الوعي والإرادة والتضامن التي يعبّر عنها أبناؤه وبناته الثائرون منذ 17 تشرين.
وتهدف الشرعة للسعي إلى إعادة تشكيل السلطة، من خلال تأليف حكومة مستقلة عن المنظومة الحاكمة، وإجراء الانتخابات النيابية وفق قانون جديد أكثر عدلاً وأوسع تمثيلاً لكل مكوّنات المجتمع. وتوحيد كلّ الجهود في إطار ائتلاف عريض جامع ومشترك من أجل إقامة دولة مدنية ديمقراطية ترتكز على مبدأ المواطنة الجامعة والإنماء المتوازن وإعلاء المصلحة العامة على أي اعتبار خاص أو فئوي.
وتحمل الشرعة أفكاراً أكثر تقدّمية مما طرح في أوراق سياسية عدة صدرت عن قوى تحمل مطالب 17 تشرين، كما شملت عدداً أكبر من القضايا. فطالبت الشرعة الإنقاذية بالالتزام بأحكام الشرعة العالمية لحقوق الإنسان والاتفاقات الدولية ذات الصلة، بما يؤمّن المساواة التامة في كل المجالات بين المواطنين نساءً ورجالاً، ويصون الحقوق المدنية والسياسية والحريات العامة والشخصية، ولا سيما حرية الرأي والضمير والتعبير، ويحترم حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة. كذلك دعت لنبذ أي تصرفات عنصرية ضد اللاجئين واللاجئات والعاملات والعمّال الأجانب. وخصصت فقرة للدعوة لحماية البيئة والحفاظ على التراث.
ولأنه لا يمكن الحديث عن بناء دولة من دون مبدأ السيادة، أعلنت الشرعة تمسكها بالمطالبة بدولة سيّدة حرّة مستقلة قادرة على بسط سلطتها على كامل أراضيها وعلى حشد كل طاقات أبنائها وبناتها من أجل حماية حدودها وتأمين سلامة شعبها ومصالحه وحقوقه الوطنية. وطالبت بالتزام لبنان سياسة النأي بالنفس عن المحاور والصراعات الإقليمية والدولية.
ومن أهداف الموقعين على الشرعة السعي لسن التشريعات الضرورية لتأمين استقلالية القضاء ومحاربة الفساد ومحاسبة كل الفاسدين، واسترجاع الأموال التي حصلوا عليها بوسائل غير شرعية، والعمل على مكافحة الهدر بمختلف أشكاله مما يتطلب التصدي للتهريب عن طريق المعابر غير الشرعية كما الشرعية، وتحسين الجباية الجمركية والضرائبية، ومنع التوظيف العشوائي والزبائني في إدارات الدولة ومؤسساتها، وتعزيز أجهزة الرقابة والتفتيش. بالإضافة الى ذلك، حضر اتفاق الطائف في الشرعة أيضاً، حيث طالبت بتنفيذ ما لم يطبق بعد من بنوده، من خلال إقرار اللامركزية الإدارية الموسعة، وإنشاء مجلس الشيوخ الذي يوفر الضمانات للجماعات وتمثيلها العادل، وقيام التمثيل المواطني الجامع خارج أي قيد طائفي في مجلس النواب، وتشكيل الهيئة الوطنية المولجة دراسة واقتراح الطرق الكفيلة بإلغاء الطائفية.