حضرة رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل
تحية صادقة وبعد،
استمعت بالأمس إلى كلامك من الديمان بعد لقائك البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي. واسمح لي أن أبدي بعض الملاحظات في الشكل والجوهر.
بداية في الشكل لا بدّ من التنويه بخطوتك الجريئة بأن تقصد الديمان للقاء رأس الكنيسة المارونية وتناقشه في ملف الحياد الذي رفعه غبطته كسبيل وحيد لإنقاذ لبنان.
أما في المضمون فلا بد من التوقف عند أكثر من نقطة:
ـ بداية لم يعد وضعنا في لبنان يحتمل يا معالي الوزير محاولات التذاكي والتشاطر والالتفاف، ولا محاولات ادعاء أبوة منطق الحياد ومن ثم تسخيره في خدمة “حزب الله” ومشروعه أو حتى في خدمة طروحاتك الشخصية ونظرتك للأمور. فالحياد هو الحياد وحين تحاول التشاطر في موضوعه يسقط ولا يبقى حياداً.
ـ مشكلة الحياد الأساسية لا تكمن لا في ملف النازحين ولا في ملف اللاجئين ولا في ملف حماية لبنان من الاعتداءات الإسرائيلية ولا في أي من الملفات التي طرحتها في كلامك. الحياد يكمن أولاً وأخيراً في قيام دولة قوية تحتكر السلاح والقرار الاستراتيجي في الحرب والسلم ولا تقبل بوجود ميليشيات عابرة للحدود تنفذ الأجندة الإيرانية.
ـ الحياد يا معالي الوزير يكمن أولاً في الحياد تجاه الدول وتعاطيها معها، ولا يمكن الحديث عن حياد في حين تموّل إيران ميليشيا في لبنان بالسلاح والصواريخ والعتاد والمال لتكون ذراعاً للحرس الثوري الإيراني. هنا لبّ المشكلة يا معالي الوزير ولا ينفع ذرّ الرماد في العيون بشعارات وملفات لا علاقة لها بمنطق الحياد.
ـ والحياد يحفظ للبنان وحدته بطبيعة الحال وهو سبيل للوحدة وليس للانقسام كما تفضّلت معالي الوزير.لكن لكي يكون الحياد قادراً على حماية لبنان من الاعتداءات الاسرائيلية يجب أن لا يكون ساحة إيرانية كما كان في السابق ساحة للمنظمات الفلسطينية، وهذا ما جعل الحدود اللبنانية مستباحة وسهّل لإسرائيل عمليات الاعتداء على لبنان بذريعة حماية أمنها من تلك المجموعات.
ـ أما الحديث عن أنه “يجب التوافق الداخلي على الحياد ولا يمكن ان يكون بالفرض او الصراع ولكن بالحوار والاقناع وهذا يتطلب حوارا وطنياً”، ففي هذا الكلام حق يراد به باطل. كنا نودّ بك وأنت من أعدّ وحضّر لوثيقة التفاهم في مار مخايل أن تطلب من “حزب الله” ألا يورّط لبنان في حروب ومتاهات إقليمية من دون الحوار مع اللبنانيين وإقناعهم. وكان من المفيد لو حاور الحزب اللنانيين بمختلف أطيافهم قبل توريطهم في عداوات مع الدول العربية ومع الولايات المتحدة وغيرها، ما تسبّب في الحصار الخانق الذي يتعرضون له وفي رفض كل أصدقاء لبنان مساعدته بسبب ممارسات “حزب الله”.
لماذا لم نسمعك يا معالي الوزير تطالب مسؤول الحزب بتأمين الإجماع الوطني حيال خياراته الآحادية وتسخير لبنان وجعله في خدمة المصالح الإيرانية ومصلحة النظام السوري؟
باختصار،
إن محاولات إغراق المطالبين بالحياد، وفي طليعتهم سيد بكركي، بسلسلة شعارات لا علاقة للحياد بها إنما تهدف إلى محاولة إجهاض مسعى الكنيسة المارونية والذي لاقاه عدد كبير من القيادات الروحية والزمنية، وكنا نربأ بك وأنت رئيس أكبر تيار مسيحي أن تقبل بلعب دور “حصان طروادة” لمحاولة إجهاض مسعى الإنقاذ الذي يقوده البطريرك الراعي.
كلنا أمل في أن يعود “التيار الوطني الحر” تياراً سيادياً كما عهدناه قبل العام 2005، علّنا عندها نعود ونلتقي معاً في معركة “الاستقلال الثالث” لأنه من دون الحياد لن تكون هناك قيامة للبنان.
بكل احترام،
رولا حداد