Site icon IMLebanon

لودريان في بيروت… تنسيق تام مع واشنطن

في وقت تبدو الأنظار متجهة إلى الجلسة الحكومية المقرر عقدها غدا في قصر بعبدا على اعتبار أن النقاش سيتناول التدقيق المالي الجنائي، الذي يتصدر جدول الأعمال، فإن زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان- ايف لودريان إلى بيروت مساء الأربعاء المقبل تبقى الحدث الأبرز في بحر هذا الأسبوع. ذلك أن حضور لودريان الى لبنان، على رغم كل المشكلات والاشكالات التي تعتري حياته السياسية، يعكس بما لا يرقى إليه شك اهتمام المجتمع الدولي بلبنان وضرورة إنقاذه من المحنة الكبيرة التي يرزح تحت أثقالها. على أن هذه الايجابية لا يجوز أن تبعد عن الأذهان أهمية الرسالة السياسية التي يحملها رئيس الديبلوماسية الفرنسية إلى بيروت الغارقة في تصفية الحسابات السياسية، بدلا من الاستجابة للنداءات الدولية من حيث وضع القطار الاصلاحي على السكة وقد بات واضحا ان لبنان لم يرسل اشارة ايجابية حقيقية واحدة يمكن ان يبني عليها المجتمع الدولي الذي يأخذ على الحكومة تقصيرها في هذا المجال، ويعتبر ان كل اطراف الغالبية الحاكمة تعطل الاصلاحات التي لا تتوافق ومصالحها الحزبية والشخصية بحسب ما تكشف مصادر دبلوماسية غربية لـ”المركزية”، مؤكدة ان لا مجال لاقراض لبنان او التعاون مع السلطات الرسمية في غياب الاصلاحات الحقيقية.

وفي السياق، ذكرت مصادر سياسية عبر “المركزية” أن زيارة لودريان في مضامينها تختلف عن جولة كثير من المسؤولين الدوليين رفيعي المستوى في لبنان. فالرجل، إلى جانب الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، يعد العراب الأول لمؤتمر سيدر والمساعدات الدولية الموعودة، لافتة إلى أنه كان أعرب عن قلقه إزاء الوضع المتهاوي في لبنان في كلمته أمام مجلس الشيوخ الفرنسي منذ نحو أسبوعين، مطلقا صرخته الشهيرة: « Aidez-nous à vous aider bon sang ! ».

غير أن المصادر لفتت إلى أن لودريان عبر بصرخته هذه عن الموقف التشاؤمي الذي تتشاركه بلاده مع المجتمع الدولي برمته، لا سيما الولايات المتحدة التي لطالما أكدت سفيرتها في بيروت أن العالم ينتظر الاصلاحات، وهو ما أعرب عنه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في أحد مؤتمراته الصحافية، حيث أعلن أن بلاده مستعدة لدعم حكومة لبنانية غير خاضعة لحزب الله وقادرة على تنفيذ الاصلاحات.

وعلمت “المركزية ” في السياق أن اتصالا بين لودريان ونائب وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى دافيد شينكر سجل قبيل زيارة لودريان إلى بيروت، وأفيد أن المسؤول الأميركي أعرب في خلاله عن استغرابه للبطء اللبناني في عملية الاصلاح، مع العلم أن رئيس الحكومة حسان دياب تحدث من الديمان السبت الفائت، عن “إصلاحات لا يراها الناس” أنجزتها حكومته، من غير أن ترضي الدول المانحة.

إنطلاقا من هذه الصورة، يرى البعض في زيارة لودريان إلى بيروت، والتي سبقها تنسيق أميركي- فرنسي في شأن الملف اللبناني، صفارة إنذار جديدة إلى خطورة الوضع على المستويين السياسي والاقتصادي، في ضوء بعض ردود الفعل السلبية تجاه دعوة البطريرك الراعي إلى حياد لبنان..

وفي انتظار ما سيحمله لودريان في جعبته، حصلت “المركزية” على تفاصيل برنامج لقاءاته مع أركان الحكم والمعارضة في لبنان، إنطلاقا من اجتماع مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون التاسعة والنصف صباح الخميس المقبل، يليه لقاء رئيس الحكومة حسان دياب العاشرة والنصف، وآخر مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري الثانية عشرة إلا ربعا، على أن يجتمع لودريان ونظيره اللبناني ناصيف حتي الأولى من بعد الظهر. وعلم أيضا أن رئيس الديبلوماسية الفرنسية سيلتقي البطريرك الراعي، وعددا من أركان المعارضة، بينهم رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع والزعيم الاشتراكي وليد جنبلاط، إلى جانب بعض أركان المجتمع المدني، ومسؤولي المدارس الكاثوليكية التي نالت مساعدات فرنسية في الفترة الأخيرة استعدادا للعام الدراسي المقبل، مع العلم أن البعض يتحدث عن أن قيمتها قد تفوق الأربعين مليون أورو.