كتبت ماجدة عازار في “نداء الوطن”:
بعدما ابتعد عن “بيت الوسط” طوعاً بفِعل “التسوية الرئاسية”، عاد اسم النائب السابق أحمد فتفت إلى غرف “بيت الوسط” و”تيار المستقبل”. وبعدما خرق صمته الطويل بإطلالة متلفزة وبمداخلات سياسية. وزّع فتفت في حوار مع “نداء الوطن”، رسائله في اتجاه رئيس الحكومة حسان دياب و”حزب الله”.
ويجزم فتفت بأنّ “فِكرة العودة الى السلطة غير واردة ابداً عند الرئيس سعد الحريري”. ويستهجن موقف دياب من الديمان، مُستغرباً ان “يقول شخص مسؤول بأنّه لن يستقيل لأن البديل لن يتأمّن”، وذكّر بالمثل القائل بأنّ “الأمّة بعد نبيّها تدبّرت”، فلا أحد لا يُستبدل أو “ستخرب الدنيا بعد ذهابه”، ويرى بأنّ “إنجازات دياب لا توحي بالثقة لنقول بأنّ مشكلة كبيرة ستحدث اذا استقال”، ويأسف لأنّ “الشعور بالـ”أنا” عند دياب ارتفع، الى حدّ لم يعد يتحمّل انتقاداً أو معارضة، ويرى أنّ لا بديل عنه، نتفهّم ذلك لو لديه إنجازات. و”نتحدّث من موقع مُعارض وليس من موقع أنّ الحريري يطمح ليكون البديل في أي لحظة في الظرف الحالي والتوازنات القائمة”.
ويتمنّى فتفت “لو يُحدّثنا دياب، القائل دائماً بأنّ الناس تجهل ما فعله، عن إنجازاته، فقد استلم البلد والدولار بـ 2000 فارتفع الى 10 آلاف، وتدحرج الأمن من كل الجهات، وزادت نسبة السرقات، وتدحرج الإقتصاد، تعهّد بإصلاحات ولم نرَ خطوة اصلاحية، والخطوة الإصلاحية الاساسية تمثّلت بإقرار قانون آلية التعيينات في الفئة الأولى، فنسفتها الحكومة، والكهرباء تراجعت دراماتيكياً بدل ان تتقدّم. نسمع اتّهامات ويقول كلّ مرة أن هناك مؤامرة، فإما كلامه مبني على معلومات فليُطلع القضاء عليها وليُسمِّ الاشياء بأسمائها والا ستعتبره الناس غير صادق، علماً بأنّ لا صحّة لكلامه بأن اتصالاً جرى بالخارج لتحريض دولة عليه”.
ويرى فتفت سببين يمنعان دياب من الإستقالة: الاول، “طبيعة شخصيته العنيدة، والتي ادركتها من خلال تعاملي الوزاري معه، هو يعتبر نفسه رجل انجازات، ونذكر هنا انه أنجز في أمر وحيد، فطبع كتاباً لا يتضمّن الا صور الحفلات والسلامات والتحيات، وكان يطمح للرئاسة الثانية دائماً و”ما صدّق يعمل رئيس حكومة”، وُعِد بالمركز منذ تولّيه حقيبة التربية، فنسج علاقات مع اطراف الثنائي الشيعي لبلوغه. اما المانع الثاني فيتمثّل بعدم استعداد “حزب الله” للتخلّي عن حكومته والدخول بمتاهات جديدة”.
الحياد خلاص البلاد
أما الحياد فمطروح تاريخياً في لبنان، ويصف فتفت موقف بكركي بـ”الجريء والواضح والصريح، إذ حان الوقت ليُسقِط احدهم الـ tabou عن الحديث عن الحياد، فأي لبناني سيقول بمفرده انّه الحلّ لكنّ لا أحد يتجرّأ على الخَوض به، والحياد وُضع اليوم على الطاولة، انفلت من عقاله ولا احد يستطيع ردّه الى الحظيرة، فالحديث بشأنه سيجري، ولا بأس إن أخذ وقتاً، لكنّه صارعلى كل شفة ولسان وتبيّن انه تجاوز العقد السياسية والطائفية عند كثيرين”. ويعتقد فتفت أنّ “موقف رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان يُعبّر بشكل غير مباشر عن موقف “حزب الله” الصامت”، ويُبدي انزعاجه من العودة “الى منطق التخوين والعمالة، فمن حق المفتي ابداء رأيه بأي أمر، لكن ليس من حقّه اتّهام كل من يطرح فكرة سياسية جديدة بالتخوين والعمالة.
وصحيح انّ الحياد أمر يتطلّب تفاهماً وطنياً، كما قال رئيس الجمهورية، لكنّ كل شيء يتطلّب تفاهماً وطنياً، والسلاح غير الشرعي ايضاً، فلماذا هو مسموح وكثيرون يعارضونه ولا يتحدّث احد عن تفاهم وطني بشأنه، وايضاً تدخل “حزب الله” في سوريا واليمن والعراق؟”. ورداً على رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل يؤكد فتفت بأن “الحياد ليس قراراً شخصياً انما هو قرار وطني، والحياد ليس النأي بالنفس، علماً ان “التيار” خرج عن النأي الذي نصّ عليه اعلان بعبدا وتنكّر له “حزب الله” ورئيس الجمهورية بعدما وقّعا عليه. والمطروح اليوم أبعد، هو موضوع استراتيجي، فخارج اطار القضية الفلسطينية نحن محايدون في كل شيء من دون استثناء”.
المحكمة الدولية و”حزب الله”
يرفض فتفت استباق حكم المحكمة الدولية في 7 آب، ويذكّر بأن “في نظامها لا تستطيع الحكم على حزب او دولة بل على اشخاص، ولكن بالحكم، يمكن ان يكون المتهمون منتمين الى “حزب الله” مثلاً، وهذا وارد، وعندها، اول ما يجب انتظاره هو موقف الحزب، فالقضية بالنسبة الينا ليست قضية عائلة الحريري او “المستقبل” او الطائفة السنّية بل قضية وطنية مرتبطة بكل الاغتيالات التي شهدها لبنان من 43 حتى اليوم والتي لم يُكشف عنها شيء، وبالتالي الموضوع هو الاغتيال السياسي واستعمال السلاح في الداخل لتحقيق مكاسب سياسية، فالمطلوب اولاً اعتراف الجميع بانها قضية وطنية ويجب الوقوف منها موقفاً وطنياً. وموقف”حزب الله” سيُحتّم طبيعة مستقبل العلاقة معه، اما قوله مُجدّداً بأن المتهمين قديسون فطبعاً هناك مشكلة، وعندها لكل حادث حديث. لكن سنحمّل المسؤولية لكل الاطراف الشريكة بالانتماء والقرار بالاغتيال، واذا كان البعض يعتبر نفسه فوق المسؤولية الوطنية عندها عن اي شراكة نتحدث؟ نتحدث عن هيمنة وسيطرة لا عن شراكة. واليوم يجب ان نعترف بان البلد تحت سيطرة “حزب الله”، فهل سيظلّ يقول اذا كان لديه مجرمون ويعتبرهم قديسين بأن المحكمة مُسيسة رغم سقوط تسييسها سنة 2015 عندما حكمت لمصلحة “الجديد” واثبتت انها عادلة؟”.
العودة الى”المستقبل”
أما عودة فتفت الى”المستقبل” فجاءت بعد جلستي حوار مع الحريري. وهل سيحملون معارضته ام سيخذلونه كما فعلوا سابقاً؟ يجيب: “لم يخذلني أحد، بل اعتكفت وفضّلت تحييد نفسي عندما وجدت ان مواقفي قد تؤدي الى شرذمة وانا ضدّ الشرخ، اما اذا كانوا سيحملوني، فطرحت السؤال على الرئيس الحريري واجابني بأن لا مشكلة عنده”. ويؤكد فتفت ان “التخوّف من الإغتيالات مشروع دائماً، في غياب اسس لدولة تمنع الاغتيال بقرارات واضحة قانونية وامنية”. وأسف “لاننا نرى حتى اللحظة بعد اغتيال الرئيس بشير الجميل تظاهرات لا يقترب منها احد ونسمع “طار راسك يا بشير” ومدحاً للقاتل بشكل علني، والدولة والقضاء لا يتحرّكان. وغداً سيصدر الحكم في اغتيال الرئيس رفيق الحريري، فإذا تمّ التعاطي مع الحكم بنفس الطريقة فمعناه انهم ينسفون اساس البلد”.