أكد رئيس “حركة الاستقلال” النائب ميشال معوض تأييده طرح البطريرك مار بشارة بطرس الراعي الإنقاذي بضرورة اعلان لبنان دولة محايدة، لافتا الى ان هذا الطرح لم يأت من فراغ ولا هو موجه ضد احد، فهو طرح مرتكز على منطلقات تاريخية واقتصادية من المفترض ان تجمع كل اللبنانيين.
معوض وفي تصريح من الديمان عقب لقائه البطريرك الراعي بحضور النائب البطريركي العام على الجبة واهدن – زعرتا المطران جوزف نفاع، مستشار معوض المحامي ادوار طيون، بالاضافة الى المسؤول الاعلامي في بكركي وليد غياض، قال: “فكرة الحياد تأتي في صلب ميثاق 1943، حين قيل لا شرق ولا غرب لم يعني ذلك تنكر لهوية لبنان العربية او لجذورنا المشرقية او ادارة ظهرنا للشرق للغرب، بل فكرة لا شرق ولا غرب هي الحياد والتفاعل مع الجميع مع الحفاظ على هوية لبنان التعددية والانفتاح والتفاعل والتوازن في علاقاتنا”.
واضاف: ” ثانيا اذا ما قرأنا جيدا في تاريخنا القديم والحديث، يتبين لنا انه في كل مرة انخرطنا فيها بلعبة المحاور تقاتلنا ودمرنا بلدنا وتحاربنا وخرجنا بمنطق لا غالب ولا مغلوب، وفي كل مرة ذهبنا فيها باتجاه الحياد او تحييد انفسنا من الصراعات الاقليمية عشنا مراحل من الاستقرار والنمو واحترام كرامة الانسان في لبنان”.
واكد معوض انه في هذه الظروف الاقتصادية والمعيشية التي نمر بها، حيث كرامة كل لبناني مهددة ولقمة عيشه لم تعد مؤمنة، علينا ان نعترف ان احدى الاسباب التي اوصلتنا الى هنا الى جانب الهدر والفساد والاخطاء فب السياسات المالية والنقدية هي عزلة لبنان نتيجة انخراطنا في لعبة المحاور”.
واردف: “انطلاقا مما سبق لا يمكننا سوى القول ان طرح البطريرك طرح وطني بامتياز وليس فئويًا وهو طرح انقاذي وجامع لكل اللبنانيين. وتكمن اهمية هذا الطرح بأنه نابع من بكركي من هذا الصرح الوطني الجامع وليس نابعًا من حزب او فئة سياسية قد يكون لديها مصالح وقراءة فئوية لهذا الموضوع. البطريرك قدم هذا الطرح من باب المبدأ ويجب تطويره بالتعاون فيما بيننا، وبلورته قانونيا وسياسيا واقليميا ودوليا وهذا ما قاله البطريرك”.
معوض دعا جميع اللبنانيين للالتفاف حول بكركي لبلورة هذا الطرح وتحويله الى حقيقة جامعة وقانونية تتمتع بحماية عربية ودولية.
اما بما خص بعض التعليقات وردود الفعل، قال معوض: “لا بد ان اعلّق على 4 نقاط حول هذا الموضوع: اولا من حق اي طرف سياسي واي مواطن لبناني مناقشة هذا الطرح والتحاور حوله ولكن من غير المقبول اطلاقا الحملات المبرمجة من شتائم وتخوين واتهام بالعمالة. هذا الموضوع لا نقبل به لانه يمس بجوهر علاقتنا مع بعضنا كلبنانيين وبأسس وقواعد العيش المشترك والميثاق، فواقع “اما انا من رأيك اما انا عميل” لا يمكن ان يستمر، هذا الارهاب الفكري يذكرنا بما حصل مع بكركي عقب اعلان نداء البطاركة الموارنة عام 2000، وقتها كنا تحت قوة الاحتلال والوصاية اما اليوم ماذا يحصل؟ فلنتعلم من هذه الحادثة ان بكركي بقيت بكركي والنداء البطريركي تحول الى استقلال ثان والشتامون ذهبوا الى مزبلة التاريخ.
ولفت معوض الى انه لا بد من التوضيح لتفادي الخطأ بالمفاهيم، فالحياد المطروح هو الحياد الإيجابي وهذا لا يعني ابدا ان لبنان ليس عضوا مؤسسا وجزءا من جامعة الدول العربية، وهذا لا يعني ان اسرائيل لم تعد عدوا، ولا يعني أيضاً اننا لم نعد ملتزمين كلبنانيين سياسيا ودبلوماسيا وانسانيا بالقضية الفلسطينية من دون ان نتحول الى الجبهة الوحيدة المفتوحة في العالم العربي. فالحياد الايجابي هو عمليا المدخل الحقيقي لقيام دولة قوية ترعى وتفرض وتحمي الحياد، دولة عليها واجب ان تدافع عن ارضها في وجه اي اعتداء من خلال سياسة دفاعية تحت ادارتها، دولة من حقها ومن واجبها ان تحمي لبنان من كل تهديد وتدير السياسات الاستراتيجية للبلد ومنها موضوع النازحين ورفض التوطين.
واضاف: “الحياد الايجابي يعني اننا كلبنانيين دولة وشعبا ومكونات ممنوع علينا ان ننخرط في لعبة المحاور وفي أي صراع أمني أو عسكري أو سياسي، والحياد الايجابي يعني ألا ندخل بأي صراع عربي – عربي، عربي – ايراني، عربي – تركي، او اي صراع دولي بل أن نكون قوة للجمع”.
أما بشأن الكلام ان الحياد بحاجة لحوار واجماع وطني، فأوضح معوض أن هذا الكلام صحيح فالحياد بحاجة لحوار وإجماع وطني وإرادة داخلية جامعة، وكل البلدان الحيادية انطلقت من ادارة داخلية للحياد واكبر دليل سويسرا والنمسا، ولكن بالمنطق والقوة والتشدد إياهم فإن قرار أخذ لبنان الى لعبة المحاور بحاجة أيضاً الى حوار واجماع وطنيين، فالعمليات العسكرية والامنية خارج لبنان ليست بحاجة فقط الى اجماع وطني بل الى تغيير دستور وقوانين، وعلى اللبنانيين ان يعرفوا ان قانون العقوبات اللبناني يجرّم اي عملية عسكرية امنية او عسكرية خارج الحدود اللبنانية.
معوض رد على كلام صدر من على منبر الديمان من رئيس مجلس الوزراء حسان دياب يقول فيه إن الحياد موضوع سياسي، قائلا: “موضوع الحياد ليس مجرد مسألة سياسية بل أولا مسألة ميثاقية كيانية بامتياز فالانخراط في المحاور دمر لبنان وضرب اسس بلدنا، والبديل عن الحياد هو الفوضى وعدم الاستقرار والتقاتل. في الإطار نفسه، فإن الحياد مسألة اقتصادية مالية واجتماعية تمس بلقمة عيش كل لبناني، فالحكومة بخطتها تقول اننا بحاجة لتأمين ضخ 28 مليار دولار خلال السنوات الاربعة القادمة، وهنا السؤال: اذا لم نخرج من عزلتنا من أين سنحصل على الـ28 مليار؟ هذا السؤال برسم كل مسؤول.
وفي الختام اكد معوض انه علينا مصارحة اللبنانيين وقول الحقيقة بأن على المستوى السياسي البديل عن الحياد هو الفوضى والدمار والتقاتل وعلى المستوى الاقتصادي البديل هو الجوع والبؤس والفقر.
واستبقى البطريرك الراعي معوض الى مأدبة الغداء.