IMLebanon

استشفاء الناس على المحك… من “هالك لمالك لقبّاض الرواح”!

لبنان الذي كان ذات يوم مجيد حقاً “سويسرا الشرق” وقبلة المشرق ونقطة ارتكازها أدبياً وسياحياً وفنياً ومالياً ومصرفياً واستشفائياً ولّى إلى غير رجعة بفعل حفنة حكام أمعنوا في تصحيره وتجفيف منابع طاقاته حتى أعادوه حرفياً إلى زمن العصر الحجري حيث لا ماء ولا كهرباء ولا مال ولا استشفاء، وها هم بعدما كان بلداً كل الشرق يصبو إلى التوجه نحوه، قلبوا المعادلة رأساً على عقب ليجعلوا منه دولة مفلسة فاشلة تستجدي سبل التوجه شرقاً لإبرام مقايضات تهين كرامة اللبنانيين على شاكلة استعطاف الدول لتأمين قوت يومهم من نفط وغذاء ودواء. فإضاءة “دير شبيغل” على انهيار القطاع الاستشفائي في لبنان حيث “النظام الصحي ينهار والأطفال يموتون عند أبواب المستشفيات وسط نقص متزايد في الأدوية والمعدات الطبية”، لم يكن سوى “توصيف واقعي” لما بلغه هذا القطاع من منحى دراماتيكي وضع البلد برمته على فراش “الموت السريري” حسبما تؤكد مصادر طبية لـ”نداء الوطن” محذرةً من أنّ استشفاء الناس أصبح على المحك تحت قبضة حبال الأزمة الخانقة التي بدأت تشتد وطأتها أكثر فأكثر على إدارة المستشفيات والضمان الاجتماعي، بينما السلطة تواصل سياسة إدارة الظهر لمستحقات الطرفين، تاركةً لعبة الحياة والموت تتقاذف أرواح اللبنانيين من “هالك لمالك لقبّاض الرواح”.

فالمشكلة ليست في الضمان الاجتماعي ولا في المستشفيات “بل هي في عجز الدولة عن إيجاد حلول مستدامة توقف الانهيار الحاصل في القطاع الاستشفائي في البلد”، وفق تعبير المصادر الطبية، موضحةً أنّ “ما يحصل راهناً وتتناقله الصحافة العالمية من تراجع الخدمات الاستشفائية للمواطنين تتحمل تبعاته الكارثية السلطة السياسية بالدرجة الأولى لوضعها المستشفيات أمام أفق مالي مسدود فرض عليها اعتماد تقنين قسري في قبول معاملات استشفاء المواطنين على نفقة الضمان الاجتماعي تجنباً لإقفال أبوابها”.

وفي هذا الإطار كشفت المصادر عن أنّ “نقيب المستشفيات سليمان هارون تبلغ من معظم إدارات المسشتفيات أنها لم تعد قادرة على استقبال أي معاملة استشفاء من الضمان سوى تلك المصنفة “حالات طارئة” لمرضى لا يحتمل وضعهم الصحي إرجاء الخضوع للعلاج أو الإجراء الجراحي”، وهو ما تؤكدة مسؤولة عن معاملات الضمان في أحد المستشفيات لـ”نداء الوطن” مشيرةً إلى أنّ الموافقة على هذه المعاملات باتت محصورة بمندوب الضمان المناوب لدى المستشفى لدرس “كل حالة على حدة”، باعتبار أنّ الموافقة المسبقة لم تعد سارية المفعول وإدارات المستشفيات باتت تتشدد في قبول معالجة “مرضى الضمان” وتتعامل انتقائياً مع الملفات على قاعدة درس الحالات “Case by case” للتأكد من وضع المريض ومن حالته الطارئة التي تستدعي دخوله المستشفى.