كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:
بات أكيداً أن وزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان يحمل معه مضبطة إتهام للحكومة والحكم تتعلّق باللامبالاة تجاه الأزمة الإقتصادية الخانقة.
لن يقترح لودريان مبادرة حلّ أو أفكاراً يتمّ العمل بموجبها، بل إنّ زيارته التي ستشمل المسؤولين الرسميين وغير الرسميين ستركّز على خطورة الأزمة التي تعصف بلبنان و”ميوعة” الحكومة اللبنانية في السير بالحلول التي باتت واضحة.
ولن يحمل لودريان معه بشرى سارة بأنه سيتم الإفراج عن الأموال المرصودة في مؤتمر سيدر 1 والتي تبلغ نحو 11 مليار دولار، لكنه في المقابل سيؤكّد أن تلك الاموال موجودة لكنها لن تصرف ما لم تباشر الحكومة اللبنانية بإجراء الإصلاحات المطلوبة منها وتوقف مزاريب الهدر والفساد، فزمن الهبات قد ولّى إلى غير رجعة.
لكن من المرجح أن يجدد لودريان طرح تأليف حكومة حيادية لا يشارك فيها “حزب الله” وذلك من أجل تخفيف الغضب الأميركي والخليجي لأن “الحزب” لا يزال يرتبط بشكل كامل بإيران، وإدارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب ماضية في سياسة معاقبة إيران والحدّ من نفوذها.
وأمام كل هذه الوقائع، سيركّز لودريان أيضاً على مبدأ الحياد الذي يطرحه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، خصوصاً أن الوزير الفرنسي سيحمل معه تحذيرات للحكم اللبناني من أن إدخال البلد الصغير في لعبة السياسات الكبرى ستكون له إرتدادات كارثية تترافق مع إشتداد الأزمة الإقتصادية.
وتبدو فرنسا الداعمة لمواقف بكركي ناشطة على خطّ إنقاذ ما تبقّى من لبنان الجميل أو المؤسسات التي لعبت دوراً في إبراز وجه لبنان الحضاري وساهمت في تطويره، وعلى رأس تلك المؤسسات المدارس الفرنكوفونية الخاصة والتي ستحظى بدعم فرنسي مهم سينقذها من أزماتها.
لكن من جهة ثانية، لن يستطيع رئيس الحكومة حسّان دياب التباهي أمام وزير خارجية فرنسا بالـ 97 في المئة من الإنجازات التي يزعم ان حكومته حققتها، لأن الحقيقة دامغة أمام الزائر الفرنسي، وهي أنه لم يتمّ تحقيق أي إصلاح ذي قيمة، والدليل أن البلاد تغرق أكثر وأكثر في أزماتها.
وتؤكّد مصادر وزارية لـ”نداء الوطن” أن دياب سيطرح أمام لودريان الأوضاع التي يمرّ بها لبنان والصعوبات التي تواجهها حكومته خصوصاً انها استلمت سدّة المسؤولية والبلاد تعاني من الإنهيار والأزمة الإقتصادية في أوجها، وهي تحارب بعدما ورثت 30 سنة من سوء إدارة الدولة ويجب إصلاحها في أشهر، يضاف إليها وضع عراقيل في مسيرة الحكومة ومحاربتها في الداخل والخارج وسط العزلة العربية والدولية التي يعيشها لبنان”.
ويحضّر دياب أوراقه جيداً لطرحها امام لودريان، وهو سيطلب مساعدة باريس ليجتاز لبنان محنته، وبالتأكيد سيطالب بالإفراج عن أموال سيدر لكي تنشط الدورة الإقتصادية ويوضع لبنان على سكة الحل، لأن هذه الاموال ضرورية في هذا الظرف الذي تمرّ به البلاد.
وعلى رغم محاولة دياب وحكومته تحميل المسؤولية للحكومات السابقة، والإدعاء بأنهم “ما خلونا نشتغل”، فان الموقف الفرنسي بات واضحاً وضوح الشمس وهو أنه لا يوجد مساعدات أو دفع أموال سيدر بلا إصلاحات، وبالتالي فان دياب الذي عليه أن يتحمّل حدّة الموقف الفرنسي، لن يخرج بأي وعد من لودريان بقرب الفرج الخارجي.
ومن جهة أخرى، إن الموقف الفرنسي بات واضحاً أيضاً وسيكرره لودريان، وهو ان على لبنان التفاوض مع صندوق النقد الدولي لأنه الباب الأسرع للخلاص وحل الأزمة الإقتصادية، ومن دونه لا مجال للحل خصوصاً ان المراوغة وتضييع الوقت ستكون كلفتهما عالية على لبنان.
إذاً، زيارة لودريان ستتمحور حول نقطتين أساسيتين هما طلب تنفيذ الإصلاح الجذري وتحييد البلاد عن لعبة الإقليم الكبرى، وهو الذي سيلتقي البطريرك الراعي وسيحضر موضوع الحياد بقوّة على طاولة اللقاء مع دعم فرنسي كبير لمواقف بطريرك الموارنة.