كتبت منال زعيتر في “اللواء”:
ما هو الحياد الذي يبحث عنه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي؟
سؤال تطرحه قيادات رفيعة المستوى في ٨ آذار، ملمحة بدون مواربة بأن الحياد المطلوب يخفي في طياته مضمون المطالب الاميركية بتركيع حزب الله، وياتي كخرطوشة اخيرة في الحرب الناعمة التي تخوضها واشنطن والعدو الاسرائيلي وجهات عربية ضد الحزب قبل الذهاب الى المواجهة العسكرية المباشرة التي لا مفر منها بعد سقوط طرح «الحياد» المزعوم.
في الكواليس، تؤكد هذه القيادات ان حسن الظن بشريكنا الاخر في الوطن يمنعنا حتى اللحظة من التعليق او التفاعل مع طرح الراعي، على الاقل ما زال المشروع المطروح من قبله حسب مصادره هو اجتهاد شخصي غير مدفوع من قبل جهات خارجية، وحتى يثبت العكس فاننا نلتزم بالصمت الذي هو بحد ذاته رسالة تعبير عن عدم ارتياحنا للطرح المذكور ولا لعواقبه التي قد ترتب على الجميع في مرحلة لاحقة تسمية الامور باسمائها.
وعلى قاعدة حسن الظن، فاننا نقلنا للراعي ما نعرفه من ان ادارة ترامب وجدت في طرحه عن الحياد مدخلا جديدا للعمل على زيادة الانقسام اللبناني ومحاولة توظيفه في الضغط على الدولة اللبنانية لمنعها من التوجه شرقا وفرض ملف ترسيم الحدود البرية والبحرية مع فلسطين المحتلة، اضافة الى مسالة تدويل ملف الحدود «اللبنانية-السورية» عبر التحجج بمسالة المعابر غير الشرعية.
وضمن التوظيف ذاته، تقول المصادر، ياتي الضغط الاميركي لتوسيع مهام قوات اليونيفيل في الجنوب لتنفيذ مهمة واحدة وهي استهداف «الصواريخ الدقيقة» لحزب الله.
ثمة تساؤلات كثيرة تريد ٨ اذار اجوبة عليها؟
١- هل يستطيع البطريرك الراعي شرح كيفية تطبيق الحياد والعدو الاسرائيلي ينتهك الاجواء اللبنانية ويهدد بالتعدي على ثروتنا النفطية، في حين ان الجيش اللبناني غير مجهز عسكريا للتصدي له .
٢- هل بامكان الراعي تنفيذ الحياد، ولبنان يخير بين الجوع وتوطين اللاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين؟.
٣- كيف سيطبق الحياد في ظل سعي جهات دولية الى استغلال الازمة الاقتصادية من اجل تحريك خلايا ارهابية للعبث بالامن والاستقرار في لبنان.
٤- هل الحياد الذي يبحث عنه الراعي موجه ضد الشيعة بشكل خاص، وكيف سيفرضه على شركائه في الوطن :بالقوة او بالتفاهم المفقود حاليا؟
٥- هل الحياد المطلوب يمنع واشنطن من التدخل في الشؤون اللبنانية وفرض عقوبات اقتصادية لتجويع الشعب اللبناني وتقليب اللبنانيين على بعضهم والترويج بان حزب الله هو السبب في ازمات الفساد والانهيار الاقتصادي؟
٦- اذا كان الراعي يريد الحياد فكيف يسكت على تصنيف حزب لبناني مشارك في البرلمان والحكومة بالارهاب، وكيف يقبل بالزام لبنان بقوانين اميركية جائرة كقانون قيصر تؤذي لبنان قبل ان تؤذي سوريا؟
٧- كيف سيطبق الراعي الحياد في ظل وجود الكيان الاسرائيلي الغاصب على حدودنا الجنوبية وهل الحياد المنشود يعني ابرام تسوية مع العدو الاسرائيلي؟
وهذه النقطة تحديدا تشكل بالنسبة لـ٨ اذار اكثر هدف تسعى اليه واشنطن من خلال تفعيل المطالبة الداخلية «بالحياد»، وهنا، والكلام للمصادر، ما زلنا نفترض حسن النية من وراء طرح الراعي ولا نريد الاعتقاد بانه يسعى لما تسعى اليه واشنطن.
وبالتالي فان قوى ٨ اذار ما زالت تتعاطى مع طرح الراعي بسطحية وتجاهل، وتقول بكل صراحة ان هذا الطرح ولد ميتا ولا ظروف مؤاتية للسير به او تطبيقه، ومن هنا فان ما يهمنا في هذه المرحلة كقوى فاعلة واساسية في البلد توجه الجميع لتوحيد الصف اللبناني لمواجهة الازمة الاقتصادية بدل التلهي بمغامرات جانبية قد تؤدي من حيث يدري او لا يدري اصحابها الى زيادة الشرخ بين اللبنانيين وتفجير البلد.