IMLebanon

الحكومة تبيع إنجازات “وهمية”.. وتتجاهل الكارثة

الانهيار الاقتصادي والمالي الحاد يتفاقم يوما بعد يوم في لبنان، ملقيا بتداعيات كارثية على القطاعات الاجتماعية كافة، فيما السجال السياسي يستر على خلفية مبادرة الحياد التي اطلقها البطريرك الماروني والتي حاول حزب الله تحويلها إلى مبادرة طائفية من خلال إلقاء التهم بالعمالة على كل من يطرحها. وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان الذي يبحث في بيروت كيفية اخراج البلاد من مأزقها الاقتصادي، يأتي حاملاً الانذارات الاخيرة من المجتمع الدولي إلى أهل الحكم، ومفادها «باشروا بالاصلاحات بأسرع ما يمكن كي نساعدتكم».

حكومة اللون الواحد التي يرأسها حسان دياب ويقودها فعلياً حزب الله، مهدت لاستقبال الضيف الفرنسي بقرارين يندرجان في اطار الإصلاحات التي يحض عليها صندوق النقد الدولي والجهات المانحة شرطا أساسيا لمساعدة لبنان وهي: مباشرة التدقيق المالي الجنائي في مصرف لبنان، والحد من عمليات التهريب عبر معاينة البضائع على الحدود الزامياً بالـسكانر.

وهاتان الخطوتان المتأخرتان أصلاً رأى فيهما مراقبون انهما التفافا ومحاولة استباقية للقول «انظروا اننا نقوم بالاصلاح فعلا وليس قولاً».

مصدر نيابي معارض اعتبر ان وزير الخارجية الفرنسي لا يحمل مبادرة ولا مشروعا، وانما سيكرر مواقفه السابقة مع تشديد اللهجة هذه المرة. وأشار المصدر في اتصال مع القبس الى ان محاولة الحكومة «بيع» هذه «الأوهام» كإنجازات لن تنطلي على المجتمع الدولي الذي ينتظر نتائج، فالعالم كله بات يعرف مزاريب الهدر والفساد، وكان يمكن أخذ قرارات الحكومة بجدية لو شملت عملية التدقيق الجنائي اكبر مغارة للهدر والعجز في خزينة الدولة، أي قطاع الكهرباء.

وشكك المصدر في نجاح الحكومة في الحد من عمليات التهريب. وتساءل هل ستوضع السكانر على المعابر التي يعتمدها حزب الله؟ ويختم المصدر بالقول «ان عهد الرعاية الفرنسية المجانية قد ولى»، لافتاً الى ان الفرنسيين بدأوا يتماهون مع الإدارة الأميركية في مقاربة الملف اللبناني بعد ان كانوا يفضلون سياسة «تخفيف الضغوط»، الا ان أداء الحكومة الحالية جعلت الفرنسيين يتبنون الرؤية الأميركية وعنوانها «دعم لبنان مشروط بالتحرر من الانصياع لهيمنة حزب الله»، من هنا تأييدهم لمبادرة البطريرك في مشروع الحياد.

أذرع حزب الله

وفي ظل صمت حزب الله المعني الرئيسي بفكرة الحياد، باستثناء ما صدر عن مرجعيات شيعية موالية له عبرت عن رفضها المطلق، لاسيما المفتي الجعفري الممتاز احمد قبلان.  وكان لافتاً أمس رد العلامة علي الأمين على كلام قبلان، الذي ذكّر فيه بأن «الشيعة» هم الأكثرية وأن «على البعض أن يتذكر أن زمن عودة المارد للقمقم صار بخبر كان»، واعتبر الأمين اثر لقائه الراعي أن المنطق الأكثري هو منطق طائفي رفضناه.. ونرفضه مجدداً.

ويرى مراقبون ان حزب الله لا يمكنه السير بالحياد بسبب انغماسه حتى النخاع في محور ارهاب اقليمي تقوده ايران، فهو لطالما نقض منذ عام 2005 جميع الطروحات للحياد والنأي بالنفس حتى قبل اندلاع الثورة في سوريا او انتفاضات الربيع العربي، ولم يتورع اساساً عن استخدام سلاحه لترهيب اللبنانيين.

وتقول اوساط مراقبة ان الحزب حاليا لا يريد الدخول في مواجهة طائفية لذا فقد التزم الصمت موكلاً إلى الفريق الرئاسي والتيار الوطني الحر الذي يعتبر نفسه المدافع عن «حقوق المسيحيين» بالرد على الراعي وتطويقه ورفض مبادرته، وهذا الامر برز بالفعل من خلال الهجوم الذي تقوده مجموعات الذباب الالكتروني على مواقع التواصل الاجتماعي ضد الراعي. وترى الاوساط ان حزب الله لن يقدم أي تنازل في الفترة الحالية في انتظار نتائج الانتخابات الأميركية.