كتبت إيفا أبي حيدر في صحيفة الجمهورية:
عاد ملف الفساد الغذائي الى الواجهة مجدداً، بعد اكتشاف مستودع للدجاج الفاسد. وعمدت امس وزارة الاقتصاد الى سحب وتلف منتجات مصنّعات الدجاج من ماركات «شومان» lipoul وcarry، ويبقى على المستهلك التنبّه والتخلص من هذه المنتجات اذا كان يخزّن منها في منزله.
نام اللبنانيون أمس على فضيحة غذائية من العيار الثقيل، بعدما تبيّن انّ ماركات من الدجاج، لا سيما الاغلى ثمناً منها، فاسدة. لا بل من المتوقع أن تتكشف تباعاً من اليوم فصاعداً، ملفات عدة تتعلق بالفساد الغذائي خصوصاً اللحوم منها. فغالبية التجار كدّسوا البضائع منذ ان بدأ سعر الدولار بالتحرك، واشتروا كميات كبيرة على سعر دولار يتراوح ما بين 1515 و 3000 ليرة، وخبؤوها لإعادة بيعها على سعر دولار 10 آلاف ليرة كما هو حاصل اليوم. والاخطر من ضمن هذه المنتجات، اللحوم والدجاج، لأنّها محكومة بتاريخ صلاحية قصير المدة.
فبالامس، ظهرت فضيحة الدجاج المصنّع، ومن غير المستبعد ان تطلّ فضيحة اللحوم في الفترة المقبلة، لاسيما وانّ غالبية تجار اللحوم كانوا في انتظار دعم اللحمة من دولار المصرف المركزي على سعر 3900 ليرة، قبل ان يخفضوا اسعار اللحمة المستوردة من 65000 الى بدءاً من 18000 ليرة.
ووفق معلومات لـ«الجمهورية»، فإنّ بعض اللحوم المبرّدة في الاسواق منتهية الصلاحية، التي لا تزيد عادة عن 30 يوماً، وإحجام المستهلكين عن شراء اللحوم في الفترة الماضية بسبب ارتفاع اسعارها، اضرّ بالمستوردات وبالقطاع. لكن اليوم ومع ادخالها من ضمن السلة المدعومة، عادت اللحوم بأسعار زهيدة جداً وعروضات مغرية في بعض السوبرماركات. كما كشفت معلومات، انّ بعض اصحاب الملاحم عمدوا الى خلط اللحمة بقوانص الدجاج المفروم لرفع زنة اللحمة وبيعها بسعر 35 الف ليرة، وقد شكا فعلاً بعض المواطنين أخيراً من تغيّر في رائحة ونوعية اللحمة.
لكن السؤال الاهم، هل سيكون مصير ملف الفساد الغذائي هذا كغيره من الملفات التي تقبع في الجوارير من دون ايقاف اي فاسد فيها؟ هل ستدخل المحسوبيات السياسية في زواريب ملفات الفساد الغذائي، لتبرئة من كان يُطعم السرطان للبنانيين على حد وصف وزير الصحة؟
«شومان»، وهي ماركة الدجاج الاغلى ثمناً مقارنة مع مثيلاتها، lipoul وcarry التي دخلت السوق اللبنانية أخيراً، هي الماركات التي تمّ سحب مصنوعاتها من الدجاج من السوق أمس، كالناغتس والاسكالوب، بقرار من وزير الاقتصاد راوول نعمه، بعد ان ثبت أنّ الدجاج فاسد وغير صالح للاستهلاك، ويُستعمل لصناعة الناغتس والاسكالوب وغيرها من مصنعات الدجاج، عبر تفريزها وطحنها واستخدام مواد أولية منتهية الصلاحية في تصنيعها، ومن ثم تُوزع على عدد من المتاجر ونقاط البيع. وطُلب من نقاط البيع كافة سحب تلك المنتجات فوراً من الأسواق، تمهيداً لاتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة لإتلافها، حيث تُكلّف مديرية حماية المستهلك مراقبة تطبيق هذا القرار.
ومتابعة لهذا الملف، يقول المدير العام لوزارة الاقتصاد محمد ابو حيدر لـ«الجمهورية»: «انّ ما حصل امس فضيحة من العيار الثقيل تهزّ كل مواطن»، كاشفاً انّه فور الكشف على مستودعات الدجاج الفاسد في منطقة زكريت، طُلب من كل اصحاب السوبرماركات والمتاجر الكبرى جمع وسحب المواد الغذائية الفاسدة من الاسواق اللبنانية، وعدم اعادتها الى صاحبها بل تلفها مباشرة، مؤكّداً انّه اشرف أمس شخصياً على عمليات تلف في بعض السوبرماركات الكبرى.
وقال: «بعدما تبيّن لنا انّ المنتجات الفاسدة تحمل اسم «شومان» و«lipoul» عاد وتكشف انّ هناك ماركة اسمها «carry» متوفرة خصوصاً في إحدى السوبرماركات الكبرى، تشتري الدجاج من شركة lipoul لتصنيعه. لذا اتخذنا تدبيراً احترازياً بسحب كل منتجات هذه الماركة من السوق ايضاً». أضاف: «وفق معلومات يتمّ التأكّد منها، انّ «كاري» لا تأخذ بضاعة فقط من هذه الشركة، لكن الى حين التأكّد من مصدر الدجاج في ماركة «كاري» تمّ سحبها جميعها كتدبير احترازي».
وتابع: «لم يتمّ تحديد زنة وحجم الكمية التي سُحبت من السوق بعد، انما طلبنا من كل السوبرماركات ابلاغنا بالكميات التي لديها في كل الفروع، ويجري تلفها تباعاً بإشراف وزارة الاقتصاد».
وناشد ابو حيدر المستهلكين الذين اشتروا من هذه الماركات لتخزينها التخلّص منها. وأردف قائلاً: «انّ هذا الملف لم ينته بعد. ونحن في انتظار معطيات جديدة من القضاء ما اذا كانت هذه الشركة تعطي منتجات لشركات أخرى بماركات مختلفة، او لمطاعم، حتى يتمّ اتخاذ التدابير اللازمة. وذلك من ضمن سياسة التتبع التي تعتمدها الوزارة».
ورداً على سؤال، قال ابو حيدر: «تسقط كل الاعتبارات السياسية والمذهبية والخطوط الحمر كلها أمام صحة المواطن. حيث لا يجوز المساومة في هذا الملف او اللفلفة السياسية».
وعمّا اذا كان من معطيات لمكامن فساد غذائي يجري تتبعها، قال: «نحن على اتمّ الاستعداد لذلك، ما ان يصلنا اي اخبار في هذا الشأن. مع العلم انّ في ملف الامن الغذائي هناك صلاحيات لوزارة الزراعة والصحة الى جانب الاقتصاد». وكشف انّ الوزارة تعمل وتتحرّى على احدى الملفات المهمة مع الاجهزة الامنية. على امل التوصل الى شيء في القريب العاجل.
من جهة اخرى، وفي سياق توسيع عمل مديرية حماية المستهلك، اشار ابو حيدر الى انّه يتم العمل بالتعاون مع كل من محافظ بيروت وجبل لبنان على تخصيص كل بلدية شخصين او ثلاثة لدعم حماية المستهلك، في مراقبة هامش الربح في المحلات والاحتكار. اذ انّ 120 مراقباً في وزارة الاقتصاد لا يكفون وغير قادرين على مراقبة كل السوق.
وعن السلّة الغذائية المدعومة اكّد انّه من المتوقع ان تتوفر السلع التي تتضمنها بالاسعار المخفضة في غضون اسبوعين او ثلاثة. وشدّد على انّه بعد الشكاوى التي وصلته عن عدم توفر البضاعة المدعومة في المناطق النائية، جرى العمل على هذا الموضوع وسيتوسع التوزيع ليشمل كل المناطق.