كتب محمد دهشة في صحيفة “نداء الوطن”:
نجحت الاعتصامات المفتوحة والمتواصلة للهيئات البيئية والشعبية ومؤسسات المجتمع المدني في رفع الصوت عالياً رفضاً لانشاء سد بسري الذي يشكل انشاؤه كارثة بيئية، تعمل عليها السلطة تحت عنوان “البحث عن مصادر بديلة لتغذية بيروت وجبل لبنان بالمياه”. وأدت الاحتجاجات إلى دفع البنك الدولي إلى تعليق العمل به لمدة ثلاثة اشهر، خصوصاً بعد رسالة وصلته من رئيس الحكومة حسان دياب يطالب فيها بإعطاء الحكومة مهلة جديدة.
واوضحت مصادر بيئية لـ “نداء الوطن”، ان رسالة البنك الدولي هي الثانية بعد الاولى في حزيران الماضي، حينها طالب البنك الحكومة بالرد على اسئلة لجهة إنجاز الحكومة برنامج ECP المخصص للمشروع في موعد أقصاه 10 تموز 2020، ووضع اللمسات الأخيرة على ترتيبات التشغيل والصيانة في موعد أقصاه 22 تموز 2020، وعودة المقاول الى موقع العمل في الموعد ذاته، وإلا سيتم إلغاء الجزء المعلق من القرض بموجب هذا المشروع.
واليوم، تنفس الناشطون في مرج بسري الصعداء، معتبرين ان قرار تعليق العمل بالسد غير كافٍ، ورسالة البنك غير واضحة كثيراً مقابل اصرار الحكومة على التنفيذ، رغم كل الاعتراض والرفض السياسي والشعبي والبيئي، والاهم ان قرض السد أقر بقانون في مجلس النواب ولا يمكن ان يلغى إلا بقانون آخر، فيما الأكثرية النيابية تؤيده ما يصعب ذلك.
وتقول الناشطة في الحراك نوال المعوشي لـ “نداء الوطن”، ان “التعليق خطوة على الطريق ولكنها ليست النهاية وغير كافية في ظل غموض رسالة البنك الدولي”، مضيفة “ازاء هذا التطور سنبقى نعمل على محورين: الدفع باتجاه الغاء السد كلياً وليس التعليق واعطاء مهلة، وتحويل دعم البنك الدولي الى مشروع آخر انساني اجتماعي يخفف من وطأة معاناة اللبنانيين في ظل جائحة كورونا والضائقة الاقتصادية الخانقة، والبقاء على يقظة لافشال اي محاولة لإدخال المعدات والآليات مجدداً تمهيداً لبدء العمل”، مشيرة الى “ان المحتجين يتدارسون التطورات في ما بينهم وسيعملون على تحقيق هدفهم، يحتاج الامر الى صبر ونفس طويل”.
ميدانياً، لم يطرأ اي تغيير على واقع المرج، هدوء يخيم على المكان، قوة من الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي ترابض عند المدخل الرئيسي، بعض من الناشطين البيئيين يتواجدون في المكان فيما كان اللافت ليلاً قيام الحملة الوطنية للحفاظ على مرج بسري بتنظيم فعالية دعم تحت شعار “نحن السد بوج السد… السد لن يمر”، تخللها تخييم، اغانٍ وطنية، وحلقات حوارية”.
وقال الناشط الصيداوي وليد السبع أعين، “كفى استهتاراً بآراء الناس ورفضهم المشروع، حلّو عن أرضي وبلادي”، مضيفاً: “بعد سرقة أموال الناس ومصادرة الأملاك البحريّة من قبل النافذين وانهيار الليرة اللبنانية مقابل الدولار وذلك بفعل بفاعل، لم يكتفِ حوت المال، ليتجرأ مجدداً على نهش ما تبقى للوطن من بيئة وذلك بالقضاء على الطبيعة في مرج بسري بحجة إقامة سدّ ليس الأول من ضمن الصفقات ولن يكون أفضل من أسلافه من السدود السابقة الفاشلة”، مؤكداً: “لن يمرّ هذا المشروع المدمّر لطبيعة لبنان، سهل بسري غني بإنتاجه وثرواته الزراعية وهو المحجة للوافدين إليه لما يتمتّع به من جمال طبيعته السياحية وطيبة أهل القرى المحيطة به وتنوعهم الطائفي، فبوحدة أبناء هذا الوطن نحن مدعوون جميعاً للوقوف بوجه هذا المشروع المدمّر والذي لا يقل خطورةً عن موقعه ضمن فالق روم الزلزالي والقريب من فالق شحيم والذي قد يتسبب بخطر على المنطقة المحيطة به ضمن قطرٍ ليس صغيراً ومهما تكلّمنا عن بسري لن نعطيها حقها بقدر بسيط مما تستحقّه فلن يرحمنا التاريخ ولن ترحمنا الأجيال القادمة إن تهاونّا بتمرير مثل هذا المشروع المدمّر، المطلوب منا إعلان تضامننا إلى جانب الحفاظ على محمية بسري الطبيعية ومناهضة إقامة السّد المدمّر لطبيعة لبنان.
دعم نيابي
والى جانب حراك الناشطين، تواصل الدعم النيابي الرافض لاقامة المشروع، واكد رئيس لجنة البيئة البرلمانية النائب مروان حمادة في اعقاب اجتماع بُحثت فيه قضية سد بسري، انه “تم الاتصال بالمدير التنفيذي للبنك الدولي، واستقصينا منه عن موقف البنك بعد ان طلبت الحكومة تمديد مهلة البدء بالمشروع 3 اشهر اضافية، وتبين ان البنك ابلغ الحكومة الليلة الماضية انه يقبل إعطاءها مهلة لن تزيد عن 4 إلى 6 أسابيع، متمنياً ان تكون فرصة حوار حقيقي مع الرأي العام”، مشيراً إلى أنه “حاولنا اضفاء الطابع التقني بعيداً من المواقف السياسية المسبقة، لان لهذا الموضوع جانباً بيئياً اساسياً وهناك مخاطر جراء اقامة السد في تلك المنطقة”، منوهاً بأن “وزير البيئة سيعطي نهار الاربعاء المقبل جواباً على موضوع بسري”.