كتب ايليا ج. مغناير في صحيفة “الراي”:
قال رئيس «الموساد» الإسرائيلي يوسي كوهين، «أحذر حزب الله: لا تعبثوا بالأمن على الحدود الشمالية». ويقصد بذلك ردّ فعل «حزب الله» على قصف إسرائيل لمطار دمشق هذا الأسبوع والذي أعلن بعده الحزب عن مقتل أحد أفراده. ولم يتناول الإعلام الإسرائيلي مسألة إذا كان «حزب الله» سيردّ، بل متى وكيف وإذا كانت الضربة ستؤدي إلى حرب شاملة؟
ونقلت القيادة العسكرية وحدة «الكتيبة 13» من «لواء غولاني» إلى قيادة «فرقة الجليل» المسؤولة عن الجبهة الشمالية مع لبنان كجزء من إجراءات مواجهة إنتقام «حزب الله». ومع ذلك فإن إجراءات مماثلة لم تنفع إسرائيل العام 2006 يوم هاجَمَ الحزب دورية وخطف عنصرين من الجيش الذي كان يتوقّع هجوماً مماثلاً حينها.
مما لا شك فيه أن إسرائيل تتخذ إجراءات دفاعية خوفاً من أن يعْبر «حزب الله» الحدود، ذلك أن أمينه العام السيد حسن نصرالله كان حذّر إسرائيل من أن «أي كادر أو شاب يُقتل في سورية ولبنان سنحمّل إسرائيل المسؤولية وسنعتبر أن من حقنا أن نردّ في أي مكان وزمان وبالطريقة التي نراها مُناسِبة».
وعلى عكس ما يعتقده المراسل العسكري المخضرم الون بن دافيد أن «حزب الله يمكنه أن يرد بقطع أسلاك الحدود وليس بالضرورة باستخدام القوة، وأن لبنان ينهار وتالياً فإن نصرالله سيكون حريصاً جداً على عدم اتخاذ خطوة تجرّ لبنان إلى مواجهة عنيفة مع إسرائيل»، فإن هذا التحليل غفل عن عنصر مهم جداً، هو أن الحزب ألزم على نفسه أمام إسرائيل وأمام مجتمعه بالرد لفرْض سياسة الردع من دون أن يُخْرِج إسرائيل عن طورها بضرْب هدفٍ يُقتل فيه عدد كبير من الإسرائيليين بما يدفعها للانتقام، إذ هكذا تبدأ الحروب عادة بالتدحْرج.
وقال مصدر في «محور المقاومة» إن «انتقام حزب الله قادم بلا شك لأن فرْض الردع لا يتم إلا بالقوة، وعدم الردع يشجع إسرائيل على الضرب مجدداً في سورية ولبنان، والرد يمنع إسرائيل من أن تفكر بضرب أي هدف بالسهولة التي تقوم بها اليوم والتي قامت لمدة سنوات على ضرْب أهداف في سورية».
ورَبَطَ محللون الضربة في مطار دمشق بالاجتماع الإيراني – السوري الذي حصل بين اللواء محمد باقري ونظيره السوري اللواء علي أيوب، حيث أعلنت طهران نيتها تسليم سورية منظومة «خرداد 3» المضادة للطائرات.
إلا أن هذه النظرية ضعيفة لأن إيران تسلّم سورية كميات كبيرة من الصواريخ. وقد قال وزير الدفاع الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت إن «إسرائيل تضرب شاحنة من كل خمس شاحنات».
وهذا يؤكد عدم قدرتها على الردع ومنع الصواريخ من أن تصل إلى وجهتها.
أما الواقع فان إجتماع أيوب – باقري يهدف إلى توجيه رسالة لإسرائيل بأن الرئيس بشار الأسد أصبح جاهزاً للردّ على انتهاكات السيادة السورية. وكما كتبت «الراي» سابقاً، فقد اتخذ «حزب الله» مواقع متعددة كانت إيران تتواجد فيها وأنذر نصرالله إسرائيل من ارتكابها أي خطأ تدفع ثمنه.
ولا يحتاج زعيم «حزب الله» للخروج إلى الأعلام ليحذّر إسرائيل من الضربة المقبلة اذ سبق له أن أنذرها بذلك. وبالتالي فإن الحزب يدرس الرد بعناية متجاهلاً الأزمة المالية اللبنانية، لأن «كيّ الردع» تجاه إسرائيل يفرض أن يُبرز قبضته الرادعة غير القابلة للنقاش.
وبحسب «محور المقاومة» فإن هناك «آلاف من القوات الخاصة التابعة للحزب – قوة الرضوان – منتشرة على الحدود لمواجهة إحتمال الحرب وهو احتمال يجب عدم تجاهله أبداً بغض النظر عن الأزمة الداخلية الاقتصادية. لكن ليس لبنان وحده الذي يواجه أزمات داخلية. فرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يتعرض لطلب التنحي من منصبه بسبب الأوضاع الإقتصادية المتدهورة والتي نتجت عن كورونا. وتالياً فإن إسرائيل أيضاً لا تملك مقومات شن الحروب وتحقيق النصر والأهداف المرجوة».
لقد شارك جنرالات اسرائيليون تحليلَهم هذا العام، مؤكدين أن إسرائيل لم تعد في وضع يسمح لها بإعلان الحرب على «حزب الله» والفوز فيها، وهي حرب ستعيد الدولة العبرية عشرات السنوات إلى الوراء بسبب الدمار المتوقّع والنتائج غير المعروفة. فقد فقدتْ مبدأ ضربتها الاستباقية التي تبنتّها منذ العام 1948 وفشلت في فرض قواعدها وتَوازُن ردْعها.
ويعتبر «حزب الله» أن إمكان الحرب واقعة وكأنها ستقع غداً بالنسبة لاستعداداته العسكرية، ولكن لا الحزب ولا إسرائيل يرغبان بالحرب الكبرى. وتالياً فإن تل أبيب ستقبل الضربة وتفهم أن الضربات ضد أهداف في سورية لم تعد مجرد نزهة وأن قتْل عناصر من «حزب الله» يعني العقاب والرد المقابل.