كتبت كلير شكر في صحيفة “نداء الوطن”:
سواء قالها وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان أم لم يقلها، فالاصلاحات هي البند الأساس الذي يكاد يختصر جدول أعمال الضيف الفرنسي خلال زيارته العاصمة اللبنانية. بات واضحاً أنّ الإدارة الفرنسية لن تبادر الى أي خطوة من باب دعم لبنان على نحو جدي، اذا لم تُقدِم الحكومة على سلسلة خطوات اصلاحية من شأنها أن توقف الهدر والفساد وتعيد الانتظام إلى المالية العامة. والأهم من ذلك كله، تقفل المغاور الكامنة في قطاع الكهرباء.
ومع أنّ زيارة وزير الخارجية الفرنسي لا تحمل أي مؤشرات ايجابية من شأنها أن ترفد الحكومة ببعض الاوكسجين الذي يساعدها على الصمود، إلا انّ المدافعين عن الحكومة يعتبرون أنّ مجرد اجتياز الدبلوماسي الفرنسي الحدود اللبنانية، هو إشارة طيبة بحدّ ذاتها لا بد للحكومة أن تستثمرها لتزيد من ضغطها على القوى السياسية لدفعها إلى مزيد من الإجراءات الاصلاحية، كونها ممراً إلزامياً لأي محاولة انقاذية جدية قد تقي البلاد شرّ انفجار البركان الاجتماعي.
وفي هذه الأثناء، تبحث الحكومة عن حجرة تسند خابية “مصائبها” وتحول دون تدهور الوضع بشكل دراماتيكي، خصوصاً وأنّها لا تملك ترف الوقت الذي يسمح لها بالتفرج أو انتظار تطور ما قد يأتيها من الخارج.
ولهذا تكثف اتصالاتها مع بعض الدول العربية، علّها تتمكن من إحداث خرق في جدار العزلة المفروضة عليها وتكسب بعض الوقت، على أمل أن يخف الضغط الدولي خلال الأشهر المقبلة… وفي هذا السياق، يبدو تركيز الحكومة على ملف التعاون مع الجانب العراقي الذي يبدي استعداده وجديته لمدّ يد المساعدة على قاعدة التبادل التجاري، الذي من شأنه أن يخفف الفاتورة على لبنان لا سيما تلك المدولرة، فيما يلعب السفير العراقي في لبنان أمين نصراوي دوراً بارزاً في رفع الألغام عن طريق التعاون المشترك.
يجزم ملتقو السفير العراقي أنّ الرجل يبدي حماسة وجدية لافتتين في تأمين المساعدة للبنان، قد تفوق حماسة الكثير من اللبنانيين، حيث يحاول من خلال منظومة علاقاته مع بقية السفراء العرب المعتمدين في لبنان، تأمين شبكة دعم للبنان للوقوف إلى جانبه في هذه اللحظات الصعبة. ولا يتردد الدبلوماسي العراقي في الاعراب أمام من يلتقيهم عن ثقة دولته بالحكومة اللبنانية التي تبذل قصارى جهدها لاخراج البلاد من محنتها الصعبة.
ولهذا يسعى السفير العراقي مع بعض السفراء العرب إلى البحث في السبل المتاحة لكيفية مساعدة لبنان، خصوصاً وأنّه ألمح أمام من التقاهم أنّ الإدارة الأميركية لا تمانع في مدّ يد العون للبنان في هذه اللحظات بالذات. ولذا يعمل مع حكومته على ترجمة مبادرة بلاده، حيث تتحدث المعلومات عن تحضيرات تجرى على قدم وساق لتهيئة زيارة رسمية سيقوم بها رئيس الحكومة اللبنانية حسان دياب إلى بغداد في وقت قريب، لترجمة العرض الذي تقدمت به الحكومة العراقية من خلال اتفاقيات تعاون سيصار الى التوقيع عليها. في هذه الأثناء، لا يزال البحث جارياً في كيفية ترجمة مبادرة التبادل التجاري بين لبنان والعراق لتأمين حصته من النفط، حيث يتحدث الجانب العراقي عن ضرورة اعتماد المعبر السوري لتأمين النفط بعد ترميم خطّ الأنابيب الذي يصل لبنان. وتفيد المعلومات بأنّ هذا الطريق هو الأقل كلفة وذلك، طبعاً، بعد ترميم مصفاة طرابلس كي تتمكن من تكرير النفط المستورد.
إلا أنّ العقبتين الأساسيتين اللتين تعيقان تنفيذ هذا المشروع الاستراتيجي هما:
– أولاً، “قانون قيصر” وخشية الحكومة من التعرض للعقوبات، ولذا ثمة حاجة ماسة لاستثناء هذا القطاع من القائمة السوداء الأميركية.
– ثانياً، الحدود اللبنانية السورية التي لا تزال مقفلة بقرار من الحكومة السورية والتي تُبلغ سائليها انّها لن تعيد فتح الحدود الا اذا قررت الحكومة اللبنانية رفع مستوى التنسيق معها إلى مرتبة حكومتين!
وهذا ما يفترض بالحكومة اللبنانية أن تفتح باب العلاقة مع سوريا على مصراعيه لتتخذ قرارها منه. ولأن هكذا مشروع يحتاج إلى وقت ومشاورات عابرة للحدود قد تحتاج إلى وقت، فإنّ العراقيين على استعداد لتأمين النفط عبر البحر، وسيكون بطبيعة الحال أكثر كلفة من كلفة سلوكه طريق البرّ، ولكن فاتورته ستبقى أقل من الفاتورة التي تدفعها الحكومة اللبنانية راهناً.