كتبت مريم سيف الدين في “نداء الوطن”:
“المستشفيات مريض ينازع لا نعرف متى تفارقه الرّوح”، بهذه العبارة يصف نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة، سليمان هارون لـ”نداء الوطن” واقع هذه المستشفيات. ويرى أنّ القطاع دخل في فوضى ستزداد، في حين تقف الدولة عاجزة عن إيجاد حل كونها تنازع هي أيضاً. وبينما أعلن هارون توجّه المستشفيات لتأجيل استقبال الحالات غير الحرجة أو تحميل المريض فرق كلفة العلاج التي ارتفعت بسبب أزمة الدولار، أكد مصدر في الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي تراجع المستشفيات عن التقيد بهذا القرار مع المرضى الذين يضمنهم الصندوق، إذ هدد الصندوق بإيقاف السلف الشهرية التي يدفعها للمستشفيات إن أقدمت على ذلك، لكنّ المرضى الذين تضمنهم جهات أخرى ظلّوا ضحايا لهذا القرار.
يؤكد هارون أن المستشفيات تواجه مشكلة لا تعرف التعامل معها، “المستشفيات بين خيارين خاطئين، إما ألّا تجري الجراحة للمريض، وإما أن تطلب منه دفع فرق الكلفة بالدولار”. ويشرح أن المستشفيات تعاني نقصاً في المستلزمات الطبية، على الرغم من دعم كلفة استيرادها، “بدل أن نتقدم نتراجع، فالدعم لا يحدث بسهولة وثمة عرقلة وتأخير بين المصارف التجارية ومصرف لبنان، وعندما يواجه المستورد هذه الصعوبة إما يقول إن لديه نقصاً أو يرفع الأسعار”. وتبلغ نسبة الدعم 85% من قيمة المستلزمات، فيما يدفع المستورد النسبة المتبقية بالدولار فيطالب المستشفيات بدفعها بالدولار، بينما تدفع الجهات الضامنة وفق التعرفة المحددة قبل انهيار سعر صرف الليرة.
إضافة إلى أزمة الكلفة، تعاني المستشفيات من تخلّف الدولة عن دفع المبالغ المتوجبة عليها لصالحها. “دفعت الدولة 96 مليار ليرة من أصل ألفي مليار متوجبة عليها، أي أقل من 5% من المبلغ. تلقينا الدفعة الأخيرة منذ حوالى 5 أشهر، أي بمعدل 20 مليار ليرة شهرياً. بينما يستحقّ على الدولة في الأيام العادية نحو 130 مليار ليرة شهرياً”، يقول هارون.
وجراء هذه الأزمة، يحاول كل مستشفى اتخاذ الإجراءات التي تناسبه، بعضها توقف عن إجراء العمليات المكلفة، كجراحة العظام وبعض الجراحات العامة. ووفق النقيب، حوالى 95% من المستشفيات خفّضت عدد الأسرة وأقفلت أقساماً، وخفضت عدد موظفيها، ويقتطع بعضها من رواتب الموظفين أو يتأخر في دفعها.
لا يرى النقيب حلّاً في الأفق بل مزيداً من الفوضى، “فمن غير المعروف على أي أساس يدفع المريض الفرق، المستشفيات تحت رحمة المستورد ولا أحد يضبط العملية. الحل إما بمعونات من الخارج أو قرض من البنك الدولي يخصص للقطاع الاستشفائي”.
ويؤكد مصدر في الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي أن قرار المستشفيات بإلزام المرضى دفع فرق الكلفة بالدولار سقط تجاه مرضى الصندوق، بينما يختلف الأمر مع المرضى الذين تضمنهم جهات أخرى، “أبلغنا المستشفيات بأن الصندوق سيتوقف عن دفع السلفة الشهرية للمستشفيات التي تجبر المريض على تحمل فرق الكلفة بالدولار، فتراجعت جميعها عن الالتزام بقرار النقابة”. ورضخت المستشفيات لتحذير الضمان باعتباره الجهة الضامنة الوحيدة التي تدفع لها سلفة بقيمة 57 مليار ليرة شهرياً. ويطلب المصدر من أي مريض يضمنه الصندوق التقدم بشكوى إن طلب منه دفع فرق الكلفة.
يدرك المصدر أن المستشفيات تعاني نتيجة ارتفاع الكلفة، لكنه يرفض تحميلها للمريض، ويرى أن على المستشفيات التحمل هذه الفترة خصوصاً أن نسبة 15% من الكلفة فقط ارتفعت. وبينما طالب النقيب بتصحيح التعرفة لتتناسب والكلفة الجديدة، يرى المصدر أن لا إمكانية اليوم لرفع التعرفة خصوصاً أنّ الأزمة طالت أيضاً الصندوق، وانخفضت إيراداته بنسبة تتراوح بين 30 و40% عما كانت عليه قبلها. وفي حين يمتلك الصندوق ورقة ضغط على المستشفيات، يترك مرضى الجهات الأخرى لمواجهة قرارات المستشفيات التي تتعامل مع الحالات بالمفرق.
المستشفيات و”كورونا”
وتبدو قدرة المستشفيات الخاصة على التعامل مع انتشار الوباء محدودة. إذ يكشف النقيب أنّ 20 مستشفى فقط، جهّزت أقساماً لاستقبال مرضى “كورونا”، بقدرة 400 سرير، 80 منها مخصصة للعناية الفائقة بالمرضى الذين تسوء حالهم. ما يعني أنه وفي حال تفشي الوباء، لن تستطيع المستشفيات الخاصة التعامل مع الأزمة، وفق النقيب.