Site icon IMLebanon

المنطقة على صفيح ساخن… هل يبقى لبنان بعيداً منها؟

لم يكن ينقص لبنان ما جرى في سماء التنف قبل ايام عندما اعترضت طائرات اميركية حربية الطائرة الإيرانية في طريقها من طهران الى بيروت لرفع حال الإحتقان القائمة في المنطقة على خلفية التوتر القائم بين واشنطن وطهران، في وقت لم تطوق بعد موجات التوتر السابقة وتردداتها التي رفعت من وهجها العقوبات الأميركية على طهران ودمشق وحلفائهما الدوليين والإقليميين.

وفي المعلومات المتداولة بين مراجع دبلوماسية وامنية اطلعت على جزء منها “المركزية” ان الاحتقان القائم لم يبلغ الذورة بعد، لكنه يسير في هذا الإتجاه بسرعة صاروخية قد يصل الى مرحلة يصعب تطويقها. فالترددات المتوقعة لن تقف عند المواجهة الدبلوماسية، فالطرفان وحلفاؤهما يتجهان الى الإستثمار في أي خطأ يمكن ان يرتكب في اي لحظة وقد يتسبب بالإنفجار المتوقع بطريقة لا يمكن التكهن بشكلها وتوقيتها والسبيل الذي سيعتمد واين. كل التوقعات لم ترس بعد على المسرح المحتمل للمواجهة، هل سيكون الجنوب اللبناني؟ ام الخط الفاصل في الجولان السوري المحتل؟ ام في اي منطقة من العراق؟ في الداخل العراقي حيث العمليات شبه اليومية باتجاه السفارة الأميركية ام على الحدود بين سوريا والعراق ان كانت المنطقة العراقية المستهدفة اميركية؟ ام في الشمال السوري؟

وامام اي احتمال من هذه الإحتمالات تتبدل النتائج المترتبة عليها. وهو ما يقود مرجع دبلوماسي الى إجراء قراءة تتوقف عند ذلك، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:

– ان كان الجنوب اللبناني مرشحا لإستضافة المواجهة، سيكون السيناريو الأخطر على لبنان. فالتحذيرات الأميركية للمسؤولين التي سبقت أحداث “طائرة التنف” وفي اعقاب دخول “قانون قيصر” المراحل التنفيذية كانت واضحة. الملاحظات التي عبر عنها قائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي الجنرال كينيث ماكينزي لم تكن من عبث فهو حذر المراجع السياسية قبل العسكرية بضرورة التنبه الى اي خطأ يمكن ان يرتكب في الجنوب اللبناني لسبب يتجاوز المواجهة الأميركية – الإيرانية الى مصير القوات الدولية المعززة في الجنوب “اليونيفيل” في دورها ومهماها وعديدها عشية التمديد لها في آب المقبل. فاي حدث ستكون له انعكاسات بعيدة المدى على مصير هذه القوات ومهامها في مرحلة يسعى البعض الى اعادة النظر بها بمعزل عن المواجهة المحتملة بين واشنطن وايران بأشكالها المختلفة.

لا تخشى المراجع الدبلوماسية اي تداعيات تتأتى من الساحة العراقية. فالحكومة العراقية الجديدة باشرت إجراءاتها على الحدود العراقية – الإيرانية وكلفت القوى العسكرية الأمنية المختلفة بمن فيها فصائل من الحشد الشعبي النظامية منع حمل السلاح او استخدامه من اي قوة غير شرعية. وهو ما جرت ترجمته بالتصدي للمجموعات التي تستهدف المنطقة الخضراء والمواقع الأميركية في البلاد وتلمس الأميركيون الامر بعد تقلص العمليات التي استهدفتهم وصولا الى حديث لم يثبت جديته بعد بوقف اي ضربة ايرانية ضد المواقع الأميركية في اعقاب الزيارة التي قام بها رئيس الحكومة الى طهران. ولولا زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف اثناء جولته الأخيرة في بغداد، لموقع اغتيال اللواء قاسم سليماني ورفاقه في مطار بغداد الدولي مطلع العام الحالي، لعبرت الزيارة بلغة دبلوماسية لا توحي بامكان استغلال الساحة العراقية في المواجهة القائمة حاليا.

ان استخدمت الحدود السورية مع الجولان المحتل بشكل يفوق في شكلها ومضمونها العملية التي شهدتها المنطقة اول امس بشكل محدود والرد الإسرائيلي الفوري عليها ليل امس، ستكون للامر تداعيات تتفوق على المواجهة الإيرانية – الأميركية لتطال التعهدات الروسية المقطوعة لضمان امن اسرائيل انطلاقا من الأراضي السورية ، ما قد يقود الى وجه جديد من التصعيد المنتظر في المنطقة وهو مستبعد اليوم.

اما على مستوى الشمال السوري فقد لحظت المعلومات قراءة أخرى للاسباب والنتائج فتعدد الأطراف في المنطقة ودخول العاملين التركي والروسي يبعد الترددات السلبية على الساحة اللبنانية. فكل ما يجري في الشمال السوري لا ينعكس مباشرة على لبنان وما بين مسرح العمليات تلك والأراضي اللبنانية اكثر من فاصل عسكري وبشري. فانتشار الوحدات المختلفة للروس والاتراك والسوريين والإيرانيين وانصارهم عدا عن السيطرة الأميركية على اجواء المنطقة تشكل حواجز طبيعية تبعد الترددات السلبية عن لبنان.

امام هذه الصورة البانورامية للاحداث المتوقعة رجحت المراجع الدبلوماسية والعسكرية ان يبقى لبنان في المرحلة القريبة بعيدا من الترددات المباشرة لاي توتر. فالقرار الإقليمي والدولي الذي يبدو انه يحظى باجماع المتصارعين على كل هذه الساحات يبعد الساحة اللبنانية من مسرح عملياته العسكرية في المرحلة الراهنة وهي الرسالة الفرنسية الواضحة، بعد الأميركية كما الإيرانية من خلال التطمينات التي يعطيها حزب الله للحكومة اللبنانية فلن يكون له اي مصلحة باي حدث او خطأ يمكن ان يرتكب في الجنوب اللبناني فهم يدركون معنى اي عملية يمكن ان تذكر الجنوبيين واللبنانين بما عاشته البلاد في مثل هذه الأيام من العام 2006 .الجنوبيون لن يتحملوا بعد اليوم ان “ينكسر لوح زجاج” كما يقول قيادي في الحزب ومعه مراجع امنية لبنانية تحتاط للخطأ وتحذر منه.