كتب رولان خاطر في “الجمهورية”:
بناء على الطعن الذي قدّمه رئيس الجمهورية ميشال عون، أبطل المجلس الدستوري في 22/7/2020 قانون آلية التعيينات، أي القانون المتعلق بتحديد آلية التعيين في الفئة الأولى في الإدارات العامة وفي المراكز العليا، واستند الى مخالفة المواد 65 و66 من الدستور، والتي تتحدث عن تقييد صلاحية الوزير في اقتراح تعيين الموظفين التابعين لوزارته أو العاملين تحت وصايته، وتقييد اختصاص مجلس الوزراء بتعيين موظفي الفئة الأولى أو ما يماثلها في الإدارات والمؤسسات العامة.
كيف تقرأ المرجعيات القضائية والشخصيات القانونية هذا الفعل، خصوصاً أنّ الهدف منه منع التفرّد والحدّ من المحسوبيات والهيمنة على القرار الداخلي في الإدارة ومنها إلى الدولة ككل؟
يقول مرجع قضائي سابق لـ»الجمهورية» إنّ «رأي المجلس الدستوري هو وجهة نظر جديرة بالاحترام، إنما جديرة أيضاً بإعطاء الرأي المخالف، إذ لم يعد جائزاً سوء الممارسات في لبنان ان يكون الوزير في وزارته هو «يوليوس قيصر» أو «نابليون»، بمعنى أن يكون «الآمر الناهي»، مشيراً إلى أنّ «التفسير الذي أُعطي للمواد التي على أساسها بُني الطعن، لا يتوافق مع نيّة المشرّع الدستورية، وبالتالي يجب ان تكون هناك ضوابط للوزير». ويضيف: «بعد «اتفاق الطائف» لم تشهد صلاحيات الوزير أي تعديلات، وآلية التعيين تضعها السلطة التشريعية وليس أي سلطة أخرى».
ويسأل المرجع: «أين ضرب قانون آلية التعيينات الدستور وأحكام الدستور؟ هل إبطال هذا القانون هو لمصلحة دولة القانون ام للتعنّت في عدم السير على طريق دولة القانون؟». ويشدّد على انّ «المواد 62، 63 و64 وغيرها تُبقي للوزير صلاحيات محددة بالنسبة الى التعيين إنما لا يعني أن يكون هو السلطة الوحيدة، ولا يجوز ان تكون القرارات أحادية، فهذه ليست نيّة المشرّع، فيما الطعن يستند إلى مبدأ صلاحيات الوزير واعتباره الآمر الناهي». ويضيف: «في المحاكم العدلية عندما يصدر حكم معيّن يجب ان يكون له سلطة مراجعة بمعنى استئناف الحكم الذي تؤمّن حقوق المتقاضي. لذلك، يجب دائماً أن يكون هناك طرق تحدّد صحة القرار من عدمه، فإصدار القرارات الوزارية في شكل أحادي أيضاً لم تعد معتمدة دولياً».
ويعتبر المرجع أنّ ما جرى «هو تفسير أحادي مُعطى من السلطة لصلاحيات الوزير التي تأبى وجود اي رقابة عليه. والحجج التي أُعطيت معيبة في بلد ديموقراطي، إنما هذه الروحية أخذ بها المجلس الدستوري المحترم، لذا لم يعد لدينا إلّا الصلاة والصوم والانتظار».
ويوضِح المحامي سعيد مالك لـ»الجمهورية» أنّ «الوسيلة المتاحة قانونياً لمعالجة تداعيات هذا القرار من أجل الهدف الأساسي، وهو إخراج التعيينات من منطق المحاصصة والمحسوبية، تكمن في أن يُصار إلى إجراء تعديل دستوري وهو أمر مُتعذر حالياً، أو يُصار إلى إعادة صوغ اقتراح قانون جديد يراعي ما ذهب اليه المجلس الدستوري من حجج لإبطال قانون آلية التعيينات، لجهة تقليص دور الوزير ومجلس الوزراء. ويُطرح اقتراح القانون مجدداً بواسطة نائب او اكثر ومنه الى اللجان ثم الى الهيئة العامة لإقراره، ويُبلّغ الى رئيس الجمهورية، الذي امّا ان يردّه من اجل قراءة ثانية أو يطعن به كما فعل سابقاً».
ويرى مالك أنّ «قرار المجلس الدستوري ليس مُسيّساً، بمقدار ما هو قرار دستوري لقانون يخالف بالفعل المادتين 65 و66، وبالتالي المخالفة ثابتة. وفي المنطق، لا يجوز تقييد صلاحيات الوزير».
الإبطال لم يَرق لـ»القوات اللبنانية» التي تحركت نحو عين التينة، لعلّها تجد السبيل لإعادة المياه إلى مجاريها، وهي تؤكد أنها ستذهب إلى أبعد مدى في هذا الموضوع، والاتصالات واللقاءات مع الكتل النيابية كافة مستمرة، والأمور ستتبلور قبل نهاية الأسبوع المقبل.