كت أنديرا مطر في “القبس”:
يشبّه دبلوماسي لبناني وضع لبنان اليوم بسيارة تسير في منحدر حاد وقد تعطلت فراملها، فيما الركاب ينتظرون بهلع لحظة الارتطام أو لحظة الأعجوبة التي تنقذهم من الموت. وليس أدل على فداحة الأوضاع في لبنان من تصدره صفحات الصحف العالمية. ولكن ليس من بوابة التميز والفرادة اللذين لطالما اتسم بهما، وإنما من باب الاستعطاف. فتآكلت القدرة الشرائية للمواطنين في ظل ارتفاع الأسعار الجنوني بسبب تحليق سعر الدولار المفتوح على مزايدات السوق السوداء، وانهيار الطبقة الوسطى، وانحدار الفقراء الى ما دون خط الفقر، في ظل انكفاء المقرضين والممولين الدوليين عن مساعدة لبنان إلا في حال طبق إصلاحات تجعل لبنان يعيش أسوأ أزماته.
لبنان دخل وفق خبراء الاقتصاد في التضخم الجامح المفرط. حاله مثل حال فنزويلا. والتضخم المفرط وفق هؤلاء الخبراء يحدث عندما يزداد سعر السلع والخدمات بأكثر من 50 في المئة في غضون شهر واحد، ثم يعقبها تسارع حاد ومطرد في الأسعار بشكل يومي أو حتى كل بضع ساعات. ويقول ستيف هانك، أستاذ الاقتصاد التطبيقي في جامعة جونز هوبكنز، الذي تتبع مع زميل له 61 حالة أخرى للتضخم الجامح في تاريخ العالم: «أسباب التضخم لا تتغير أبداً.. تبدأ الحكومات في تسجيل مستويات عجز مالي تأخذ في الازدياد وتطلب من البنك المركزي تمويل ذلك العجز، لأن الضرائب والتمويل عن طريق السندات لم يعودا مناسبين، في التضخم الجامح، يصبح على البنك المركزي أن يمول كامل الأنشطة المالية للحكومة».
وفق هانك، لبنان يعيش وضعاً أسوأ من زيمبابوي وسوريا والسودان التي تواجه تضخماً جامحاً، لكن أياً من تلك الدول لا يعاني من تضخم جامح كالذي يشهده لبنان في الوقت الحالي.
«لا حل لإنقاذ لبنان سوى صندوق النقد الدولي» قالها وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان خلال زيارته بيروت أخيرا، محذراً، من انهيار وشيك للبنان الذي بات على حافة الهاوية. وأضاف أن «الجميع يعرفون المسار الذي يجب اتخاذه». ولكن لا يبدو أن السلطة مستعدة لإجراء مثل تلك الاصلاحات، وهي ما زالت تعيش حالة من الإنكار، على أمل أن يأتي الخلاص من حل آخر أقل ألماً. “هذه الإصلاحات مؤلمة جدا للعصابات المتحكمة في لبنان»، وفق مجلة «ذا سبيكتاتور» البريطانية.