كتبت إيناس شري في صحيفة “الشرق الأوسط”:
باتت أيام قليلة تسبق بدء تنفيذ قرار بلدية الشويفات واتحاد بلديات الضاحية الجنوبية بإقفال مطمر الكوستابرافا في جنوب بيروت أمام النفايات الآتية من مناطق أخرى وبينها العاصمة بيروت التي ستواجه أزمة إيجاد مطمر بديل أو معضلة إيجاد حل لـ200 طن من النفايات تصل إلى هذا المطمر يومياً. وأوضح رئيس بلدية بيروت جمال عيتاني أنه «يتم التواصل حاليا مع اتحاد بلديات الضاحية للاستمرار باستقبال هذه الكمية من النفايات حتى نهاية شهر آب المقبل»، مضيفا في حديث لـ«الشرق الأوسط» أنه بعد هذه الفترة «ستكون البلدية قد توصلت إلى حلول مرحلية منها إمكانية توزيع كمية النفايات التي كان يستقبلها مطمر الكوستابرافا على المطمرين الآخرين (صيدا وبرج حمود) اللذين يستقبلان نفايات بيروت المتبقية بقدر 200 طن لكل مطمر».
واعتبر عيتاني أن ملف النفايات بات يتطلب حلولا جذرية وأن «بلدية بيروت وانطلاقا من مبدأ «لا مركزية إدارة النفايات»، اقترحت حلا نهائيا يقوم على تحويل النفايات إلى طاقة في إشارة إلى المحرقة التي يبدو إقرارها متعثراً الآن، معتبرا أن الحل «بات في ملعب الوزارات المعنية وتحديدا وزارة البيئة».
واستغرب عيتاني عدم استقبال نفايات العاصمة و«لا سيما أن النفايات التي تنتج عنها ليست نفايات النصف مليون شخص الذين يعيشون فيها بل أيضا نفايات المليون شخص الذين يأتون إليها من كافة المناطق يوميا ويعودون في نهاية اليوم إلى منازلهم الواقعة خارج العاصمة».
وكانت الحكومة اللبنانية أقرت في العام 2015 إثر أزمة النفايات، نقل جزء من نفايات بيروت إلى مطمر الكوستابرافا في جنوب العاصمة، لكن هذا المطمر كاد يبلغ قدرته الاستيعابية.
وبعد أن انفجرت الأزمة في العام 2015 لم تجد لها الحكومات المتعاقبة خلال السنوات الخمس الماضية أي حل جذري بل على العكس عمدت إلى حلول مؤقتة ومرحلية تتمثل بتوسعة مطامر والبحث عن مطامر جديدة.
وترى الاختصاصية في الإدارة البيئية والعضو في ائتلاف إدارة النفايات سمر خليل، أنه «طالما أن لبنان يطمر 90 في المائة من نفاياته ستتجدد الأزمة وسنواجه حتما مشكلة نفايات آجلا أو عاجلا في حال اتفقوا على توسعة المطامر أو إيجاد مطامر جديدة».
ومن هنا يجب البدء، بحسب خليل، بالعمل على «تخفيف كمية النفايات المخصصة للطمر من خلال وضع سياسات تقلل من استهلاك المواد غير القابلة للتسبيخ وإعادة التدوير» و«اعتماد الفرز من المصدر» وإلا ستبقى أزمة النفايات وستتجدد من فترة وأخرى». وتقول في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «كل المطامر ستصل في نهاية المطاف إلى كامل قدرتها الاستيعابية».
وباتت أزمة النفايات في ظل أزمة الدولار أشد تعقيدا. ففي السابق اتخذت الحكومة قرار توسعة معامل الفرز و«لكن هذا لم يحصل واليوم بات حصوله أصعب نظرا للمشاكل التي يواجهها المتعهد في ظل شح الدولار وارتفاع سعره في السوق السوداء»، بحسب ما تقول خليل، مذكرة بأنه «رغم إقرار مرسوم الفرز من المصدر تبدو البلديات عاجزة عن القيام بمهامها فهي لا تملك المال الكافي» ولا سيما أنها لم تحصل على مستحقاتها عن عامي 2018 و2019 من الصندوق البلدي المستقل.
وفيما يخص موضوع المحرقة، ذكرت خليل بعوامل عدة تؤكد أن المحارق ليست حلا، إذ نعيش في بلد «يصعب فيه إدارة المحارق» ولا «تتناسب طبيعة نفاياته مع المحارق وتختلف عن طبيعة نفايات البلدان التي تعتمدها» هذا فضلا عن «افتقاد لبنان إلى مختبرات تستطيع مراقبة المحارق وإلى مطامر متخصصة للرماد الناتج عنها والذي يكون ساما».