كتب رضوان مرتضى في صحيفة “الأخبار”:
بدأت المعركة بين وزير الصناعة عماد حب الله وشركات الترابة التي تُمارس «ابتزازاً» أدى إلى ارتفاع جنوني في أسعار مواد البناء. تريد الشركات الثلاث المحتكرة للسوق من الحكومة أن تسمح لها بالعودة إلى العمل في المقالع، من دون أي التزام بالشروط البيئية، فيما منحها حب الله مهلة أسبوع للعودة إلى العمل، وإلا فسيبدأ بإعطاء أذونات استيراد لتلبية حاجة السوق
ويشهد سوق البناء ارتفاعاً جنونياً في أسعار الاسمنت بسبب توقف شركتي ترابة عن الإنتاج واحتكار ثالثة للسوق لتسعّر على هواها. فقد تجاوز سعر طن الإسمنت ٦٥٠ ألف ليرة في السوق السوداء، رغم تحديده من قبل الحكومة بـ٢٤٠ ألفاً. وارتفع سعر كيس «الترابة البيضاء» من ١٨ ألف ليرة إلى ٢٧٠ ألفاً بزيادة ١٥ ضعفاً. كذلك ارتفع سعر «نقلة البحص» من ٤٥٠ ألف ليرة إلى مليون و٢٠٠ ألف ليرة. وأدى ذلك إلى وقف عشرات مجابل الباطون وتعطيل مئات ورش البناء. أحد موزّعي الترابة أكد لــ«الأخبار» إنّ إدارة معمل سبلين حددت سعر صرف الدولار في عمليات البيع بـــ ٤ آلاف ليرة، مشيراً إلى أنّها تتعامل على قاعدة «من لا يُعجبه تسعيرتنا فليرحل». «الأخبار» حاولت الاتصال بالمدير العام لمعمل سبلين المهندس طلعت لحّام إلا أنه لم يُجِب.
يأتي ذلك عقب الحملة التي أطلقها حب الله ضد الشركات الثلاث التي تحتكر إنتاج الترابة، والتي تتحمل مسؤولية خلق سوق سوداء رفعت سعر الترابة بشكل جنوني. الوزير حذر شركات الإسمنت من أنه سيعطي اجازات استيراد إذا لم تتخذ الشركات إجراءات فعلية لإعادة الأسعار إلى طبيعتها بداية الأسبوع المقبل. وتجدر الإشارة إلى أنّ سعر طن الترابة المستورد لا يتجاوز الثلاثين دولاراً، من ضمنها كلفة استيراده إلى مرفأ بيروت، أي إنه حتى إذا احتُسب الدولار على سعر صرف السوق السوداء، فإن الطن لن يتجاوز 250 الف ليرة، تُضاف إليها كلفة النقل من المرفأ إلى المناطق وأرباح الموزعين.
حب الله أكد لـ«الأخبار» أنّه لن يقبل بتدفيع المواطنين ثمن ابتزاز شركات الترابة. وأشار الى أن ذريعة نفاد مخزون شركات الترابة ليست صحيحة. وكشف عن تكليف الجيش إجراء مسح للمقالع.
احتكار شركات الإسمنت يرفع سعر الترابة البيضاء ١٥ ضعفاً
جميل بو هارون، المدير العام لشركة «هولسيم» التي تُنتج الترابة البيضاء والسوداء، ألقى بالمسؤولية على الحكومة. وقال لـ«الأخبار» إنّ تقنين مواد البناء بدأ منذ حزيران، علماً بأنّ المقالع مقفلة منذ شهر أيلول بسبب فيروس كورونا. وأكدّ أن المخزون نضب لدى الشركات المنتجة، مشدداً على أن «الأزمة مستمرة إذا لم يُعدّل قرار الحكومة الأسبوع الماضي بشأن تأهيل مواقع المقالع والكسارات» ليسمح للشركات بـ «الاستثمار التأهيلي». وهذه العبارة تعني أن الشركات تريد أن تعود إلى استخراج المواد الاولية من مقالعها، من دون أي التزام بالشروط البيئية، علماً بأنها لا تكف عن الترويج لعملها على قاعدة أنه يتم وفق «أعلى» معايير سلامة البيئة!
روجيه الحداد، المدير الإداري ومدير التواصل في شركة الترابة الوطنية، لدى سؤال «الأخبار» له عن سبب ارتفاع الأسعار ومسؤولية الشركات، أجاب أنّ هناك لجنة تجتمع في السراي الحكومي لدرس أحوال القطاع، «لكنّ مضمون اجتماعاتها سري»، طالباً إمهاله إلى اليوم للإجابة.