منذ ان رمى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي “حجرة الحياد” في المياه السياسية الراكدة في عظة الاحد في 5 تموز، والحركة السياسية ناشطة في اكثر من اتّجاه ومُنقسمة بين مؤيّد لنداء الحياد-وهم بمعظمهم من طوائف عدة وقوى سياسية مختلفة تدور في فلك ما كان يُعرف بتحالف الرابع عشر من اذار، ومعارض تحت عناوين الحوار وضرورة تأمين الوفاق الوطني لطرح وطني كهذا، وهم في أغلبيتهم من حلفاء حزب الله والتيار الوطني الحرّ.
ومع أن فكرة حياد لبنان لطالما وردت في وثائق سياسية عدة وخلال استحقاقات وطنية منذ خمسينيات القرن الماضي وحتى اليوم، الا انها المرّة الاولى التي تُطرح من قبل اعلى المرجعيات الدينية، بكركي، التي كان لها دور كبير في محطات وطنية في تاريخ لبنان، كما ان “قوّة” هذا الطرح تُستمتد من نص الدستور ووثيقة الوفاق الوطني لجهة تأكيد عروبة لبنان ووقوفه مع العرب اذا اتّفقوا وعلى الحياد اذا اختلفوا، مع الالتزام بالقضية المركزية للعرب، القضية الفلسطينية وهو ما حرص على توضيحه البطريرك الراعي.
غير ان الحياد ورد عنواناً في مقالة للوزير السابق ملحم رياشي منذ اربعة اشهر شرح فيها أهمية الحياد اللبناني في هذا الظرف الاستثنائي، حيث تضرب لبنان أزمة اقتصادية واجتماعية وسياسية غير مسبوقة، ما يعني ان “القوات اللبنانية” بقلم احد وزرائها السابقين كانت فتحت النقاش على موضوع الحياد في وقت كان الصراع السياسي الداخلي على اشدّه بين اهل الحكم ومن هم خارجه حول مسائل اقتصادية ومالية.
هذا الاستباق القواتي (ليس بالضرورة ان يكون مقال رياشي جاء بالتنسيق مع معراب) لفكرة الحياد، يجعل معراب في الخطوط الامامية للتسويق لنداء الراعي ودعمه كي يتحوّل نداءً جامعاً عابراً للطوائف والمذاهب.
ويبدو ان الحياد سيُشكّل بوصلة تحرّكات تكتل “الجمهورية القوية” في الايام المقبلة بعدما كانت معراب من اولى المرجعيات السياسية التي ارسلت وفداً قواتياً الى الديمان لدعم مواقف البطريرك ووضع نفسها في تصرّفه لحشد الدعم لنداء 5 تموز.
وفي الاطار، قالت اوساط قواتية لـ”المركزية” “ان حركة القوات في الاونة الاخيرة تتمحور حول خطّين: الاول كيفية ترجمة نداء الحياد والتشاور مع القيادات السياسية والروحية لتوسيع رقعة المؤيّدين له، ونحن سبق وبدأنا بذلك في اتّجاه مرجعيات روحية بوفود منظّمة، أوّلها مطران بيروت للروم الارثوذكس الياس عوده، ثم مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، على ان نستكمل هذه الجولات الروحية بمحطات اخرى في القريب العاجل، لكن بعد ان تهدأ عاصفة كورونا قليلاً”.
كما اوضحت “ان جولات “الحياد” ستشمل ايضاً بعض المقار الحزبية وقيادات سياسية وقد بدأناها بلقاء مع حزب “الوطنيين الاحرار” في السوديكو بشخص رئيسه النائب السابق دوري شمعون”.
اما الخط الثاني فيتمثّل بالمواجهة السياسية المستمرّة بين معراب وميرنا الشالوحي وما بينهما قصر بعبدا على خلفية قضايا عدة كان اخرها قبول المجلس الدستوري بردّ رئاسة الجمهورية القانون الذي اقرّه مجلس النواب بشأن آلية التعيينات في الفئة الاولى والتي اعتبرت “القوات اللبنانية” نفسها بمثابة “ام الصبي” في اقراره، لانه برأيها شكّل إنتصاراً على مبدأ المحاصصة في التعيينات.
وفي حين اعتبرت الاوساط القواتية “ان القرار الذي اصدره المجلس الدستوري بوقف تنفيذ قانون آلية التعيينات يستند الى خلفيات سياسية”، اكدت “انها لن تقف مكتوفة الايدي ازاء استمرار سياسة “الفجور” في التعيينات، وهي ستبدأ قريباً سلسلة لقاءات ومشاورات مع الكتل النيابية التي وافقت على آلية التعيينات في المجلس النيابي من اجل وضع اقتراح قانون مُعجّل يأخذ في الاعتبار ملاحظات “الدستوري”، وذلك من اجل إخراج لبنان من تعيينات المحاصصة والزبائنية الى تعيينات الكفاءة والجدارة”.
واشارت الاوساط الى “اجتماعات تُعقد داخل الحزب من اجل جوجلة الافكار ووضع خريطة طريق للمرحلة المقبلة لتجنّب اي دعسة ناقصة”.