أكد عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب بيار بو عاصي أن “أساس مشكلة الانهيار الاقتصادي هو سياسي والمحور الذي يمسك بزمام السلطة مسؤول عن الشلل السياسي الحاصل”، مشيرًا الى أن “المقاربة الخارجية للبنان هي لانقاذه من موت اقتصادي وكلام الغرب واضح “قوموا بالإصلاحات لتحصلوا على المساعدات”، فلا مساعدات قبل ضبط الهدر ومكافحة الفساد”، ومعتبرًا أن “كلام وزير الخارجية الفرنسية جان لوي لودريان كان واضحًا كحد السيف وقاطعًا وشكل ضربة في الصميم للسلطة الحاكمة حين قال: “منذ سنوات وانا اسمع الطبقة السياسية اللبنانية وتحديداً رئيس الجمهورية قبل ان يتولى الرئاسة واثناءها يطالب بمكافحة الفساد وادعو الطبقة السياسية لمؤازرته في هذه المهمة”.
وأوضح، في حديث عبر “لبنان الحر”، أنه “حين يتكلم لودريان يعني انه ينطق باسم فرنسا والاتحاد الاوروبي والى حد بعيد باسم مجلس الامن وهو ابدى حرصه على لبنان واستقراره الاقتصادي والاجتماعي اكثر من غالبية الطبقة السياسة الحاكمة، مضيفاً: “من المعيب أن الإصلاحات الواجب السير بها بديهية ولم تطبق ونحن في القرن الواحد والعشرين وبعد عشرات السنوات من الاستقرار المقبول وانتهاء الحرب”.
كما شدد على انه “يلوم من امضى سنوات ينادي بمكافحة الفساد والاصلاح متى كان في موقع المسؤولية ولم يفعل شيئا او يقدم على اي خطوة في هذا الاتجاه. مضيفًا: “وفق معادلة السلطة والمسؤولية، من بيده السلطة اما يتحمل المسؤولية عدم إجراء الإصلاحات ومكافحة الفساد او ينكفئ، ورئيس الجمهورية هو المسؤول اذن. لديه كتلة من 29 نائبا وعدد من الوزراء وبيدهم ملف الكهرباء منذ العام 2010 وهو موضوع اساس في العجز ولم يقدموا على اي خطوة. نغمة كان بدي اعمل وما خلوني معادلة عجز او كذب”.
وأردف: “بالطبع الشلل في عمل المؤسسات منذ احتلال وسط بيروت مرورًا بـ7 أيار ووصولًا إلى اسقاط حكومة سعد الحريري والاتيان من بعدها بحكومة نجيب ميقاتي والقمصان السود التي شكلت خطوة مفصلية على الصعيد الاقتصادي والسياسي حيث في ظرف شهر تراجع النمو من 8 نقاط الى نقطة واحدة، وهذا كله أدى إلى ما وصلنا اليه”.
ولفت إلى “ألا اقتصاد حديثاً في العالم من دون ثلاثية الطاقة والاتصالات (تحديداً الانترنت) والمواصلات اضف الى احترام القوانين وسرعة تحقيق العدالة”، مضيفاً: “كيف لأي شركة ان تتجرأ وتستثمر في لبنان في غياب هذه الثلاثية او ان كانت تدرك ان عليها انتظار سنوات لصدور حكم قضائي في حال واجهت اي مشكلة”.
واشار الى ان “الحكومة الحالية لم تتخذ قراراً واحداً وكل ما فعلته هو اقفال وفتح البلد وخلق مئات اللجان”.
وجزم بو عاصي بأن “لا لبس في موقف القوات اللبنانية الواضح من “حزب الله”، فهي ضد ان يكون هناك سلاحان في البلد وضد تدخل “الحزب” بالمعارك الاقليمية وتوريط لبنان”، وقال: “في ظل الظروف القائمة والحكومة الحالية، ان اغلاق المعابر العسكرية لحزب الله غير مطروح. هناك موقف سياسي بعدم المواجهة مع حزب الله والتماهي معه وهذا ليس موقفنا كقوات. هناك قسم متماهٍ مع “الحزب” في النظرة الاقليمية والقسم الاكبر يخاف من سلاحه. صحيح انني كنت عسكريا ولكن لم أكن مغرما بالسلاح، فالسلاح حاجة آنية للدفاع عن قضية سامية ولكن دور السلاح قتل الناس. قد يكون لبعضهم الحق بالخوف ولكن نحن لا نخاف لأننا ندافع عن الحق ونواجه الباطل”.
كما اعتبر أن “المقاومة ظرفية وليست مشروع وطن وتقوم في ظل غياب مقدرات الدولة كما حصل عام 1975″، وسأل: “بعيداً عن المقاومة ما الخلفية الفكرية لحزب الله وما قيمه؟! من يقول “حزب الله اللبناني”؟! المعروف “حزب الله” او “المقاومة الاسلامية في لبنان”. تسمية المقاومة الاسلامية تطرح مشكلة، فانأ لست مسلماً والمقاومة الاسلامية في لبنان تطرح مشكلة اكبر اي هي فرع في لبنان. لست معنيا بمقاومة إسلامية لا لبنانية. عندما يقول “حزب الله” ان مرجعيته السياسية والروحية خرج لبنان وهي الولي الفقيه وماله وسلاحه وتجهيزه من ايران ثمة مشكلة كبيرة”.
وتابع: “يجب ان نضع في صميم اي معادلة المصلحة اللبنانية العليا، المحاصصة السياسية والفساد الناتج عنها وسلاح “حزب الله” المرتبط بمشكلة إقليمية اكبر من لبنان ومعادلة “غطيلي سلاحي لغطيلك فسادك” فاقمت المشكلة أكثر في لبنان”.
وشدد على ان “المؤسسات اساسية وحيوية لاستمرار المجتماعات شرط ان تعمل وفق الاصول واكد انه لا يحبذ التعليق على عمل القضاء عامة والمجلس الدستوري خصوصا ولكن مصدقية هذا المجلس ضربت فور تشكيله على أساس المحاصصة”.
ورداً على رفض رئيس الجمهورية التوقيع على قانون الية التوظيف في الفئة الاولى الذي اقر في مجلس النواب بناء على اقتراح “القوات اللبنانية” واحالته ايها الى المجلس الدستوري الذي اوقف العمل به، قال: “الدول الناجحة فصلت تماما بين الادارة والسياسة فيما المجلس الدستوري يتحدث في رده للقانون عن اهمية تعيين الوزير للمدير العام وهذه مقاربة خاطئة جدا. لقد ربط الامر بالمادة 66 من الدستور وهذا خطأ كبير اذ فسر المادة بأن للوزير سلطة استنسابية للتوقيع على قرارات مجلس الوزراء او عدم التوقيع. هذا التفسير كارثي فكل ديمقراطيات العالم مبنية على التضامن الوزاري وحين يصدر قرار مجلس الوزراء هو جزء منه. اعطاء سلطة استنسابية لأي وزير يسمح بشل عمل مجلس الوزراء”.
وأضاف: “في مطالعة طُلبت منها عن حق الوزير بالتوقيع او عدمه، قالت رئيسة هيئة التشريع والاستشارات القاضية الراحلة ماري دنيز معوشي مستندة الى دراسة فرنسية ان الوزير يوقع لسببين: الاول للاعلان انه تم تبليغه عن مرسوم او قرار هو معني به والسبب الثاني ان يتحمل مسؤولية بالتكافل والتضامن مع رئيس الحكومة امام مجلس النواب”.
كما اشار الى ان “قرار المجلس الدستوري مبرم لكن من حقنا انتقاده، سنتقدم بقانون ثانِ وثالث ورابع لوضع آلية لاخراج الادارة من سيطرة السياسية. هناك آلية لتعيين الموظفين تم تطبيقها في حكومة الرئيس سلام بالتوافق ونحن قمنا بتطويرها ووضعناها في قانون كي تصبح ملزمة للجميع. فلا يجوز ان يصل المديرا العام الى منصبه وفقا لإنتمائه السياسي والطائفي وبالمحاصصة بين المكونات باكثرية الثلثين ويصبح ابعاده عن موقعه من سابع المستحيلات. فطالما إدارتنا تحت سيطرة السياسين سيكون أداؤها كأدائهم”.
وتابع: “آلية التعيين امر مهم لعمل الإدارة والمتحمس لإلغاء القانون ليته التفت إلى كونه على رأس جمهورية يتحكم بها سلاح غير شرعي”.
كذلك، اعتبر ان “التسوية بين المسيحيين والمسلمين لوضع اليد باليد وعدم الاستقواء على بعض وبناء الدولة اللبنانية كما عام 1920 وللاستقلال عام 1943 تسوية ايجابية، اما تسويات المحاصصة وتوزيع الغنائم على حساب الناس امر غير مقبول وهذا ليس لبنان الذي نريد”.
وأمل بو عاصي “الوصول الى قضاء يرتكز على فصل السلطات الفعلي ويعتمد على الكفاءة ويمتلك منظومة مستقلة فلا يتدخل احد بعمله”، مضيفاً: “علينا ان نحصن القضاء ونريد تحريره من سلطة السياسيين ولدينا معهد قضاء يخرج قضاة ممتازين. لدينا قضاة شرفاء واكفاء كثر ولكن بعضهم مصاب بالنجومية ويتدخل بالسياسة ويطلق تصاريح لا يقدم عليها اي قاض في العالم. النجومية في القضاء كالقاضي الايطالي جيوفاني فالكوني الذي قضى حياته في محاكمة المافيا واغتيل وزوجته ومرافيقيه. الخروج من عقدة الخوف يبني اوطاناً وأفضل طريق للخروج من ذلك هو الاحتكام للقضاء والقوانين”.
وتوقف بو عاصي عند ظاهرة خطيرة جدا في لبنان وهي التفلت من عمل المؤسسات، كما حصل من قبل الإدارة والقضاء. وشرح قائلاً: “مثل صارخ عن ذلك ما قام به القاضي مازح حيث وضع نظرية غير مسندة الى نص او قانون او معللة بل من منطلق خلفياته العقائدية والحزبية، فاستند على فائض القوة عوض الاستناد على القانون وعلى الشعب اللبناني. كذلك قيام المستشار في البعثة اللبنانية الدائمة في جنيف احمد سويدان بالدفاع عن حزب الله في مجلس حقوق الانسان. طالبت من ساحة النجمة ان يخبرنا وزير الخارجية هل هو من اعطاه التعليمات لاعلان هذا الموقف او الدبلوماسي من خرج عن النص من دون تعليماته. وفي الحالة الاولى نحن نتصرف بالسياسة مع الوزير وفي الحالة الثانية يجب ان يحاسب هذا المستشار”.
وفي ذكرى خروج رئيس حزب “القوات” سمير جعجع من المعتقل، قال بو عاصي: “لم نعتد ولا نحب تأليه الشخص واعتقد ان احد كسمير جعجع يحصل على قيمته حين ننظر اليه كمواطن اولاً وكانسان حريص على لبنان واستمراريته ودور كافة المكونات فيه. كشخص تجرأ كالكثير من رفاقه يوم تعرض وطنه للخطر ان يواجه بامكانيات شبه معدومة للدفاع عنه وصولا الى الخيارات السياسية. السلاح لم يكن يوما خيارا بذاته بل وسيلة للدفاع عن النفس”.
وختم: “من حق الناس ان تحبه او لا، ولكن اتمنى ان ينظروا إليه كما هو ويستمعوا الى طرحه ويتطلعوا الى تاريخه بالوقائع بعيداً عن التشويه الذي طاول مسيرته النضالية وتضحياته لاسباب سياسية واضحة بهدف الغائه كشخص، وهذا التشويه اصاب ايضاً المقاومة الشريفة اللبنانية البحتة التي نشأت في 13 نيسان 1975 واستمرت عسكرياً حتى تسليم السلاح عام 1991 ومستمرة اليوم بشكل سياسي وبالروحية نفسها”.