Site icon IMLebanon

صندوق “أوكسجين” ينطلق خلال أيام: المشهد الصناعي سيتغيّر

كتبت ايفا ابي حيدر في صحيفة “الجمهورية”:

من المفترض ان ينطلق خلال الـ10 ايام المقبلة صندوق cedar oxygen fund الذي سيشكّل حلاً مستداماً لتوفير المواد الاولية للصناعة. المنصّة تأسست في اللوكسمبورغ من قبل اللبنانيين المغتربين، يدعمها مصرف لبنان الذي سيؤمّن لها مبلغ 100 مليون دولار، أمّا هدف مؤسسيها بالتعاون مع الصناعيين اللبنانيين فهو الوصول الى 750 مليون دولار.

جمعية الصناعيين اللبنانيين كانت على موعد، الاثنين، مع صندوق cedar oxygen fund الذي يعوّل عليه القطاع الصناعي لتوفير استيراد المواد الأولوية التي يحتاجها بشكل مستدام بقيمة 3 مليارات دولار سنوياً.

هذا المشروع الرائد، بكل تفاصيله وحيثياته والتطورات الحاصلة على مستوى إنجازه، كان موضوع المؤتمر الصحافي الذي عقده رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين الدكتور فادي الجميّل، بمشاركة رئيس cedar oxygen fund الكسندر حرقوص. وشددت الكلمات على ضرورة اشتراك كل الصناعيين، وخصوصاً المصدّرين منهم، لإنجاحه.

وفي السياق، يعرّف رئيس cedar oxygen fund الكسندر حرقوص مؤسسي الصندوق بالقول: نحن مجموعة مغتربين لبنانيين اختصاصيين من كل انحاء العالم، ولاؤنا للبنان فقط، نسعى لمساعدة بلدنا في هذه الازمة التي يمر بها، وحاولنا إقناع مستثمرين أجانب لينضموا إلينا في هذا المشروع في مهمة يمكن وصفها بالصعبة إنما ليست مستحيلة، وذلك اذا تكاتفَ الصناعيون في ما بينهم وأظهروا للمستثمر الاجنبي انهم يتعاونون مع بعضهم. أضاف: نسعى الى اعادة بناء الثقة والحد من الانهيار الاقتصادي والمالي والتضخم بالأسعار والانكماش بالاقتصاد والانهيار الحاصل بالعملة الليرة.

وعن آلية عمل المنصة؟ يقول: بعض الصناعيين الذين يصدّرون الى الخارج يضعون جزءاً من عائدات التصدير في المصارف الأجنبية بفائدة صفر، بينما يقترح الصندوق وضع هذه الأموال فيه مع فائدة بدل وضعها في المصارف الخارجية. إضافة الى ذلك، باستطاعة الصناعي المصدّر أن يستفيد من جزء من ثمن المواد الأولية التي يدفعها عنه الصندوق في مقابل إعطاء الصندوق ضمانة انه سيرجّع قسماً من هذه الأموال الى البلد عبر المنصّة، فيتم إعطاؤها لصناعي آخر غير مصدّر غالباً ما يضطر الى شراء الدولار من السوق السوداء، ما يُساهم في رفع وتراجع القدرة الشرائية للمواطن اللبناني.

ولفت حرقوص الى انّه في حال حقق هذا الصندوق في المرحلة المقبلة أرباحاً، فسيتم توزيعها على المشتركين فيه بهدف تقوية قدرتهم الإنتاجية والرفع من حجم صادراتهم.

وأكد حرقوص انّ ما نقدمه ليس ابتكاراً إنما يندرج في إطار حلول معتمدة في الخارج تحت مسمّى peer- to- peer، أي طرف اول يُقرض طرفاً ثانياً عبر منصة إلكترونية.

ورداً على سؤال لـ”الجمهورية” قال: في المبدأ تسعيرة الدولار على المنصة ستكون مثل التسعيرة المعتمدة على منصة اخرى لمصرف لبنان أي 3900 ليرة، لكن لا شيء يمنع من ان تتبدّل هذه التسعيرة بما يرضي ويتوافق عليه الصناعيون. وكشفَ انّ المنصة باتت جاهزة تقريباً في انتظار انتهاء بعض الاوراق القانونية من مصرف لبنان، لكننا في الوقت نفسه بدأنا نستقبل طلبات من الصناعيين لنستعد لإطلاقها.

وعن التمويل، اشار الى انّ مصرف لبنان سيضخّ نحو 100 مليون دولار في المنصة، على ان يليه بعدها استثمارات للصناعيين ولاحقاً المستثمرين، الذي من المتوقع ان يزيد مع الوقت لنصل الى المبلغ المنشود وهو 750 مليون دولار. وأكد انّ المستثمر الاجنبي لن يضع اموالاً في الصندوق اذا لم يَر اهتماماً واستثماراً من الصناعي اللبناني نفسه.

وفي السياق، قال الجميّل لـ”الجمهورية”: ليس المطلوب اليوم أيّ استثمار من الصناعيين إنما تشغيل المنصة لفتح اعتمادات. فالمصدّر عادة عندما يَودّ استيراد مواد أولية من الخارج يفتح اعتماداً في المصرف ويؤمّن كامل المبلغ نقداً، امّا اليوم ومن خلال استعمال هذه المنصة ما عاد مضطرّاً الى تأمين المبلغ كاملاً، يكفي الولوج الى المنصة وضَخ ما بين 25 الى 40 % من كلفة المواد الاولية التي يريد شراءها (تختلف النسبة باختلاف حجم العملية)، يتكفّل الصندوف بتأمين بقية التمويل، على ان تستعمل الاموال التي وضعها الصناعي (ما بين 25 الى 40 %) لإقراضها الى صناعي آخر بحاجة الى تمويل.

وهنا أوضح حرقوص انه بَدل وضع الـ fresh money التي بحوزة الصناعي المصدّر والتي لا يحتاجها حالياً في المنزل، يقترح عليه وضعها في المنصة، لقاء فائدة معينة، في المقابل يستفيد من هذه الاموال الجديدة صناعي آخر لا يصدّر إنما يحتاج الى الدولارات لشراء مواده الاولية من السوق، فيشتريها عن المنصة بدل ان يشتريها من السوق السوداء.

وعمّا اذا كان بدء العمل بهذا الصندوق سينهي أزمة توفير السيولة لتأمين المواد الاولية للصناعيين، يقول عضو مجلس ادارة جمعية الصناعيين اللبنانيين بول ابي نصر لـ”الجمهورية”: اليوم يمكن القول انّ الحل وضع على السكة، والآن يتطلّب إنجاح هذه العملية دخول كل الصناعيين في هذه المنصة، فكلما استعملت المنصة وشارك فيها اكبر عدد ممكن من الصناعيين، مُصدّرين او غير مصدّرين، كلما كبر حجم المنصة وتراجعت كلفتها. وشدّد ابي نصر على ضرورة تعاضد وتكاتف جميع الصناعيين لإنجاح هذا المشروع لأنّ الكل مستفيد.

وعما اذا كان لعمل هذه المنصة انعكاس ايجابي في المستقبل على مصلحة المستهلك، قال: بالتأكيد لأنّ تسعير السوق اليوم يتم بناء على تسعيرة السوق السوداء، والمشكلة تكمن في أنه لا ضوابط للسوق السوداء ولا نعرف حجمها، فما يحصل انّ بعض عمليات التبادل والتي تقدّر بعشرات آلاف الدولارات يسَعّر على اساسها سوق بقيمة ملايين الدولارات، وهذا ما يؤثر سلباً على السوق. إنطلاقاً من ذلك، نؤكد انه كلما انتظَم عمل المنصة، وكلما انحصرت عملية دخول الاموال الى لبنان وخروجها منه لعملية الاستيراد والتصدير أي للعمليات الاقتصادية، كلما تراجع سعر الدولار في السوق، وكلما انخفضت الاسعار على المستهلك وعادت قوته الشرائية لتقوى. نحن نحاول اليوم ترميم القدرة الشرائية للمواطن وليس زيادة التضخم، وهذا يتم عبر القطاع الصناعي، فالصناعة تحتاج الى المواد الاولية لتتمكن من الانتاج وتتمكن تالياً من تكبير قدرتها الانتاجية بغير أصناف.

وأوضح انّ عمل المنصة هذا ليس بديلاً عن العمليات التجارية التي كانت تتم في السابق مع المصارف، لأنّ عملها سيتم بالتعاون مع المصارف، وسيكون مُكملاً لعملها وتغطي ضعف موجود اليوم في المصارف، لافتاً الى انّ منصة التمويل التجارية هذه التي خلقت خارج لبنان ستسمح في الفترة المقبلة أن تكون موصولة على صعيد دولي، اي نتوقع مع توسّع عمل المنصة ان يشارك فيها في المرحلة المقبلة مستثمرين أجانب لتكبير رقعة التصدير اللبناني، فالصناعي اللبناني قادر على زيادة إنتاجه انما هو لا يملك الامكانات، وهذه المنصة أتت لتوفير ما يحتاجه الصناعي على الصعيد النقدي الى جانب توفير حلول لأكثر من عثرة يواجهها الصناعي اليوم.

وخلال المؤتمر الصحافي، وصف الجميّل المنصة بفسحة الأمل، والضوء الصغير في هذا النفق المظلم الذي أدخلونا وأدخلوا لبنان فيه، والتي تأتي ثمرة جهد وتعاون وتواصل بين جمعية الصناعيين وحاكم مصرف لبنان رياض سلامه، وبدعم مطلق من وزير الصناعة عماد حب الله. ورأى انّ هذه المنصة ستكون متنفّساً للصناعيين في المرحلة المقبلة لأنها ستشكل حلاً دائماً لتوفير ديمومة استيراد المواد الاولية الصناعية، وهذا ما سيؤمن نقلة نوعية في الاستثمار الصناعي الذي من شأنه إرساء الحل المُستدام للقطاع.

وأثنى الجميّل على “هذا التلاقي الرائع بين لبنان المقيم ولبنان الانتشار لإنشاء oxygen fund، فعلاً إنه دَمج خلّاق بين قوتين، بيننا نحن، أي من يعمل ويناضل ويقاوم في لبنان، وبين الانتشار اللبناني الناجح والمبدع”.

وقال: “من أجل كل ذلك، أُطلق صرخة من القلب الى كل الصناعيين، خصوصاً المصدرين منهم، وأدعوهم للمشاركة بقوة في هذا المشروع، وأقول لهم: أنتم ركيزة أساسية في إنجاح هذا المشروع الرائد، الذي يحقق مصلحة خاصة لكل واحد منكم، وللقطاع الصناعي، كما أنه يشكل إفادة اقتصادية وطنية، وهذا ما يجب ان نركّز عليه، لأنه إذا تعطّل الاقتصاد لا سمح الله، ستتعطّل معه كل محركات الصناعة مصدرين وغير مصدرين.

أعود وأناشِد جميع الصناعيين لتحضير أنفسهم والاستعداد لإطلاق المنصة بأسرع وقت.