كتبت غادة حلاوي في صحيفة “نداء الوطن”:
أخذ شعار مكافحة الفساد في الآونة الأخيرة حيزاً كبيراً من الأهمية تجاوز فيه الجميع فعل المزايدة وحدود السباق، وزعمت معظم الاطراف انها الأب الروحي في السعي لإنجاز ما يرضي الشوارع المتنوعة الميول والانتماءات والمجمعة ظاهراً على مكافحة الفساد.
وأصبح الكل ينظر في الأمور التي ترضي ساحاته، اولها العفة في حفظ المال العام وتعزيز واقع الادارة في القطاع العام. كل هذا بات اليوم على محك عمل هيئة مكافحة الفساد.
وبعد طول انتظار وجدل أقر مجلس النواب قانون مكافحة الفساد في القطاع العام وانشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، التي تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والاداري. لا سيما بعدما اصبحت عملية مكافحة الفساد تشكل عنوان المرحلة حالياً بالنظر الى الحاجة الفعلية إليها. صحيح أن لهذه الهيئة دوراً محدوداً لعدم كونها سلطة محاكمة وملاحقة ويقتصر عملها على تجميع المعلومات، لكن هذا لا ينفي اهمية وجودها في التأسيس لمرحلة جديدة، خصوصاً أن هذه الهيئة ووفق نظام تأسيسها، يرأسها وكذلك نائب الرئيس قاضيان متقاعدان من أصحاب التجارب المشجعة لخوضهما معركة مكافحة الفساد وقد خبراها من خلال التعاطي مع الملفات الادارية في الدولة.
فمن وجهة نظر قضائية مجرد وجود هيئة متخصصة بهذا الشأن مع وجود قضاة وخبراء محاسبة ومحامين في عدادها يعزز امكانية تحولها لتكون قاعدة معلومات في الملاحقات لا سيما تلك المتعلقة بالجرائم المالية.
حتى الساعة تقدم الى أمانة السر في المجلس الاعلى للقضاء أربعة قضاة بترشيحاتهم الى المنصبين المنصوص عنهما في نظام انشاء الهيئة وهم القضاة الدكتور مروان كركبي وكلود كرم ومحمد مظلوم وفوزي أدهم، والمتوقع تزايد هذا العدد حتى موعد الانتخابات المحددة في السابع من آب المقبل. لكن وبسبب مستجدات فيروس كورونا الخطرة يتجه القاضي عبود الى ارجاء هذه الانتخابات الى موعد لاحق مما سيفتح المجال امام تزايد الترشيحات في صفوف القضاة خصوصاً مع عدم وجود مهلة قانونية للترشيح.
يثني القاضي عبود على الخطوة ويصفها في اتصال مع “نداء الوطن” بانها تجربة مفيدة وفريدة لا سيما مع عدم وجود معايير طائفية تحكم عملية الترشح والانتخاب، آملاً ان “يتزايد عدد المرشحين وأن نشهد إقبال القضاة على المشاركة في العملية الانتخابية كي يتاح لهم ولاول مرة المشاركة في اجواء انتخابية ليختاروا من يمثلهم في هيئة مكافحة الفساد”.
عوامل ايجابية عدة يلحظها قانون إنشاء الهيئة من بينها تمتع عضو الهيئة بإستقلالية فعلية لكونه منتخباً وعملية إقالته معقدة جداً وغير ممكنة الا بتوافر غالبية الثلثين من الهيئة ذاتها. حيث ينص قانون انشائها على أن يمارس الاعضاء مهامهم بصفتهم الشخصية وباستقلال تام ولا يتقيدوا بتوجيهات من أي مرجع حتى من الجهة التي سمتهم او انتخبتهم.
ومن العوامل الايجابية حصر العمر الاقصى للمرشح بأربعة وسبعين عاماً وكونه متقاعداً يتولى مهامه داخل اللجنة على امتداد ست سنوات ما يفترض عدم وجود طموح قد يكون سبباً للتساهل لأجل تحقيقه بعد انتهــاء مهامه. وتأمل مصادر قضائية ان يحاكي المرشح لهذا المنصب من القضاة الحراك القضائي المنسجم مع الحراك الشعبي والذي كانت له مساهمته في وصول الرئيس الحالي لمجلس القضاء الاعلى.
ومما جاء في قانون انشاء الهيئة الذي أقره مجلس النواب مؤخراً:
تشكل الهيئة من ستة أعضاء بمن فيهم الرئيس ونائب الرئيس ويعينون بمرسوم يتخذ في مجلس الوزارء، لمدة ست سنوات غير قابلة للتجديد. ويتم اختيار الأعضاء من بين الأشخاص ذوي السيرة الأخلاقية العالية المشهود لهم بالنزاهة، وذوي الكفاءة العالية والخبرة، بناء على سيرة ذاتية موثقة على أن تتوافر في المرشح الشروط الواجبة لتعيين موظفي الفئة الاولى وعلى أن تتوافر الشروط التالية: الّا يقل عمر المرشح عن 40 عاماً وألّا يتجاوز 74 عاماً وألا يكون، عند التعيين وخلال السنوات الخمس السابقة، متولياً أي منصب سياسي أو حزبي وألّا يكون وخلال الفترة المذكورة عضواً في أي جمعية تمارس العمل السياسي أو في أحد الأحزاب. يؤدي أعضاء الهيئة والموظفون وسائر العاملين لديها مهامهم باستقلال كامل عن أية سلطة اخرى في اطار أحكام هذا القانون.
اما لناحية الأعضاء فتشكل الهيئة من قاضيين متقاعدين بمنصب الشرف، يتم انتخابهما وفق الأصول التي ترعى انتخاب أعضاء مجلس القضاء الأعلى، على أن تتألف الهيئة الناخبة من مجمل القضاة الأصيلين في القضاء العدلي والإداري والمالي، وعلى أن تتم الدعوة والإشراف على الانتخابات من قبل القاضي الأعلى درجة من بين رئيس مجلس القضاء الأعلى ورئيس مجلس شورى الدولة ورئيس ديوان المحاسبة. يرفع وزير العدل اسمي القاضيين المنتخبين إلى مقام مجلس الوزارء.- محام حقوقي من بين أربعة أسماء يرشح اثنين منهم مجلس نقابة المحامين في بيروت واثنين مجلس نقابة المحامين في طربلس.
– خبير محاسبة من بين ثلاثة أسماء يرشحها مجلس نقابة خبراء المحاسبة المجازين في لبنان.
– خبير في الأمور المصرفية أو الاقتصادية يتم اختياره من بين ثلاثة أسماء ترشحهم هيئة الرقابة على المصارف.
– خبير في شؤون الادارة العامة أو المالية العامة أو مكافحة الفساد من بين ثلاثة أسماء يرشحهم وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية.
ويشترط في الاعضاء الخبراء حيازة شهادات عليا (ماجيستر وما فوق) في اختصاصهم بالإضافة الى خبرة لا تقل عن عشر سنوات. ينتخب القضاة في كل لبنان زميليهما القاضيين الممثلين لهم في الهيئة ويفوق عددهم 630 قاضياً بأغلبية النصف زائد واحد للجلسة الاولى وبمن حضر للجلسة الثانية.