IMLebanon

“إطلالة” تجديد البيعة لـ”الحزب” وتفخيخ “حياد” الراعي

كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:

لم تخرج المقابلة التي أجراها رئيس “التيار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل مع الزميل ألبير كوستنيان عن الإطار العملي للسياسة الباسيلية المرسومة والتي تحاول ترميم نفسها بعد الضربة التي تلقتها بعد ثورة 17 تشرين.

دخل معطى دعوة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي لإقرار الحياد وفك أسر الشرعية بقوّة على الساحة السياسية ولم يعد أحد قادراً على تخطيه، لكن باسيل الذي حاول التمايز في الفترة الأخيرة عن “حزب الله” عاد بالأمس خلال “إطلالته” إلى تحديد خطوط سياسته الكبرى وعنوانها عدم فك الإرتباط مع “الحزب”.

وعلى ما يبدو لم تنجح محاولات باسيل في كسب الرضى الأميركي لكنه خفف منسوب الغضب بما يؤخّر وضعه على لائحة العقوبات، خصوصاً أن العهد و”التيار الوطني الحرّ” لا يضايقان السياسات الأميركية، ولعل قضية تهريب عامر الفاخوري من أبرز الامور التي توقّف عندها الجميع مطولاً.

وفي السياق، فإن باسيل أعاد تأكيد ارتباطه بـ”حزب الله” بطريقة ملطّفة، باعتباره أن سلاح “الحزب” نقطة قوّة يجب علينا الحفاظ عليها، منتقداً بخجل إنفلاش سلاحه نحو اليمن ودول عدّة، لكن هذا الإنتقاد لا يفسد في الودّ “تحالفاً”.

وليس بعيداً من سلاح “حزب الله” الذي يستجلب الحصار والقطيعة مع دول العالمين الغربي والعربي، أعاد باسيل تكرار مقولة أن الحياد يجب أن يحظى برضى “حزب الله” وضرورة الحوار معه، ما يعني أنه وضع الكرة في ملعب “الحزب” وبكركي، ليتملّص هو من موقف واضح تجاه الأخطار التي تعصف بلبنان من وراء سلاح “الحزب”، وبذلك يتفادى إغضاب البطريرك والرأي العام المسيحي والوطني المؤيد لطرحه وكذلك يُرضي “حزب الله”.

والأخطر أنه يقول إنه طبّق سياسة الحياد عندما كان في سدّة المسؤولية، علماً أن المشاكل الكبرى مع الدول العربية حصلت منذ توليه “الخارجية”، ولم تصحّح حتى وقتنا هذا.

وأمام كل هذه الوقائع، تصرّ الكنيسة على المضي بطرح الحياد، ويذهب الراعي بعيداً في المطالبة بإقراره في الأمم المتحدة كي يحظى برعاية دولية، لأن بكركي تعلم جيداً ان لبنان لا يمكنه العيش خارج المنظومة الدولية أو يصبح جزيرة معزولة مثل إيران.

ولا يمانع الراعي في محاورة “حزب الله” مثلما دعا باسيل، لكن الأساس يبقى بالنسبة إليه عدم تفريغ موضوع الحياد من مضمونه أو التذاكي لشراء الوقت، بانتظار حصول تغيير إقليمي ما يُعيد سيطرة سلاح “الحزب” على الداخل ويتحرك إقليمياً كما يشاء، تنفيذاً لسياسات أكبر من لبنان ولا تمتّ إلى المصلحة الوطنية بصلة.

ولا تسعى بكركي إلى فكّ إرتباط باسيل بـ”حزب الله”، بل هي تؤكّد أنها لا تدخل في التحالفات الداخلية وما يهمها هو إقناع أكبر شريحة وطنية بفعالية الحياد، من هنا يتوجّب على القوى المسيحية أن تكون في مقدمة المطالبين بالحياد لأن الشعب المسيحي يتأذى من كل ما يحصل والهجرة الجماعية تطرق الأبواب، لا أن يقوم كل فريق مسيحي أو وطني بمقاربة الحياد من منطلقات الربح والخسارة وتسجيل المكاسب.

وفي هذا الإطار، تنتظر البطريركية المارونية توسيع دائرة المؤيدين لمنطق الحياد، والإنطلاق في مرحلة جديدة مــن أجل صـون البلـد، خصوصاً أن ملف سلاح “حزب الله” لا يمكنه أن يستمر كما هو، فلا يجوز ان يكون في البلد جيش شرعي، وجيش آخــر مرتبـــط بايــران ويفعـل ما يشــاء ويعلن الحرب ساعة يريد ويقاتل في ساحات المنطقة من دون أن يأخذ رأي اللبنانيين.

إذاً، قالت بكركي كلمتها وحصدت أعلى نسبة تأييد، وتفخيخ الحياد لم يعد يجدي نفعاً لأن الموضوع خرج من إطاره الكنسي إلى المسيحي والوطني والإقليمي والدولي.