اعتاد اللبنانيون تصويبَ رئيس الحكومة حسان دياب في كل موقف يطلقه، على جهات “شرّيرة”، مجهولة الهوية والاسماء والانتماء حتى الساعة، تحاول منذ لحظة دخوله السراي، عرقلة عمل حكومته ووضع العصي في دواليبها، وتتعمّد تشويه صورتها في الداخل والخارج، ناهيك بـ “حرتقتها” الدائمة على حكومة “مواجهة التحديات” في الأمن والاقتصاد والمال وفي الشارع. هي مافيات، لم يُعط دياب اللبنانيين اي تفاصيل عنها، رغم أنه يملك هذه التفاصيل على حد تعبيره، مافيات كلّ همّها إفشاله، وبالتالي يحقّ لدولته، كل أسبوع ان يضع اللبنانيين في صورة مخطّطاتها التخريبية الخبيثة وان يحذّرها من التمادي أكثر في ما هي في صدده.
لكن اذا كان اللجوء الى هذه الوسيلة، اي تحميل خصوم مُفترَضين مسؤوليةَ منع الحكومة من الإنجاز، مقبولا الى حد ما، وقد “بلعه” اللبنانيون على مضض على قاعدة “ما باليدّ حيلة”، وفق ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، فإن ما ليس مقبولا هو استسهال رئيس الحكومة اطلاق سهامه وانتقاداته نحو دبلوماسيين يمثّلون أكبر الدول وأعظمها في العالم! هذا السلوك الجديد كليا والذي لم نعرفه لبنانيا ولم يلجأ اليه المسؤولون الذين تعاقبوا على الحكم منذ عقود، مهما كانت انتماءاتهم السياسية، يمكن وصفه بالمتهوّر واللا مسؤول، كي لا نقول انه يخرج عن الاصول والاعراف التي تحكم العلاقات بين الدول، دائما وفق المصادر، فكم بالحري ان كانت تتعلّق بعلاقات تاريخية “وجدانية” “عميقة” كتلك التي تربط لبنان وفرنسا، الام الحنون؟! ببرودة أعصاب، سمح الرئيس دياب لنفسه انتقاد معلومات رأس الدبلوماسية الفرنسية جان ايف لودريان حول لبنان. وقد رأى أن زيارة لودريان لم تحمل معها أي جديد، لافتا الى أن لدى الاخير “نقصا في المعلومات لناحية مسيرة الإصلاحات الحكومية”، ومشيرا الى أن “ربطه أي مساعدة للبنان بتحقيق إصلاحات وضرورة المرور عبر صندوق النقد الدولي يؤكد أن القرار الدولي هو عدم مساعدة لبنان حتى الآن”.
الرجل يصرّ اذا على أنه انجز 97% من برنامجه، رغم ان عرّابي حكومة اللون الواحد لم “يشتروا” “الخبريّة” هذه، وهو ما أكده شخصيا رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل مساء الاثنين. ولأجل موقفه هذا، الذي لا يصدّقه أحد، ولأجل الدفاع عن حكومته التي في رأيه تجرّأت حيث لم يجرؤ الآخرون، علما ان اللبنانيين يتضورون جوعا ويحرقهم الغلاء وسعر الدولار والتقنين الكهربائي ونقص المواد الاوّلية، لأجل ذلك، دياب مستعدّ للتضحية بعلاقات لبنان الخارجية، او بما تبقّى منها، بعد ان قضى تفرّد حزب الله و8 آذار بالسلطة التنفيذية، على معظم شبكة تواصله مع العرب والخليجيين والغرب.
فالجدير ذكره ان دياب، قبل قنصه على لودريان الذي اشارت المعلومات الى انه استفاض في توجيه اللوم الى كل من التقاهم من المسؤولين اللبنانيين جراء تقاعسهم عن الاصلاح الجدي، كان سوّق لكونه “أدّب” السفيرة الاميركية دوروثي شيا، ووضعها عند حدودها بعد ان حاولت الضغط على حكومته في مسألة التوجه شرقا وبعد ان “تدخّلت” في التعيينات المالية (…) وهو ما نقله عنه أحد الفنانين الداعمين لحزب الله بعد لقائه دياب في السراي.
وبعد، لبنان يستجدي اليوم دعم الخارج لمعالجة أزمته القاتلة اقتصاديا وماليا ومعيشيا. فهل التعاطي بخفّة، مع المجتمع الدولي، يساعده في الحصول على الدعم المرجو؟