كتب وليد حسين في “المدن”:
لا يتحمّل حزب الله أي منتقد للحكومة، حكومته، في معاقله. يريد الصمت أو رفع صرخات المجد والبطولة والانتصارات في معاقله ودياره. أما الأصوات الأخرى فيجب أن تخرس وتختفي، وإلا فالإرهاب والبطش نصيب كل معترض يطلق صوته.
خروف للذبح
بهذه العبارات روى قاسم سرور حادثة اعتداء عناصر حزب الله عليه الأربعاء 29 تموز، في قرية السماعية، قضاء صور، بتهمة أنه “خروف”، لأنه يخاف من شتم حزب الله على الملأ وأمام عناصره وجمهوره اللصيق، ويشتمه في السر أو في الحلم.
ووفق سرور، حصل الاعتداء عليه بالضرب المبرح، فأصيبت عينه بكدمات وجروح، بينما كان في مقهى بالقرية، بعدما أقدم أحد عناصر حزب الله على استفزازه لشتم حزب الله في العلن.
وقال سرور في حديث لـ”المدن”، إنه منذ يومين كان يرتاد مقهى القرية كالمعتاد، حيث جمهرة من الشبان يتحادثون منتقدين الدولة والحكومة، “فوافقتهم الرأي قائلاً إن جميع من في السلطة حرقوا دينا وخربوا حياتنا، وهم فاشلون..”. لكن يبدو أن أحدهم أبلغ شبان حزب الله في القرية أنه شتم الحزب والسيد حسن نصرالله شخصياً، بدل أن يروح يلقنهم أهزوجة منشد الحزب وكورسه لحسان دياب: “الله يزيدك يا حسان/الله ياخذ بإيدك”.
في اليوم التالي، وبينما كان في المقهى، وصل شابان أحدهما محمد أحمد بدوي، وهو عنصر في التعبئة بحزب الله، والآخر مقرب من الحزب، وهو علي عبيد. راح بدوي، روى سرور، “يتهمني بأنني شتمت الحزب والسيد. وأرغى وأزبد وهدد بأنه في حال فعلت، فسألقى عقاباً وخيماً.. لكنني حاولت تهدئته وقلت له: أنا لا أشتم أي جهة سياسية في حضور مناصرين لها. ونحن أهل قرية واحدة وأكن لكم الاحترام. وأضفت: لكنني لا أخفي عليك سراً أنني أشتم الجميع في سري ولا أوفر أي كان”.
لكن بدوي استمر في استفزاز سرور ونعته بأنه “خروف وجبان”، وشتم والده. واستمر في غضبه وشتم والدته بكلام قذر. “فما كان مني إلا أن قلت له: فيك وبالحزب. فانهال عليّ بالضرب وعاونه الشاب الآخر وشخصان آخران لا أعرفهما. ما أدى إلى جرح عيني وتهشمها”.
لا شارع ولا فايسبوك
وأضاف سرور أنه ذهب لتقديم شكوى، لكنه عاد وتراجع لأنه شعر بعدم جدواها. فسرعان ما ستتدخل الوساطات ولن تؤدي إلى نتيجة. ثم أن “أقربائي أتوا للتوسط وحل الخلاف، وحضر مسؤول حزب الله في القرية واعتذر مني. وأكد أن ليس للحزب علاقة بالموضوع، وأن الشبان المعتدين تحركوا بشكل شخصي. وأنهى حديثه طالباً مني أن لا استخدم الفايسبوك لتوجيه الانتقادات المعتادة، وأن أخفف من لهجتي الساخرة. علماً أن صفحتي مفتوحة للجميع ولم أتناول حزب الله بأي شيمة. وذلك لأنني أعيش في القرية معهم وانتقد السلطة وأحزابها كلها وليس حزباً بعينه”، كما قال.
وتابع “هم يعرفون أنني أعارض الحزب واختلف معهم في السياسة وفي كل شيء. وبالتالي، دبروا هذه الحجة لأنهم يريدون إرهابي ليس أكثر. هم يعلمون عن نشاطي في ثورة تشرين ومشاركتي في كل التحركات في منطقة صور. وقد حاولت ومجموعة صغيرة من الشبان قطع الطريق العام عندما ارتفع سعر صرف الدولار. ووزعنا رسائل على منصات المحادثة الفورية للأهالي، لكننا عندما حضرنا رأينا أكثر من 40 آلية للجيش اللبناني وعشرات العناصر من حزب الله وحركة أمل منتشرين بسلاحهم، فعدنا أدراجنا إلى المنازل. وبالتالي لم يبق لي غير صفحتي على فايسبوك كي أعبر عن غضبي من السلطة وأحزابها”.
الاعتراض ورفع الصوت ضد السلطة والذل الذي يعيشه المواطنون لم يرق للحزب وعناصره في القرية، “فاندفعوا بحقد دفين إلى ضربي لإسكاتي، ولكي أكون عبرة لأي شخص يجرؤ على الاعتراض في مناطقهم. يخافون من أي صوت مخالف، رغم أن عدد المعترضين على الحزب وحركة أمل في القرية وفي كل القرى المجاورة معدودون على الأصابع”.