اليوم الجمعة أول أيام عيد الأضحى المبارك، وهو أول أيام «الإغلاق المتقطع» للبلد ضمن نطاق شهر التعبئة الصحية الجديد بوجه فيروس كورونا.. الذي يؤمل ان يعبره اللبنانيون بعدد اقل من الإصابات، مما سجل في السابق، وبقدرة اكبر على مواجهة الاختناق المعيشي والصحي في ظل واقع سياسي ميؤوس منه.
لقد فرض الفيروس، قيوده على أهل العيد، بمنعه التقارب الاجتماعي والتزاور الجماعي، والمصافحة والمعانقة، وكل موروثات المناسبات السعيدة، التي تقلصت لتصبح بحجم ما يجود به الهاتف الخليوي عن بعد.
وبعيدا عن «كورونا» غرد ممثل الأمم المتحدة في لبنان يان كوفيتش، امـــس قائلا: ان اغلب الناس في لبـــنان وخـــارجه يعتقد ان المؤامرة الحقيـــقية التي تواجه البلد هي عدم رغبة الطبقة السياسية والمالية في تطبيق مجموعة من الاصلاحات الملحة والشاملة، رغم أن هذا هو السبيل الوحيد الكفيل بإطلاق المساعدات الخارجية، وسأل: ترى ما هو المطلوب لتغيير هذه الذهنية بعد كل هذا الانهيار والبؤس؟.
وفي هذا السياق كشفت مصادر فرنسية تفاصيل المحادثات الحساسة التي أجراها لودريان مع الرئيس ميشال عون ورئيس الحكومة حسان دياب الى تفاعل الخلافات نحو الأسوأ، الى حد اتهام الوزير لودريان بأنه غير مطلع على ما قامت به الحكومة اللبنانية، ونقلت إذاعة «لبنان الحر» عن المصادر الفرنسية ان محادثات عون والوزير لودريان تعثرت عندما طلب رئيس الجمهورية مساعدة فرنسا للبنان في ازمته المالية، والاقتصادية وبتنفيذ مقررات مؤتمر «سيدر»، فرد الوزير الفرنسي مؤكدا ان موقف بلاده بخصوص مساعدة لبنان معلن، وتم إبلاغه للمسؤولين اللبنانيين مباشرة، والمرتكز على قيام الحكومة بسلة من الاصلاحات في الإدارات التي تستنفد المالية العامة، وهنا قال الرئيس عون ان الدولة ستقوم بالاصلاحات وباشرت بإقرار موضوع التدقيق الجنائي في مصرف لبنان، واقرار تعيينات في بعض المناصب في إطار مكافحة الفساد، فرد لودريان بالقول: مرت 3 سنوات ونحن نسمع منكم الوعود بالاصلاحات وفعلت فرنسا ما بوسعها لإتمام «مؤتمر سيدر» لمساعدة لبنان، لكن الوعود لاتزال على حالها ويبدو ان الرئيس عون تضايق من كلام ضيفه، واكتفى بتكرار كلامه وانتهى اللقاء عند هذا الحد.
أما اللقاء الذي اجهز على الزيارة فقد كــــان بين دياب ولودريان، إذ قدم دياب جردة بالتعيينات التي أقرتها الحكومة في مجلس إدارة الكهــرباء وبعض المراكز المالية، معتبرا أنها تحاكي مطالب الدول المشاركة بمؤتمر «سيدر» وغيره.
هنا قــال: لودريان: إن ما قمتم به ليس إلا خطوات خجولة لا ترقى إلى مستوى الإصلاحات البنيوية المطلوبة، التعيينات التي تمت معظمها على أساس المحاصصة وهذه لا تساعد على نهوض المؤسسات ووقف الهدر والاستنزاف.
ولفت لودريان إلى عدم اكتمال مجلس إدارة مؤسسة الكهرباء بتعيين رئيس جديد وتجنب تعيين الهيئة الناظمة حتى الآن والعمل على تعديل نظامها كي تبقى ملحقة بوزير الطاقة وتنفذ رغباته.
كما تساءل عن عدم تعيين هيئة ناظمة للاتصالات ومثلها لمطار رفيق الحريري الدولي ومكافحة التهرب الجمركي والضريبي وبدا رئيس الحكومة محشورا، وقد حاول أكثر من مرة التحدث عن إنجازات، لكن لودريان كان يقول له، نحن لا نرى إنجازات في عملك وما زلتم تدورون في مكانكم، فيما تزداد الأزمة حدة وتتضاعف معاناة اللبنانيين.
هنا رد دياب على الوزير الزائر قائلا: أنا رئيس حكومة لبنان ولا أسمح لك بإعطائي التعليمات وما يجب القيام به، انا لست سعد الحريري لأنفذ تعليماتك.
وأجابه لودريان بقوله: أنا لا أعطي تعليمات لأحد، ولا أسمح لنفسي بذلك، وأتيت لأقول لكم بكل وضوح ساعدوا انفسكم لنساعدكم، ويجب أن أقول لك بكل احترام أن الحريري صديق لفرنسا وهو يمثل شريحة وازنة من اللبنانيين، وتعاونا معه بكل احترام لما فيه مصلحة لبنان وفرنسا.
كلام دياب وصل إلى سعد الحريري الذي أبدى أسفه في لقاء الدردشة الأسبوعية مع الصحافيين ككل يوم خميس لتصريحات دياب وسأل: إلى أين يأخذنا بهذه الديبلوماسية إزاء أصدقائنا التاريخيين الذين وقفوا معنا في كل الأزمات التي مرت على لبنان وقال: اذا كان رئيس الحكومة أو أي مسؤول آخر يتحدث بهذا الأسلوب عن دولة نعتبرها في لبنان الأم الحنون، فمن المؤسف أن نسمع هكذا كلام من هكذا حكومة.
وعن الإصلاحات المحكى عنها، قال الحريري: قاموا بالتدقيق الجنائي على مصرف لبنان أهنئهم، لكن لم يجروا التدقيق على وزارات الطاقة وغيرها.
وردا على سؤال قال الحريري لا أريد أن أكون رئيس حكومة ولا أريد لأحد أن يفرض شروطه علي.
غير ان باريس لم تشأ الذهاب في مشكلة وزير خارجيتها مع الحكم والحكومة في لبنان الى حد اللاعودة، بدليل زيارة وفد من السفارة في بيروت برئاسة القائمة بالأعمال سالينا غرونيت كاتالانو، الى رئيس الحكومة، «لمتابعة المباحثات التي اجراها الوزير لودريان في بيروت»، وأكدت كاتالانو لدياب اهتمام بلادها بمساعدة لبنان.
بدوره اكد دياب تطلع لبنان الى تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين، واضعا زيارة الوزير لودريان في سياق العلاقة التاريخية العميقة.