لم تمض ساعات على «عودة الحياة» إلى مطار الكويت مع بدء تشغيل الرحلات التجارية بعد توقفها منذ 13 آذار الماضي، سارت الحكومة على منهج التخبط نفسه في اتخاذ القرارات المتعلقة بمواجهة أزمة «كورونا».
فبعد إعلانها قبل يومين أن السفر إلى الكويت مسموح للقادمين من مختلف دول العالم ما عدا 7 دول، وفيما كانت طائرات تحلق في الأجواء وأخرى تستعد للإقلاع عن المدرج في أكثر من دولة، فاجأت الحكومة الجميع بالإعلان عبر إدارة الطيران المدني عن «حظر الطيران التجاري للقادمين من 31 دولة حتى إشعار آخر».
ورغم الترحيب الذي لقيه القرار الحكومي الذي جاء على وقع تهديدات نيابية ومطالبات بمنع دخول بعض الجنسيات المحددة إلى الكويت، فإن توقيت إعلان القرار رسم علامات استفهام كبيرة وطرح أسئلة كثيرة لم تلقَ إجابات واضحة، فيما قالت مصادر مطلعة لـ«الراي» إن «قرار الحظر صدر عن مجلس الوزراء بإجماع وزاري».
وأعلن الناطق الرسمي للحكومة طارق المزرم أن «منع الطيران التجاري من والى بعض الدول يخضع لمراجعات مستمرة من قبل الجهات الحكومية، والقائمة متغيرة وفق تطورات فيروس كورونا المستجد عالميا».
وتشمل قائمة الدول التي تم حظر السفر منها إلى الكويت: مصر ولبنان والعراق وايران وسوريا والفيلبين والهند والصين والبرازيل وكولومبيا وأرمينيا وبنغلاديش واسبانيا وسنغافورة والبوسنة والهرسك وسيرلانكا، نيبال والمكسيك واندونيسيا وتشيلي وباكستان وهونغ كونج وايطاليا ومقدونيا الشمالية ومولدوفا وبنما وبيرو وصربيا ومونتنيغرو وجمهورية الدومنيكان وكوسوفو.
وتساءلت المصادر عن «أسباب التأخير في إعلان مثل هذا القرار، رغم أن موعد فتح المطار معلوم منذ أكثر من شهر، فضلاً عن أن توقيت الإعلان أحدث ربكة كبيرة ليس في الكويت فحسب بل في دول عدة، حيث تكدس المسافرون في المطارات وعادت طائرات من الأجواء واضطرت سلطات الطيران المدني وشركات الطيران في تلك الدول إلى إعادة جدولة الرحلات التي كانت مقررة وفق القرارات الرسمية للكويت».
واستغربت المصادر إعلان الناطق الرسمي للحكومة أن «معظم الدول سياساتها لاستقبال المسافرين أو مغادرتهم متغيرة ولا يمكن التنبؤ بها»، مشيرة إلى أن «من غير المنطقي اتخاذ قرار بهذا الحجم في اليوم نفسه لبدء تشغيل المطار رغم الاستعدادات الكبيرة التي جرت على مدار الأشهر الماضية، خصوصاً أن الدول المشمولة بالحظر لم تشهد تطورات كبيرة على صعيد الوضع الصحي خلال اليومين الماضيين تدفع الحكومة إلى تغيير قرارها السابق بقصر الحظر على 7 دول».
وأشارت المصادر إلى أن «الإعلان عن أن قرار حظر دخول المسافرين القادمين من 31 دولة جاء بناء على تعليمات السلطات الصحية ونظرا للوضع والتداعيات المترتبة على انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) بشأن الدول عالية الخطورة، يستدعي من السلطات الصحية اتباع الشفافية التي تتمسك بها بتوضيح المبررات التي استندت إليها، وما إذا كانت بناء لتزايد أعداد الإصابات في تلك الدول أم بناء لتوصيات صحية دولية أو غير ذلك، وأسباب التأخر في رفع مثل هذه التوصية، خصوصاً أن القائمة استثنت دولاً أخرى تعتبر أكثر خطورة من ناحية أعداد الإصابات اليومية وتفشي فيروس كورونا فيها».
وقالت المصادر إن «مشهد الارتباك الحكومي لم يكن الأول، فقد سبقته قرارات مماثلة في بداية أزمة كورونا عندما تم إلزام القادمين إلى الكويت بحمل شهادات فحص PCR ثم التراجع عنه قبل أن يتم إغلاق المطار بشكل كامل، وكذلك الإعلان قبل أيام عن قائمة المختبرات المعتمدة في بعض الدول ثم إصدار قرار في اليوم نفسه يحظر دخول المسافرين من دول ضمن قائمة المختبرات المعتمدة، وغير ذلك من القرارات الصحية».
وتساءلت المصادر عن «الأسباب الحقيقة التي استدعت اتخاذ القرار، سواء كانت صحية بسبب تطورات تتعلق بفيروس كورونا، أم فنية تتعلق بالاستعدادات لفتح الأجواء، أم غير ذلك؟، خصوصاً أن منظومة الصحة الخليجية لم تتخذ قرارات مماثلة»، مشيرة إلى أن «قرار الحظر ستكون له تبعات قانونية ومالية على أكثر من صعيد».
وعلمت «الراي» من مصادر مطلعة أن القرار ألغى 7 رحلات قادمة من مصر تحمل نحو 610 ركاب على متن رحلات لعدد من شركات الطيران المختلفة، كما الغيت رحلة من بيروت على متنها نحو 100 راكب، وأخرى من مانيلا على متنها 150 راكباً، فضلاً عن إلغاء عشرات الرحلات الأخرى التي كانت مجدولة خلال الأيام المقبلة.
ومع إعادة التأكيد الجهات المختصة على أنه «لم يتم استثناء القادمين من أي دولة الى الكويت من فحص فيروس كورونا المستجد PCR وأنه إلزامي وفق الاشتراطات الصحية والطيران المدني»، سيكون على المسافرين الذين أجروا الفحص استعداداً للسفر إلى الكويت إعادته مرة أخرى قبل موعد سفرهم بحسب الاشتراطات التي تنص على ألا تزيد صلاحيتها عن 96 ساعة.
وتواجه وزارة التربية أيضاً أزمة جديدة في شأن عودة معلميها العالقين في الخارج بعد القرار، حيث كشف مصدر تربوي لـ«الراي» أن «عددهم بالعشرات وسوف تبحث الوزارة إمكانية استثنائهم من القرار بعد عطلة العيد مباشرة بالتنسيق مع وزارة الصحة والجهات الحكومية المختصة».
وناشد اتحاد المستشفيات الأهلية مجلس الوزراء استثناء الكوادر الطبية من المقيمين، من قرار منع الدخول الى البلاد أسوة بطواقم وزارة الصحة نظرا للحاجة الماسة لهم في ظل الظروف الراهنة، مشيراً الى وجود بعض الكوادر الطبية والتمريضية والفنية العالقة في الخارج، والمقدر عددهم بنحو 223 موظفاً من التخصصات مختلفة.
وفي أول ردود الفعل الخارجية على القرار، قال رئيس سلطة الطيران المدني المصري أشرف نوير إن «القرار المفاجئ من سلطة الطيران المدني الكويتي بإيقاف التشغيل المنتظم بين مصر والكويت أدى إلى تكدس ركاب بعض الرحلات بالمطارات المصرية بالإضافة إلى عودة بعض الرحلات من الجو بعد إقلاعها»، مشيراً إلى أنه «تقرر تعليق جميع الرحلات بين البلدين لجميع الشركات المصرية والكويتية لحين تقييم الموقف».
وأعلنت شركة مصر للطيران الغاء جميع رحلاتها «المجدولة» المتجهة الى الكويت حتى إشعار آخر.