بمعزل عن حجم “البهدلات” الدولية والأممية التي تزخّ عليها من كل حدب وصوب، سواءً تلك المباشرة وآخرها أمس من منظمة “هيومن رايتس واتش” التي نددت في تقريرها إلى “مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة” بتقاعس الحكومة اللبنانية عن معالجة الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تهدد الحقوق الأساسية للبنانيين، أو تلك غير المباشرة التي عكستها الإشادات الدولية والأممية المهنئة بخطوة استقالة ناصيف حتي من التركيبة الحكومية القائمة باعتبارها “رسالة تنبع من إحباط عميق في إمكانية وضع لبنان على سكة الإصلاح”… فإنّ حكومة حسان دياب باقية على قيد الحياة السياسية طالما بقيت تسير وعينُ “حزب الله” ترعاها، وهو ما أكدته سرعة القرار بتعيين البديل عن حتي لتطويق التصدع في أرضيتها وقطع أي شهية وزارية أخرى مفتوحة على الاستقالة.
وبينما من المتوقع أن يصادق الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله على هذا التوجه غداً في سياق مقاربته للملفات والتطورات السياسية الأخيرة، لن تكون على الأرجح المستجدات الحدودية بعيدة عن مضمون رسائله، إن كان لناحية ما يتعلق بالاستنفار الإسرائيلي عند جبهة الجنوب أو لجهة ما يتصل بما يثار حول مهمات اليونيفل، لا سيما في ضوء ما كشفته مصادر ديبلوماسية في نيويورك لـ”نداء الوطن” عن تسارع وتيرة النقاش والتجاذب في أروقة الأمم المتحدة حيال أمور متصلة بتعزيز “القدرات التقنية” للقوات الأممية العاملة في جنوب الليطاني عبر سلسلة إجراءات من بينها تزويدها بمسيّرات “درون” للرصد والمراقبة، تحت وطأة تزايد الضغط الأميركي لتفعيل مهمة هذه القوات مقابل التلويح بعدم قبول واشنطن بعد اليوم تمويل “شهود زور” على تطبيقات القرار 1701.
وفي هذا السياق، تشير المصادر الديبلوماسية في الأمم المتحدة إلى أنّ التجديد لولاية قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان “سيستدعي هذه المرة طرح موضوع تعديل مهامها وتطويرها”، موضحةً في هذا المجال أنّ “الإدارة الأميركية تصرّ على ضرورة ضمان عدم عرقلة مهمة “اليونيفل” وإتاحة المجال أمامها للتأكد من تطبيق القرار 1701 عبر دخول دورياتها إلى مناطق لا يزال محظوراً عليها دخولها في الجنوب، خصوصاً في ضوء ما يتبين تباعاً من تحرك أمني وعسكري واستخباري واضح لـ”حزب الله” في جنوب الليطاني وصولاً إلى الخط الأزرق”.
وإذ تؤكد “سعي الأمم المتحدة لإدخال تغييرات في طريقة عمل اليونيفل دون الخوض في تعديل مهامها وما قد يخلّفه ذلك من تعقيدات وإشكالات كبيرة”، تكشف المصادر عن “تقرير أعده الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يقترح فيه اعتماد مسائل وتدابير فنية وتقنية يمكن إذا اعتُمدت وطُبّقت أن تأتي بنتائج ترضي المجتمع الدولي مثل تزويد القوات الدولية بالدرون (drone) لتنفيذ طلعات استطلاعية تهدف إلى تخفيف الاحتكاكات الميدانية بين عناصر اليونيفل وأهالي عدد من البلدات الجنوبية وتؤمن في الوقت نفسه تعزيز قدرات الكشف والاستطلاع الجوي لتكوين قدرات استعلامية أفضل من المتاحة راهناً وتجنب فرض أي تغيير في التفويض الدولي الممنوح لهذه القوات”، مشيرةً إلى أنّ “المفاوضات جارية بهذا الشأن ولم تتوصل بعد إلى نتائج حاسمة، لكن يبدو أن الاتجاه هو نحو منح تقرير غوتيريش فرصة ومهلة زمنية لتبيان مدى القدرة على تنفيذ مضامينه قبل اتخاذ أي قرار نهائي متعلق بتمويل اليونيفل أو بخفض عديدها”.