“عامرة” كانت جلسة مجلس الوزراء أمس، وقد شهدت أكثر من سجال بين رئيس الحكومة حسان دياب وبعض الوزراء، وبينَ الوزراء أنفسهم. الجلسة التي قررت إعلان حالة الطوارئ في بيروت لمدة 14 يوماً، اعترض فيها وزير الصحة حمد حسن على تسلّم المؤسسة العسكرية المساعدات الطبية، معتبراً أنها مصادرة لصلاحيات الوزارة، ومهدّداً بالخروج إلى الإعلام لتسجيل موقف، لكن دياب تدخّل وشدّد على وجوب عدم الخروج بسجالات إلى العلن. ووقع سجال بين دياب ووزير الصناعة عماد حب الله بشأن إدارة الهيئة العليا للإغاثة. أما في ما يتعلق بمحاسبة المتورطين في جريمة 4 آب، فشدّد حب الله على أن يتوسع التحقيق ليطال كل المسؤولين الذين تعاقبوا على الإدارة والجهات المعنية بالمرفأ. وقد لفتت مصادِر وزارية إلى أن بعض الوزراء سألوا دياب عن حقيقة معرفته بوجود شحنة نيترات الأمونيوم في العنبر الرقم ١٢ وخطورتها، إلا أنه أكد أنه لم تصله أيّ تقارير.
واتخذ مجلس الوزراء قرارات عديدة للتعامل مع تبعات انفجار بيروت، فأقرّ حالة الطوارئ في مدينة بيروت لمدة أسبوعين. وقرر وضع جميع مسؤولي مرفأ بيروت، الذين يشرفون على التخزين والتأمين منذ عام 2014، قيد الإقامة الجبرية، لكن من دون تحديد المسؤولين ومستوياتهم الوظيفية، بانتظار نتائج التحقيق.
وأمر بتأليف لجنة تحقيق إدارية للكشف عن أسباب الانفجار، ورفع النتائج خلال خمسة أيام. وتضم هذه اللجنة التي يرأسها دياب، كلاً من وزراء الدفاع والداخلية والعدل وقائد الجيش والمديرين العامين للأمن العام والأمن الداخلي وأمن الدولة. وكلّف مجلس الوزراء الجيش بإجراء مسح فوري وشامل للأماكن المتضررة، واستحداث أربعة مستشفيات ميدانية. كما قرر إنشاء خلية أزمة لمتابعة تبعات انفجار مرفأ بيروت، وتخصيص اعتماد مالي للمستشفيات لتغطية نفقات علاج الجرحى. وتضمنت قرارات الحكومة دفع تعويضات لعائلات القتلى، وتأمين عمليات الاستيراد عبر موانئ لبنانية أخرى، ووضع آلية جديدة لبيع القمح، وإنشاء صندوق خاص للمساعدات، واتخاذ التدابير اللازمة لإعادة إعمار بيروت.
أما السلطات القضائية فبدأت تحقيقاً في ملابسات الانفجار، وكلف النائب العام لدى محكمة التمييز غسان عويدات الأجهزة الأمنية كافة بالقيام بالاستقصاءات والتحريات. وطلب عويدات من الأجهزة تزويده بكل التقارير المتوفرة لديها، وبأي مراسلات متعلقة بتخزين المواد المتفجرة، وتحديد أسماء المسؤولين عن حفظها وحمايتها والقائمين بأعمال الصيانة في المستودع الذي حصل فيه الانفجار.
دياب نفى معرفته بوجود الحاويات: لم تصلني أيّ تقارير
في سياق آخر، أعلنت المحكمة الخاصة بلبنان تأجيل النطق بالحكم في قضية اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري إلى 18 آب، بعدما كان مقرراً أن تعلنه في السابع من الشهر الجاري. ورأى معارضون لنهج المحكمة في قرارها تأجيل موعد النطق بالحكم إصراراً من قبلها على تسييس عملها، لجهة نيّتها أن يكون لحكمها وقع سياسي كبير على البلد، وأنها لا تريد لجريمة 4 آب أن تخفف من الأثر السياسي للحكم.
ردود فعل على تفجير المرفأ
فيما كرّر البيت الأبيض موقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب لجهة «احتمال أن يكون تفجير بيروت ناجماً عن اعتداء»، رفضت وزارة الدفاع الأميركية التعليق على موقف ترامب. في المقابل، اعتبر مدير دائرة الشؤون الدولية في البرلمان الإيراني أمير حسين عبد اللهيان أن «هناك قوى خارجية مستفيدة من انفجار المرفأ، وقد تكون إسرائيل خلفه، والمواقف السعودية حتى الآن إزاء الحادث غير بنّاءة». ولفت عبد اللهيان الى أن «أميركا هي المنتفع الأكبر من انفجار مرفأ بيروت، لأن تدمير البنية التحتية لأهم المرافئ اللبنانية، الذي يؤمن احتياجات الشعب اللبناني، يساعد في زيادة ضغط العقوبات الأميركية على الشعب اللبناني، والكيان الصهيوني هو الجهة الثانية المنتفعة من الحادث، وقد تكون من يقف وراءه»، فيما أعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو تواصله مع الرئيس دياب، لافتاً إلى أن «بلاده تقف إلى جانب اللبنانيين، ولا تزال ملتزمة بالمساعدة في أعقاب هذا الحدث المرعب».
وقد أعلن رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، في بيان لرؤساء الحكومة السابقين، أن «الواجب يقتضي محاسبة كلّ من يثبت تورطه في عدم اتخاذ الإجراءات الإدارية والقضائية». وشدّد على ضرورة الطلب من الأمم المتحدة أو الجامعة العربية تأليف لجنة تحقيق دولية أو عربية، من قضاة ومحققين يتمتعون بالنزاهة والحرفية والحيادية، لمباشرة مهامهم في كشف ملابسات وأسباب ما جرى».