أكّد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع أننا “انطلاقا من فقداننا الكامل للثقة بالمجموعة الحاكمة، وانطلاقاً من علمنا الأكيد بأنّ هذه المجموعة تتدخّل بالقضاء صعوداً ونزولاً، وانطلاقاً من كون السلطة السياسيّة في لبنان بالإضافة إلى الإدارات القضائيّة والعسكريّة والأمنيّة والإداريّة جميعها في موضع الاتهام، وانطلاقاً من فداحة الكارثة التي وقعت، والأرواح التي زهقت، والأضرار المادية التي حلّت، فإنّنا نطالب، أولاً بلجنة تقصّي حقائق دولية توفدها منظمة الأمم المتحدة في اقرب وقت ممكن سنداً لميثاق الأمم المتحدة، ثانياً إنشاء صندوق دولي لإغاثة المنطقة المنكوبة والقطاعات الإنتاجيّة المتضرّرة في لبنان تحت إشراف الأمم المتحدة مباشرةً لأن لا ثقة لدينا بالسلطات القائمة في الوقت الحاضر في لبنان، ثالثاً تأييد الإجراءات التي باشر بها غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي في موضوع حياد لبنان باعتبار أن هذا هو الحل النهائي والفعلي لكل مشاكله وهذه المشكلة ضمناً، رابعاً دعوة مجلس النواب الى عقد جلسة طارئة وعلنية لاستجواب الحكومة بشأن ملابسات الانفجار، وأسبابه، والمسؤولين عنه وخامساً تسطير العرائض المطلوبة بموضوع التحقيق الدولي”.
وقال جعجع في تصريح له عقب انتهاء اجتماع تكتل “الجمهورية القوية” الذي عقد برئاسته في المقر العام لحزب “القوات اللبنانية” في معراب: “مهما ألحقوا بنا من خسائر وبالرغم من أن الضربة الأخيرة كانت موجعة جداً جداً فنحن لن نستسلم ولن نتعب او نمل أو نكل وإنما سنستمر في المواجهة إلى حين قيام دولة فعليّة قويّة في لبنان كالتي نحلم بها منذ زمن بعيد”.
وتابع: “أدرك تماماً أن عدد كبير من الناس يرزح الآن تحت وطأة الأزمة – النكبة والمأساة التي حلّت بنا منذ يومين حتى الآن إلا أن هذا الأمر لن يجبرنا على التخلي عن بلدنا ووطننا لتركه للغاصبين والمحتلّين والفاسدين وأكلة الجبنة المتصرفين بشؤون البلاد والعباد الأمر الذي أدى إلى ما وصلنا إليه”.
ولفت جعجع إلى أنه “صحيح أن المجموعة المتسلّطة على السلطة الآن وصلت إلى الحكم عن طريق انتخابات إلا أنني في هذا الإطار أودّ أن أذكّر الجميع أن أدولف هيتلر وصل إلى الحكم أيضاً في ألمانيا عن طريق انتخابات. هم وصلوا إلى السلطة إلا أنه يجب ألا ننسى أن هناك مئات الطرق للغش من اجل الوصول فهناك من يصل بالانتخابات بشكل صحيح وهناك من يقوم بعدد لا يحصى من الألاعيب من أجل الوصول وهذا الأخير وصوله بطبيعة الحال ليس بشكل ديموقراطي”.
وشدد على أن “المجموعة المتسلّطة على السلطة تمسك برقابها ورقاب اللبنانيين وأود أن أسألها هل اجتمعت مؤخراً من اجل البحث بما يحصل وما وصلنا إليه؟ هل هناك من أمر بعد لم ترتكبه بحق الشعب اللبناني وإذا ما أردنا فقط أن نستعرض ما حصل منذ 6 أشهر فقط حتى الآن، وسأكتفي فقط بهذا القدر بالرغم من أنني يمكن أن أعود باستعراض أحداث هذه السنة والسنتين والثلاث سنوات السابقة، نجد أنه ليس هناك من أمر سيء لم يحل بنا: الفقر، اقتصاد شبه مشلول، المؤسسات تقفل، المستشفيات تصرف موظفيها، المدارس عمرها مئات السنوات تقفل بربّكم ما الذي لم يحل بنا بعد، مواطنون ينتحرون والناس يعملون جاهدين على الهجرة ولولا جائحة “كورونا” لكنا شهدنا موجهة هجرة هائلة، مضيفاً “والسؤال اليوم إذا ما فتح باب السفر اليوم كم هو عدد المواطنين الذين يبقون هنا في لبنان؟ فهل الممسكين برقاب السلطة لم يروا في لحظة من اللحظات أن كل هذه الأمور تحصل؟ في حين أنه في أي بلد آخر إذا ما حصل أي خطأ صغير كانقطاع التيار الكهربائي في منطقة ما لمدّة لا تفوق الساعتين او إذا ما توفى مريض واحد في مستشفى نجد ان حكومات تستقيل بأكملها ورؤساء جمهوريّة يستقيلون فيما عندنا يجلس المسؤولون على كراسيهم وكأن شيئاً لم يكن”.
وتابع جعجع: “ما هو الأمر الذي لم يحل بنا بعد؟ هل هو التصنيف الائتماني؟ لقد وصلنا إلى أدنى درجة ممكن في هذا التصنيف وأسوأ من ذلك موقعنا في التصنيف السياسي حيث لبنان للمرّة الأولى بتاريخه يصنّف على أنه دولة مارقة فاشلة وليس هناك من مستوى أدنى من الذي وصلنا له على كل المستويات وبالرغم من كل ذلك تستمر المجموعة الحاكمة بحكمها سعيدةً ولا تدرك ما هو حاصل حيث أن أركانها إزاء كارثة مهولة كالتي وقعت البارحة جل ما يقومون به هو الجولات التفقدية إلا أن ردّات فعل الناس كانت معبّرة جداً ولو كنت في مكان هؤلاء الناس لقمت بردّة فعل أكبر من التي قاموا بها ولو لم أكن مسؤولاً لقمت بردّة فعل أكبر من ذلك بكثير. المستفز أنهم يقومون بالجولات التفقديّة وكأن شيئاً لم يكن. هل هناك من بلد عاش وضعاً كالوضعيّة التي نعيش بها اليوم في الكون أجمع؟”.
وأشار إلى أن “هناك من يحاول تقزيم هذه الأزمة – المحنة – الكارثة – المصيبة بالقول كما تقول الحكومة اليوم أنها مجرّد قضيّة إهمال وكأن امين المستودع في المرفأ قد نسي المفتاح او نسي ما يتم تخزينه فيه ولم ينتبه او أن فلان قال لعلتان والمعاملة لم تصل، إلا أنه إذا ما أردنا أن نسلّم جدلاً فقط لضرورات البحث بان القضيّة ما بين إدارة المرفأ وإدارة الجمارك او أي إدارة مدنيّة أو عسكريّة او أمنيّة أخرى في البلد فهذا يعني أن الحق يقع على السلطة السياسيّة بالدرجة الأولى وسأقول لماذا، لأن الرئيس الشهيد الشيخ بشير الجميّل وصل إلى سدّة المسؤوليّة وقبل أن يستلم الحكم استقامت الإدارة بشكل تلقائي منذ انتخابه رئيساً لأنه كيف يكون رب البيت يكون جميع الآخرين، باعتبار أنه مناخ يفرض نفسه، فعندما يكون المناخ على مستوى السلطة السياسيّة مناخ فلتان وفساد وخيانة واستزلام والضرب بعرض الحائط بمصالح الناس عندها يجب ألا نتفاجأ أن تكون القضيّة قضيّة إهمال وإذا ما صحّ هذا الأمر فعندها تكون المسؤولية تقع بالدرجة الأولى على السلطة السياسيّة التي أباحت هذا المناخ والتي لم يرها في أي يوم من الأيام أي موظف أو إدارة تتصرّف بكل مسؤوليّة واستقامة وضمير وضنانة وانتباه على مصالح البلاد والعباد لذا من الحرام أن نقوم اليوم بمحاكمة مدير عام من هنا أو موظف من هناك وإنما يجب أن نذهب لمحاكمة السلطة السياسيّة المسؤولة أولاً وأخيراً”.
وأوضح جعجع أننا “لسنا مع الرأي القائل بأن ما حصل مجرّد قضيّة إهمال إلا أنه بطبيعة الحال لا يمكن أن نحكم على الأمور قبل أوانها ويجب أن ننتظر صدور نتائج التحقيق، وانا كنت قد توقفت عند هذه النقطة لضرورات البحث وتبيان المسؤوليّات الفعليّة إلا انني أسأل هل هناك من أحد في عرف الكون كلّه يضع 2750 طن من المواد القابلة للتفجير في مدينة مرفأ مليء ببضائع الناس والتجار والصناعيين وأرباب العمل الذي جراء هذه الكارثة قد “خربت بيوتن أكثر ما كانت خربانة”؟ فالمجموعة الحاكمة قامت بإفقار الناس جراء العجز التي أوقعت الدولة به وعادت لتقوم بالإنهاء على كل ما تبقى لدى الناس وعلى مدخراتهم وحتى رتّبت عليهم الديون من جراء الانفجار الذي وقع”.
ورأى جعجع أن “السؤال الأساسي الذي يطرح نفسه هو أن كل العالم يجمع على واقعة واحدة في التحقيق والتي لا تحتاج أي تحقيق أساساً وهي أن هناك 2750 طن من المواد القابلة للتفجير موجودة في مرفأ بيروت منذ 6 سنوات، فهل هناك من يمكنه أن يصدّق أنها هناك جراء الإهمال؟ من الممكن ان ينسى أمر وجودها هناك موظف ما أو مدير عام أو من هو أعلى من المدير العام لمدّة أسبوع أو أسبوعين أو شهر أو شهرين أو ثلاثة او 6 أشهر أو سنة ولكن هل من الممكن أن ينسى أمرها لست سنوات خصوصاً وأنه بالاستناد إلى ما تبيّن حتى الآن هناك مراسلات عدّة بشأنها؟ بالطبع الجواب المنطقي الوحيد هو لا، لذا فالاستنتاج الأولي لدينا والذي يبقى مربوطاً بنتائج التحقيق الجدي الذي سيحصل، هو أن هذه المواد تركت في المكان الذي انفجرت فيه عن سابق تصوّر وتصميم لأن هناك من هو بحاجة لها أو من الممكن أن يصبح بحاجة لها أو أنه سيحتاجها لاحقاً ولهذه الحاجة تم تركها في مكانها من دون الأخذ بعين الاعتبار لا المرفأ ولا الناس ولا رجال الأعمال ولا البضائع ولا أهالي بيروت ولا بيروت ولا لبنان بأكمله كما هو حاصل في قضايا أخرى، حيث تأتي مصالح الشعب اللبناني في المرحلة 17 أو 18 وتتقدّمها مصالح من هم أبعد من ذلك أي مصالح الأمة ككل”.
وكان قد استهل الاجتماع بالوقوف دقيقة صمت على روح جميع الشهداء الذي سقطوا جراء الانفجار في مرفأ بيروت.