كتبت زينة طبّارة في “الانباء الكويتية”:
بعناية إلهية لا ريب فيها ولد جورج بصحة جيدة، لكن المفارقة انه ولد في بلد مريض تستنزفه الازمات والمآسي على كل المستويات، وتدمي شعبه محطات امنية يندى لها الجبين، باكيا خرج من رحم امه، وكان ذلك في مستشفى مار جاورجيوس للروم الارثوذوكس في الاشرفية، حيث شاء القدر ان تتزامن ولادته مع الانفجار «الهيروشيمي» الغامض في مرفأ بيروت عصر يوم «الثلاثاء الاسود».
«الأنباء» تواصلت مع الوالدة المحامية ايمانويل لطيف خنيصر التي روت تفاصيل خروج جورج الى الحياة، فقالت: ما ان ادخلوني الى غرفة التوليد حتى دوى انفجار مهيب، حسبنا للوهلة الاولى انه داخل المستشفى، وبسرعة فاقت سرعة طرفة العين تغيرت معالم الغرفة، حطام وركام وزجاج متناثر فوق الجميع، وجرح بليغ في رأس طبيبة استوجب نقلها الى قسم الطوارئ الذي لم يكن اقل دمارا من باقي الاقسام في المستشفى، رعب وصراخ داخل وخارج الحرم، واصوات الاستغاثة والبكاء والنحيب تأتينا من كل مكان، وما عادت نظرات الناس وتعابير وجوههم في تلك اللحظة توحي لي اني بأمان، لكن سرعان ما استعاد الفريق الطبي وعلى رأسه طبيب التوليد البروفيسور إيلي انستبيادس رباطة جأشه فشرع بنفض الزجاج والغبار عني تمهيدا للولادة، واذ بالتيار الكهربائي ينقطع في تلك اللحظة ليزيد الامر تعقيدا وخوفا، لكن البروفيسور انستبيادس رفض الاستسلام وترك المولود لمصيره، فبادر الى اشعال مصباح هاتفه متكلا على العناية الإلهية التي رافقت خبرته وكفاءته المثالية ومكنته من اخراج جورج الى الحياة.
هنا وبعد ان اطمأن الفريق الطبي على صحتي وصحة ابني انزلوني على الدرج الذي غطى الحطام طبقاته الى بهو المستشفى، حيث وجدت عددا كبيرا من الجرحى والناس تصرخ وتبكي وتنتحب، ومن البهو الى سيارة الاسعاف التي اقلتني الى مستشفى ابو جودة في جل الديب على بعد 8 كلم من بيروت، حيث اتلقى الآن العناية الطبية اللازمة بانتظار قرار الطبيب بالخروج. وختمت ايمانويل كلامها بالطلب من المسؤولين في لبنان مصارحة الناس بما جرى في المرفأ ولماذا حصل الانفجار المشؤوم؟