شكلت تغريدة وزيرة العدل ماري كلود نجم التي تعهدت فيها كشف الحقيقة للبنانيين، على اعتبار أن هذا حقهم بعد الفاجعة التي ألمت بهم، متعهدة طلب الاستعانة بخبراء دوليين للمشاركة في التحقيقات في الفاجعة المروعة، مفاجأة بكل ما تحمله الكلمة من المعاني السياسية. بذلك، انضمت نجم، الوزيرة المعنية أولا بالمسار القضائي لمرحلة ما بعد 4 آب 2020 ، إلى المعارضة المطالبة بتحقيق دولي يضع النقاط على الحروف، عل أهل الشهداء والجرحى يجدون في هذه الخطوة بعضا من العزاء.
على أن الأهم يكمن في أن المطالبين بالتحقيق الدولي في الجريمة تلقوا جرعتي دعم أساسيتين في أقل من 24 ساعة، حيث أن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون أبدى، من بيروت، تأييده لاجراء تحقيق دولي في القضية، لمنع “إخفاء الحقائق وقطع الطريق على الشكوك”، وأخرى من مفتي الجمهورية الشيخ عيد اللطيف دريان الذي طالب بتحقيق شامل وشفاف، لا بمجرد “تحقيق إداري يفصل على القياس”. في المقابل، ليس في الصورة ما يشي بأن أركان الحكم والحكومة مستعدون للسير في هذا الخيار، ما خلا المساعدة ذات الطابع التقني، كما قال المستشار الرئاسي سليم جريصاتي، على اعتبار أن في ذلك تكرارا لتجربة التحقيق الدولي في اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، حيث أن بعض المناوئين للحريرية السياسية يشكون تمييع التحقيق وطمس الحقائق.
لكن، ما بين الموقفين، دخلت فرنسا على الخط من خلال فتح تحقيق في الجريمة لأن بين ضحاياها 21 شخصا من حملة الجنسية الفرنسية. لكن هذا لا يعني، على ما تشير مصادر قانونية عبر “المركزية” أن القضية تتجه حكما إلى التحقيق الدولي. ذلك أن القانون الفرنسي يجيز للنيابة العامة التحرك في إطار أي جريمة تستهدف مواطنين فرنسيين، وإن وقعت خارج البلاد.
وأبعد من ذلك، تلفت المصادر إلى أن فتح تحقيق دولي يستدعي أن تطلب الحكومة اللبنانية ذلك من الجهات الدولية المعنية، أو أن يبادر مجلس الأمن الدولي إلى خطوة من هذا النوع تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، تماما كما حصل في 2007 عندما أنشأت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان تحت هذا الفصل، ذي الطابع الملزم.
غير أن المصادر تستبعد أن تبادر الحكومة إلى اتخاذ قرار من هذا النوع، فيما يطلق بعض أركانها الاشارات السلبية تجاه المجتمع الدولي، كما فعل رئيسها حسان دياب بهجومه على وزير الخارجية الفرنسي جان-ايف لودريان، منبهة إلى أن أحدا في لبنان لا يمكن أن يتحمل نتائج تحقيق دولي قد ينتهي إلى أن مواد محظورة أو خطرة كانت مخزنة في المرفأ، وأن المسؤولين على علم بها، لذلك قد لا يذهب مجلس الأمن، في ضوء التردد الحكومي، إلى فرض التحقيق الدولي على لبنان.