كتبت ايفا ابي حيدر في “الجمهورية”:
يتكشّف يوماً بعد يوم هول الفاجعة التي أصابت لبنان وحجم الاضرار التي لحقت بالممتلكات، فالمواطنون لا يزالون في مرحلة رفع الزجاج والركام وإعادة ترتيب المنزل، ولم ينتقلوا بعد الى مرحلة دفع الاكلاف والحاجات الفعلية لإعادة تصليح وبناء ما تهدّم، حيث هناك حاجة كبيرة لمادتي الزجاج والالمنيوم. فهل الصناعة اللبنانية قادرة على تلبية الطلب؟ وما أبرز التحديات؟
بينما يُلملم المتضررون ارزاقهم عن الأرض ويحاولون بالقليل المتوفر ترميم منازلهم قبل ان يغدرهم فصل الشتاء، بدأت الشكاوى ترتفع تجاه استغلال بعض التجار وجع المواطنين لرفع أسعار الزجاج والالمنيوم. صدى هذه الصرخة وصل أمس الى وزير الصناعة عماد حب الله الذي بعث برسالة الى المدير العام للاقتصاد محمد أبو حيدر يطلب فيها تأمين هاتين المادتين، ودعوة المعنيين للبَت بقضايا الأسعار.
وللغاية، من المتوقع ان يعقد الاثنين المقبل اجتماع في وزارة الاقتصاد يحضره الصناعيون والتجار المختصون بهاتين المادتين للبَت في قضية الأسعار، وسبل المحافظة على ما كانت عليه في السابق.
وفي السياق، قال حب الله لـ«الجمهورية»: تلقيتُ شكاوى اليوم (أمس) عن أنّ أسعار الزجاج والألمنيوم بدأت ترتفع، لذا طالبت بعقد هذا الاجتماع الذي سيجمع تجاراً ومصنعي الزجاج والألومنيوم من اجل ضبط الأسعار في السوق وتأمين احتياجات البلد منها، بعدما زاد الطلب عليها نتيجة الانفجار الذي حصل.
وعمّا اذا كان هناك توجّه للطلب من البنك المركزي فتح اعتمادات لشراء مواد أولية لتصنيع الزجاج والالمنيوم وفق السعر الرسمي، قال: سنقوم بكل ما يلزم لتأمين هاتين المادتين بأسعار مقبولة، كما سنقوم بكل ما يجب فعله لتحقيق هذه الغاية.
من جهته، أكد المدير العام لوزير الاقتصاد محمد ابو حيدر لـ«الجمهورية» انّ صرخة وشكاوى الناس عن ارتفاع اسعار الزجاج والالمنيوم وصلتنا اليوم، وانّ وزيري الصناعة والاقتصاد يتابعان هذا الموضوع، وسيعقد اجتماع قريب مع الجهات المختصة لتحديد آلية عمل في هذا المجال.
الزجاج المتوافر غير كاف
مع استيعاب الفاجعة ولملمة الاضرار بدأت مرحلة التصليح والترميم، والزجاج المتناثر في كل شوارع بيروت لا بد من استبداله بألواح خشبية او زجاجية أخرى، فهل في السوق المحلي ما يكفي لتلبية الطلب؟
يؤكد صاحب أحد مصانع الزجاج مازن ريشاني انّ المخزون المتوفر اليوم لا يكفي حاجة السوق لأنّ الضرر كبير جداً، لكنه أشار الى انه بعد الكارثة التي حَلّت ببيروت تَحرّك التجار والصناعيون وأعدوا طلبيات لاستيراد الزجاج او المواد الأولية الأساسية التي نحتاجها لصناعة الزجاج، ومن المتوقع ان تصل البضاعة خلال 3 أسابيع. وأكد لـ»الجمهورية» انه لن يكون هناك انقطاع للزجاج في السوق، إذ يمكن تلبية حاجة السوق بالمتوفّر حالياً، وريثما ينتهي اللبنانيون من تنظيف منازلهم وتقدير الخسائر وتحديد حاجتهم تكون المواد الأولية قد وصلت من الخارج وجرى تصنيعها وتركيبها.
وقال: لا يمكن إحصاء حاجة السوق اليوم بالأمتار، إنما على سبيل المثال نعمل اليوم على تغيير واجهات 16 برجاً في الاشرفية وحدها، حيث الأضرار جسيمة اذ هناك ما لا يقل عن 50% من واجهات هذه الأبراج مكسورة بالكامل وبعضها الآخر متضرر. ولفت الى انّ نوع الزجاج المستعمل في هذ الأبراج لا يمكن تخزينه لفترة طويلة لأنه مقيّد بفترة صلاحية معينة، لذا يتم استيراده حسب الطلب.
أما عن الأسعار فيقول ريشاني: طلبنا من التجار الذين نتعامل معهم في الخارج منذ زمن أن يراعونا بالأسعار، لذا وتحسّساً مع اللبنانيين في ظل هذه الأوضاع الصعبة، قرروا حسم أرباحهم والاكتفاء بالتسعير وفق سعر الكلفة. ومن جانبنا أيضاً نحاول التسعير وفق سعر الكلفة، فطلبنا من زبائننا ان يدفعوا كلفة المستوردات بالدولار، امّا كلفة التصنيع واليد العاملة والضريبة على القيمة المضافة فستُسعَّر بالليرة اللبنانية. وأشار ريشاني الى انّ مطلبنا الوحيد تجاه هذه الأزمة السماح لنا بفتح اعتمادات في المصارف اللبنانية لشراء المواد الأولية للزجاج وفق السعر الرسمي، فبهذه الحالة تخفّض الكلفة على المواطن اللبناني ويدفع ثمن التصليحات بالكامل بالليرة اللبنانية، وبهذه الحالة تستعمل أموال المودعين العالقة في المصارف اللبنانية من اجل دفع تكاليف إصلاح منازلهم.
ورداً على سؤال، أكد ريشاني انه من الصعب جداً تقدير كلفة الخسائر، خصوصاً وانه الى جانب الزجاج هناك خسائر في بنيان المباني، لكنّ الأكيد انّ الاضرار تفوق الخيال.
آلاف الشقق تحتاج الألمنيوم
من جهة اخرى، يقول مدير عام معمل «سيدم» للألمنيوم كمال يمين لـ«الجمهورية» انه لا يزال من الصعب تحديد حاجة السوق من الالمنيوم نتيجة الانفجار الذي حصل، ونحن في انتظار البيانات الرسمية حول تقدير حجم الاضرار لنبني على أساسها حاجة السوق اللبناني منه في أعمال التصليحات، لكن الاكيد انّ هناك آلاف الشقق التي تحتاج الى الالمنيوم والزجاج والفرش والأدوات المنزلية.
وأكد يمين انّ الصناعة اللبنانية قادرة على تلبية حاجة السوق، لكننا نحتاج الى استيراد مواد أولية ضرورية للتصنيع. وفي السياق طالب يمين المصرف المركزي بتوسيع مجالات فتح الاعتمادات وفق السعر الرسمي لتطاول المواد الأولية لتصنيع الالمنيوم، لافتاً الى انه سيلتقي للغاية وزير الصناعة عماد حب الله يوم الاثنين المقبل.
واعتبر يمين انّ الخطوة الأساسية اليوم تتركّز حول تمكين المواطنين من ترميم منازلهم، وتوفير ما يحتاجونه من زجاج وألمنيوم واخشاب للابواب والنوافد قبل بدء فصل الشتاء، مقدّراً أن تحتاج ورشة الإصلاحات هذه اكثر من شهرين على اقل تقدير. فالمواطنون يعملون اليوم على تنظيف منازلهم من الردم والزجاج المكسّر واستبدال الأبواب المخلعة والتوريق… على ان تأتي مرحلة الالمنيوم لاحقاً. ونحن خلال هذه الفترة نكون قد استلمنا المواد الأولية وقمنا بتصنيعها وتوفيرها للبنانيين. كما طمأن الى انّ المواد الأولية المتوفرة حالياً في المصنع تُجهّز اعتباراً من الاثنين لتلبية حاجة السوق لمدة تتراوح ما بين الشهر والشهرين.